يواصل الرئيس التركى أردوغان إشعال المنطقة، مستكملا سيرة قديمة لأجداده العثمانيين الذين عملوا طوال قرون طويلة على حرق البلاد والعباد وإفساد الأرض، فقد أفادت قناة العربية، نقلا عن وكالة سبوتنيك، أن آليات ومدرعات تركية دخلت من بوابة جرابلس باتجاه ريف منبج بسوريا، وأن طائرات بدون طيار دخلت من الحدود العراقية وقصفت مواقع فى شرق سوريا.
وما يريده أردوغان وجنوده مواصلة المعاناة السورية، لأنه يعلم أن التوترات فى دول الجوار يثير الرعب لدى شعبه فيتغاضى عن الحالة الاقتصادية المتردية التى وصلت إليها البلاد، كما أنه يلعب على وتر احتلال الآخرين، مثيرا فى النفوس المريضة رغبات قديمة كان العثمانيون فيها يحتلون الأرض ويغتصبون الحقوق.
دخل الإسلام إلى سوريا على يد خالد بن الوليد فى العام 637، وتألقت المدن السورية حتى أن حلب كانت حاضرة إسلامية مهمة فى زمن الدولة الحمدانية فى العام 944.
وبعد الحمدانيين دخلت حلب فى صراع بين السلاجقة المسلمين والبيزنطيين المسيحيين، لتخضع فى العام 1183 لحكم صلاح الدين الأيوبى، لكن هذا الاستقرار لم يدم طويلاً، فدخلها المغول بقيادة هولاكو فى 1260، وتم قصفها 6 أيام متواصلة، وذُبح سكانها بوحشية.
المصريون يهزمون المغول ويحمون الشام
لكن المماليك استعادوا البلدان السورية بعد انتصارهم الشهير فى موقعة "عين جالوت"، وظل الأمر حتى سقطت المدن تحت السيطرة العثمانية بعد عام 1516 بعدما تفوق السلطان سليم الأول على دولة المماليك فى مصر والشام، مفتعلا أزمة مع إمارة ذى القادر التركمانية شمال سورية، جعلها مبررا للتحرك نحو حلب ودمشق ومنها إلى القاهرة، وعندما صارت بلاد الشام مفتوحة أمام جيوش سليم الأول أعمل فيها النهب والقتل.
تاريخ العثمانيين يبدأ بـ الدم
أما عن تاريخ معاناة الأرض السورية على يد الدولة العثمانية فقد سجلته الكتب وأيده المؤرخون، تقول الكتب إن العثمانيين رغم أنهم تسلموا "حلب" دون قتال لكنها لم تسلم من وحشيتهم، فقد أعدم سليم الأول 800 شخص من المماليك والأهالى فى يوم واحد، وكان من بين الضحايا شيخ الطريقة الصوفية الأحمدية، خليفة القطب أحمد البدوي، كما حرض فرق الإنكشارية على ترويع الآمنين من الأهالى العزل.
بينما كان اختفاء السلطان لأيام داخل خيمته المنصوبة خارج حلب، بمثابة إشارة للجنود لتنفيذ أعمال النهب والقتل العشوائى فى ضواحى المدينة العتيقة، وفرصة للمجاهرة بالمعاصى أمام الناس وفق المؤرخ ابن إياس الذى رصد تناولهم للطعام وشرب الخمور وتعاطى الحشيش أثناء نهار رمضان.
وفى غوطة دمشق ارتكب العثمانيون مذبحة واسعة راح ضحيتها 10 آلاف من المدنيين العزل بينهم المئات من الأطفال، وفق ابن إياس الذى قارن المجزرة العثمانية بسابقتها فى المنطقة نفسها قبل 100 عام على يد الغازى الأوزبكى تيمورلنك، قائلا: "فعل (ابن سوار) قائد الجيش العثمانى بأهل ضياع الشام أضعاف ما فعله تيمورلنك، من قتل ونهب وسبى وحرق الضياع، وقتل تحت أرجل الخيل ما لا ينحصر".
الصراعات الطائفية
أشعل العثمانيون الصراعات الطائفية التى تظهر فى سوريا، فى البداية، على شكل حوادث صغيرة متفرقة فى مناطق تواجد المسيحيين، ففى عام 1840، قُتِل قسيساً كاثوليكياً فى دمشق واتهمت السلطات العثمانية اليهود بقتله فى أحد طقوسهم الدينية، واعتقلت 13 يهودياً حيث مات منهم 4 تحت التعذيب قبل أن تفرج عن البقية تحت ضغط البريطانيين.
وفى عام 1950 ولأول مرة فى تاريخ مدينة حلب، هجمت جموع من أغلبية المدينة المسلمة على مسيحييها الأغنياء وقتلت منهم العشرات وجرحت المئات. لكن أشد الخلافات كانت فى جبل لبنان، حيث كانت الأمور تغلى على نار هادئة بين الدروز المعارضين والموارنة إلى أن ظهرت إلى العلن.
مجزرة 1860
بدأت حرب الجبل فى 1860 على شكل ثورة شعبية قام بها الفلاحون الموارنة ضد إقطاعييهم الدروز، لكنها تحولت تدريجياً إلى حرب طائفية بين الموارنة والدروز، وفى فترة ثلاثة أسابيع فقط قامت القوات الدرزية، وبتشجيع من العثمانيين، بحملة إبادة كاملة ضد مسيحيى الجبل والبقاع، فارتكبت المجازر فى حوالى 200 – 380 قرية، من أشهرها مجازر دير القمر وجزين وراشيا وحاصبيا وزحلة. وقتل على أثرها ما بين 10,000 – 20,000 مسيحى وسرقت ونهبت البيوت والكنائس، ودُمِّرت كل كنسية حتى بلغ عددها حوالى 560 كنيسة وقتل كل الرهبان الذين لم يستطيعوا النجاة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة