قال لى الرئيس جمال عبد الناصر:
«مهمتك هى تمهيد المناخ الثقافى لإعادة صياغة الوجدان المصرى! وتذكر أن بناء المصانع سهل..
ولكن بناء الإنسان صعب جدا !!»
من مذكرات د. ثروت عكاشة
• • •
الثامن من أكتوبر 1958
«لم يكد يحل المساء.. حتى كنت فى رفقة زوجتى نشغل مقعدين فى الصفوف الأولى من دار الأوبرا بروما، كى لا تفوتنا لفتة أو همسة تبدو من المغنى الموهوب «بوريس كريستوف» الذى كان يقدم أوبرا «دوريس جودفون».
وظلت الألحان تتردد فى وجداننا بعد انتهاء العرض، حتى امتدت يدى إلى مفتاح جهاز الراديو لأستمع كالعادة إلى نشرة أخبار الحادية عشرة من إذاعة القاهرة، فإذا بالخبر الأول الذى يحمل مفاجأة مذهلة!
فقد كانت القاهرة تذيع قرار تشكيل حكومة جديدة تضم بين أعضائها اسمى وزيرا للثقافة والإرشاد القومى!
كانت تلك الكلمات البسيطه على لسان رجل النهضة الفنية والثقافية الحقيقيه فى تاريخ مصر المعاصر.
ولا يمكن أن أستطيع أن أذكر معنى مفرد كلمة النهضة..
دونما أن أذكر صاحب الاسم الأعظم والمقرون بها فى تاريخ مصر والوطن العربى.. الدكتور ثروت عكاشه.. ولنا مع هذه الشخصية العظيمة والنادرة وقفات طويلة.
ولكن فى حينها..
• • •
التعريف
«النَّهْضَة» فى أحد تعريفاتها أنها ..
الطَّاقةُ والقُوَّة
وفى تعريفاتها الأخرى.. النهضة هي «الوثبةُ»
وفى القرن الرابع عشر، بدأ الغرب الأوروبى يشهد ثورة ثقافية عرفت باسم عصرالنهضة، أو إعادة الميلاد أو الانبعاث.
• • •
كان هذا هو التعريف اللفظى لمعانى كلمة «النهضة»، والتى اخترتها فى هذه المقالة بعدما عرفنا معانى الثقافه و الفن واللغة و السينما فى المقالات السابقه..
لتكون هى على قمة هذا الهرم من التعريفات..
كان ذلك مقصدى منذ بدايه أول حرف كتبته فى تلك السلسلة من المقالات.بالإضافة إلى فكرتى الأساسية فى إعادة التعريف بالمفردات التى تغيرت وتبدلت معانيها عبر خليط الأزمنة الماضية المضغوطة والضاغطة..
ليس فقط فى مصر وعالمنا العربى، بل فى العالم أجمع..
فمن المؤكد عندما يلجأ صانع سينما فى كتابة مقالات صحفية، لن يكون ذلك طمعا فى زيادة رصيده من الشهرة أو الدخل المادى..
وإنما من المؤكد أنه نابع من آثار الخبرات التى شكلت حياته وأثرت فيه.. وربما كوثيقة تسجيلية.. بشهادة من أحد أبناء المهنة لأحوال الفن فى عصرنا..
متمنيًا أن تفيد الباحثين أو الدارسين فيما بعد.
• • •
وأعود لاختيارى لمفردة «النهضة»، حيث الوثبة أو القفزة.. التى أطمح فيها بجنون العاشق للفنون و الثقافة المصرية.
الوثبه.. التى افتقدناها وتاهت عبر العقود الماضية.
إعادة الميلاد.. التى ستخلصنا من أشباح دفع فاتورة العقود القليلة الماضية!
من كوابيس العوالم المتأهبة والمتربصة بمستقبلنا فى الظلام!
البعث من جديد.. إعادة الروح...
لنهضتنا السابقة..
وتاريخنا القديم المنير الذى أضاء العالم ولايزال!
وأتساءل دائما كلما نظرت لما نحن فيه من آثار ما مضى
وأتعجب!
وأنا لا أدرى كيف مضت أمام أعيننا انهيارات الشخصية المصرية وهويتها..
ونحن لا حول لنا ولا قوة.. وكأننا مسحورون!
تاه عقل الإنسان المصرى!
وذهب وعيه!
كيف سرق منا كل ذلك ونحن
لسنا فى غفلة من أمرنا؟!
لقد شاهدنا كل شىء..
ولكننا لم نقدر على فعل أى شىء!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة