يمر مارك زوكربيرج الرئيس التنفيذى لشركة فيس بوك هذه الأيام بفترات عصيبة، خاصة فى ظل ما تواجهه شبكة التواصل الاجتماعى الأكبر فى العالم من تدقيقات ومساءلات تحيط بها من العديد من الجوانب، بداية من التحقيقات حول عملتها الرقمية ليبرا، وصولا إلى تحقيقات مكافحة الاحتكار، وهو الأمر الذى يعرضها للغرامات فى الكثير من الأحيان، والتى كان آخرها فى أيرلندا.
لماذا تعاقب أوروبا فيس بوك وتويتر؟
كشف تقرير حديث أن كلا من فيس بوك وتويتر قد يدفعان مليارات الدولارات كغرامات نتيجة للتحقيقات التى تجرى معهما فى أيرلندا، وبحسب التقرير، فإن أحد كبار مسئولى الخصوصية فى الاتحاد الأوروبى على وشك اتخاذ قرارات تتعلق بعقوبات على تويتر وواتس آب المملوك لفيس بوك، وذلك بموجب "قانون الخصوصية الجديد للكتلة" الخاص بأيرلندا.
من جهتها قالت لجنة حماية البيانات الأيرلندية والتى تعرف اختصارا (DPC) وهى الهيئة التى تقوم بالإشراف على التزام شركة "فيس بوك" بالقانون الأوروبى أن وحدة التحقيق أكملت تحقيقاتها فى حالتين من الحالات التى تتعلق بفيس بوك وتويتر بشأن الانتهاكات المحتملة لقواعد خصوصية بيانات الاتحاد الأوروبى.
ولعل السبب فى هذه الغرامات المفروضة على فيس بوك وتويتر، هو أن الاتحاد الأوربى يبحث ما إذا كان واتس آب المملوك لفيس بوك قد وفر معلومات كافية للمستخدمين وغير المستخدمين حول كيفية مشاركة البيانات، خاصة مع قطاعات فيس بوك الأخرى.
فى حين تبحث قضية تويتر فيما إذا كانت الشركة قد امتثلت لالتزامات الإخطار الخاصة بخرق البيانات الشخصية الذى كشفت عنه الشركة للجهة المنظمة فى شهر يناير.
وأوضح "جراهام دويل"، رئيس الاتصالات فى لجنة حماية البيانات فى أيرلندا أن التحقيقات تنتقل إلى مرحلة صنع القرار، فيما تستعد "هيلين ديكسون" مفوضة حماية البيانات الأيرلندية، لإصدار مشاريع القانون والتوصيات الدقيقة المحتملة، والتى من المتوقع أن تأتى فى نهاية العام.
وأشار التقرير إلى أن هذه القرارت تعتبر الأولى بالنسبة لأيرلندا، والتى تتعلق بالشركات الأميركية متعددة الجنسيات، وذلك منذ تفعيل قانون خصوصية البيانات فى أوروبا فى مايو 2018، والذى يطلق عليه اسم اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR)
ما هو نظام (GDPR) ؟
يعرف بـ "النظام الأوروبى العام لحماية البيانات"، وهو نظام فى قانون الاتحاد الأوروبى يختص بحماية البيانات والخصوصية لجميع الأفراد داخل الاتحاد الأوروبى، فهو يتيح لجميع مواطنى الاتحاد الأوروبى مزيد من التحكم فى بياناتهم الشخصية وكيفية جمعها واستخدامها فى جميع أنحاء العالم، بالإضافة إلى الاعتراض على طريقة جمع البيانات والمطالبة بتعويض عند استخدامها بشكل غير قانونى.
العقوبات التى ستفرض على فيس بوك
ومن المنتظر أن تحدد " ديكسون" العقوبة التى سيتم فرضها على أى شركة لانتهاكها قواعد خصوصية البيانات، ويمكن تغريم الشركات بنسبة تصل إلى 4 % من العائدات السنوية العالمية لمخالفتها قانون خصوصية البيانات فى أوروبا.
ويعنى ذلك بالنسبة لفيس بوك غرامة قدرها أكثر من 2 مليار دولار بناءً على إيرادات العام المالى 2018، بينما قد تواجه تويتر غرامات قصوى تبلغ 2% من إيراداتها السنوية على مستوى العالم، أو 61 مليون دولار، بناءً على إيرادات عام 2018.
أزمة مشاركة بيانات واتس آب مع فيس بوك
كانت البداية عقب استحواذ فيس بوك على تطبيق واتس آب فى 2014، مقابل 19 مليار دولار، حيث أبدى رغبته فى مشاركة تطبيق "واتس آب" بيانات مستخدميه مع الشبكة الاجتماعية، وهو الأمر الذى أثار حينها مخاوف الاتحاد الأوربى، حيث حذرت المفوضية الأوربية المشرفين على تطبيق "واتس آب" من هذه الخطوة.
كما طلبت من إدارة "واتس آب" وقف عملية مشاركة البيانات حتى يتسنى التأكد من عدم وجود خرقا لقواعد الخصوصية الأوروبية، فيما ردت إدارة "واتس آب"، قائلة إنها تتعاون مع المؤسسة الأوربية للتعاطى مع تلك المخاوف.
وكان فيس بوك يسعى لهذه الخطوة منذ البداية، إذ كشف أنه يرغب فى مشاركة المزيد من معلومات وبيانات واتس آب مع فيس بوك، مبررا ذلك بأن الأمر سيسمح باقتراح انضمام قائمة الأصدقاء على "فيس بوك" إلى قائمة أصدقاء محتملين فى "واتس آب"، لكن الكثير من المستخدمين رأوا أن هذه الخطوة هى انتهاك واضح لخصوصيتهم، حيث يمكن لفيس بوك الاستفادة من بياناتهم على واتس آب لوضعها على فيس بوك والعكس.
كيف تؤثر مشاركة بيانات واتس آب مع فيس بوك على المستخدمين؟
واجه تطبيق WhatsApp المملوك لشركة "فيس بوك" انتقادات واسعة بسبب مشاركة المعلومات مع الشركة الأم، ورد واتس آب على هذا بالقول أنه يجمع "بيانات قليلة جدًا" لمستخدميه و "كل رسالة يتم تشفيرها"، لكن لو نظرنا للأمر نجد أن هناك العديد من المخاطر، ففى البداية هناك مخاطر من تعرض فيس بوك للإختراق وهو الامر الذى حدث قبل ذلك أكثر من مرة، وكان من ضمنها فضيحة "كامبريدج أنالتيكا"، والتى تم تسريب بينات مستخدمى واتس آب ضمنها.
وعلى الجانب الأخر نجد هناك مخاطر تتعلق ببييع فيس بوك لبيانات المستخدمين للمعلنين، الأمر الذى لا يحافظ على خصوصية المستخدمين على الإطلاق، فضلا عن إنتهاك الخصوصية الذى قد يتعرض له المستخدم عند التوصل إلى بيانات واتس آب الخاصة به عبر فيس بوك والربط بينهم.
الولايات المتحدة تستكمل الطريق
وفى نفس الوقت، كشف تقرير جديد أن فيس بوك قد يدفع 40 مليون دولار كتسوية لقضية مرفوعة على الشبكة فى الولايات المتحدة تتهمه بخداع المعلنين، وبحسب موقع TOI الهندى، فقد أقام المعلنون دعوى قضائية ضد الشبكة الاجتماعية بسبب المبالغة فى تقدير قياسات مشاهدة الفيديو على مدى فترة 18 شهرًا من 2015 إلى 2016 ، مما دفع المعلنين إلى دفع مبالغ إضافية مقابل إعلانات الفيديو بناءً على البيانات المتضخمة.
وقد بدأت المعركة القانونية فى عام 2016، ووفقًا للشركة ، اكتشفت المشكلة قبل شهر واحد فقط من طرحها على الجمهور، وذكر التقرير أن "العملاق التكنولوجى لم يحصر سوى عدد مرات مشاهدة الفيديو التى استمرت ثلاث ثوان على الأقل، متجاهلاً تلك التى استغرقت فترات زمنية أطول ودفع بشكل مصطنع متوسط طول المشاهدة أعلى".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة