جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى المدن العمرانية الجديدة كان بمثابة بوابة تحقيق الأحلام فحول حياة عمال لأصحاب مشروعات وحفز البعض الآخر على ترك أعمالهم للاتجاه لمشروعات إنتاجية، ويبدعون فيها وينافسون أيضا.
القصة الأولى بطلتها حنان شعبان محمد السيد 25 عاما، التى تزوجت من مشرفها بمصانع مدينة العاشر من رمضان، بنجلاديشى، وتتحدث 7 لغات، وحقق جهاز تنمية المشروعات بمدينة العاشر من رمضان حلمها وحلم زوجها، أما القصة الثانية فولدت فى المجاورة السادسة بنفس المدينة، تمكن صاحبها أن ينافس الصين بمنتج مصرى 100% ويصدر للدول العربية فانوس رمضان، وصبغت كافة منتجاته من الأركت بالصبغة الوطنية وتمكن هو وأسرته أن يحول الخشب والجلود والزجاج والفوم بصناعة الأركت لقطع فنية رخيصة السعر قادرة على المنافسة.
كانت "حنان" تبحث عن فرصة عمل، لتنضم لزميلاتها اللاتى يقصدن مصانع العاشر للعمل، إما فى مصانع الغزل والنسيج أو مصانع الملابس الجاهزة، وبالفعل استطاعت أن تكون إحدى العاملات فى مصنع للملابس الجاهزة، بعد حصولها على دبلوم التجارة، هناك تعرفت على زوجها "ركن الدين عزيز أحمد شوكت" 36 عاما وكان عمرها لم يتجاوز بعد الـ20 عاما.
وبدأت نقطة فاصلة فى حياة "حنان" ليتحول طموحها من عاملة بسيطة لزوجة مشرف الإنتاج الأجنبى، وبدأت تخطط ليكون مشروعها الأول هو إقامة مصنع ملابس جاهزة، وما تتمتع به من خبرة كبيرة فى المجال، وتقدمت للحصول على تمويل بـ20 ألف جنيه من جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، لمساعدة زوجها بعد تعرضه لأزمة مالية كبيرة، ووضع نواة للمشروع وشراء بعض ماكينات الخياطة وأتواب القماش، والاستعانة ببعض زملائهما فى المصنع القديم للعمل معهما، وتقدم المشروع بعد أن أداره زوجها.
واستطاعت حنان وزوجها فى فترة بسيطة بعلاقتهما، أن يفتحا علاقات عمل مع شركات أجنبية بأوروبا وأمريكا والسعودية والكويت، ولأن المشروع بكل تفاصيله هو فكرة مشتركة بين حنان وزوجها، كان البيت والعمل منظومة متكاملة بينهما، فيها الثقة والحب، واستكملت حنان قرض تمويل المشروع بـ50 ألف جنيه تلاها 50 ألفا أخرى، ليتوسع المصنع ويزيد عدد ماكينات الخياطة والخامات والتشغيل، وأخذا دورا كاملا فى إحدى مناطق الخدمات ببلازا، ووصل عدد العمالة لحوالى 30 عاملا وعاملة.
حين ترى حنان وزوجها وهما يديران مصنعهما ستعرف كيف تقوم ابنة مدينة كفر الشيخ، أن تعمل بالساعات فى الكى والتنسيق والتكيس والخياطة وكأنها ما زالت عامله حتى يكبر مشروعهما وبالقرب من ماكينة قص الشريط تراها تجلس تعلم الفتيات الصغيرة قص الشريط، وضبط القماش ولا يسلم الأمر من أن تقوم بنفسها بالقص، وتتابع التعبئة وحين يقوم زوجها بفرش قصة القماش تراها تتجاذب معه أطراف. التوب لضبط الفرشة.
حنان وزوجها استطاع جهاز تنمية المشروعات أن يمنحهما القوة المالية لشراء الخامات لكن مجهودها هى وزوجها وخطاها الثابتة فى فتح أسواق جديدة، والجودة العالية وإتقان عملها ساهم فى استمرار المشروع ويطمحان أن يصبح أكبر مصنع للملابس الجاهزة الخاصة بملابس الأطفال بأيدى مصريين وعمالة مصرية مائة بالمائة قادر على المنافسة للصناعات الأوروبية.
وعن القصة الثانية فى مدينة العاشر من رمضان وبالتحديد فى المجاورة السادسة السكنية، ولدت قصة نجاح جديدة لحد للمشروعات التى يدعمها جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، تمكن صاحبها أن ينافس الصين بمنتج مصرى 100% ويصدر للدول العربية فانوس رمضان، وصبغت كافة منتجاته من الأركت بالصبغة الوطنية وتمكن هو وأسرته أن يحول الخشب بصناعة الأركت لقطع فنية رخيصة السعر.
التقى "اليوم السابع" محمود معتمد أحد شباب محافظة المنوفية الذى استقر بمدينة العاشر من رمضان، وكان يعمل بأحد شركات الصناعات الغذائية، وفتح لنفسه ستديو لمواجهة أعباء الحياة، رغم أنه خريج خدمة اجتماعية، لكنه عاشق الفن والإبداع وله بعض الدراسات البيئية والاجتماعية والسياسية.
محمود قرر أن ينضم للمستفيدين من خدمات جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فى الوقت الذى كان هناك الآلاف من الشباب يبحثون عن فرص عمل قرر أن يعمل مشروع خاص لنفسه فحصل على قرض الجهاز بالعاشر من رمضان قدره 50 ألف جنيه، ليشترى ماكينة ليزر ودرب نفسه على العمل عليها، وكيفية استخدام التكنولوجيا ليصمم قطعا فنية فريدة.
وبالتوازى مع غزو الفانوس الصينى للأسواق المصرية، قرر محمود معتمد خريج الخدمة الاجتماعية، أن يصمم فانوسا مصريا يحمل سمات الحضارة الإسلامية، ويعكس رؤية جديدة للمصنع المصرى، صنع 18 شكلا من أشكال الفانوس واختلفت أسعارها، وأصر على أن يكون السعر فى متناول الجميع لينافس به فى الأسواق المحلية والعربية، وبالفعل يمكنك أن ترى منتجاته من الفانوس فى كبرى المحلات والأسواق، وصدر للكويت والسعودية.
لم يكتف محمود بصناعة الفانوس فقط، وإنما اتبع الإنتاج طبقا للمواسم، فتراه فى عيد الحب يشكل الخشب لعلب هدايا على شكل قلوب، وفى عيد الأم يصنع قلب تحتضنه الأم مع الاستعانة بوحدة صوت تردد "ست الحبايب يا حبيبة"، وعند دخول المدارس يبدع فى الوسائل التعليمية، ومع بداية للعام الجديد يصمم نتائج وهدايا بكافة الاشكال والتصميمات لتتناسب مع كافة الأذواق والاهتمامات.
فى ورشة محمود معتمد تراه وزوجته وابنته وبعض العمال فى حالة نشاط دائم، يقف بينهم متابعا للتصميم والتركيب والتغليف، يتابع كل التفاصيل ويخصص لنفسه وقتا للعمل من الرابعة مساءً حتى قرب حلول الفجر.
محمود يؤكد أن النجاح لا يتوقف فقط عند تحديد فكرة المشروع أو الحصول على قرض مالى، وإنما لابد من متابعة كل جديد، ودراسة السوق والخروج بمنتج مختلف من حيث الشكل والجودة، والإصرار على النجاح وعدم الإحباط أن باءت أى محاولة بالفشل، لأن الصبر هو أحد أهم عوامل نجاح المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
محمود أكد أن الدولة تنتهج حاليا نهج تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر، وتدعم الكثير من الشباب، مؤكدا ضرورى استكمال هذه المنظومة بتوفير أماكن للمشروعات ضمن تجمعات صناعية بعيدا عن بيوت الأهالى، وفتح أسواق ومعارض دائمة لكافة المنتجات، وأنه لابد من وجود قاعدة بيانات تضم كافة المشروعات لتدعم بعضها، وخاصة الصناعات التكميلية التى قد يحتاج إليها أحد منفذى مشروع صغير وأحيانا عدم حصوله عليها بسهولة يكلفه الكثير، أو يتسبب فى إفشال مشروعه لا قدر الله أو غلاء سعر منتجه، وقاعدة بيانات المشروعات الصغيرة وتوفرها سيتيح لكافة المصنعين الصغار مساحة للتميز وتبادل الخبرات والخامات.
محمود لم يتوقف عند صناعة الأركت فى الهدايا لأنها بدأت تنتشر، وقرر أن يأخذ استكمال لقرضه بقرض جديد لإدخال صناعة الأركت فى صناعة الأثاث، فطالما النجاح حليفه، عليه أن يطوعه للاستمرار والتميز وخدمة نفسه ووطنه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة