محمد أحمد طنطاوى

هل تدخر شيئا ؟!

الإثنين، 14 أكتوبر 2019 10:46 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بحسبة بسيطة، وبالورقة والقلم نحن دولة فقيرة، مواردنا معروفة ومحدودة، ولا سبيل لنا فى التقدم أو المرور للمستقبل إلا بالعمل الجاد، وهنا أقصد صفة العمل "الجاد" لأن النموذج التقليدى أو الروتينى لن يحقق شيئا، وسنظل محلك سر دون تطور ملموس يرضى طموحاتنا الجامحة.

ورغم كل ما سبق، ليست لدينا ثقافة للادخار، ونعتمد على نمط معيشة استهلاكى بجدارة، سواء فى المأكل أو الملبس، ولا نسعى حتى لتنمية الوعى الادخارى، خاصة لدى الأطفال والصغار، الذين ينشأون على نفس الثقافة الاستهلاكية الشرهة، على عكس ما يحدث فى الدول التى قطعا شوطا كبيرا من التحضر والنمو الاقتصادى.

بعد قراءة هذه السطور ستسأل كيف ندخر والمرتب بالكاد يكفى، أو "اللى جاى على أد اللى رايح"، وظروف المعيشة صعبة ومعقدة، ومصاريف الأولاد كل يوم بتزيد، وأمهم محتاجة هدية غالية عشان الترقية الأخيرة.. وهنا ستكون إجابتى واضحة لأخبرك أن ثقافة الادخار ليس لها علاقة بجحم مرتبك صغيرا كان أم كبيرا، وليست مرتبطة بطبيعة المهنة التى تعمل فيها، لكنها مرتبطة بعشوائية التخطيط فى إدارة مواردك المالية، ولو حسبتها على مدار السنوات الخمس الماضية ستجد أن مرتبك تزايد على الأقل بمعدل من 40 إلى 50%، ومع ذلك تعلن إفلاسك فى العشر الأواخر من كل شهر، وكأن شيئا لم يحدث!!

ستظل جيوبك خاوية حتى لو تضاعف راتبك الشهرى 3 مرات... نعم لا تتعجب فنحن اعتدنا على أن نكيف حياتنا على إنفاق ما نكسب، لا على أن ندخر للمستقبل أو الظروف أو الطوارئ، وهذا جزء من الأزمة التى نعيشها، لأننا نربى أولادنا وبناتنا على هذا النمط، فننفق كل ما لدينا على تعليمهم، وقد نستدين ونحصل على قروض، ليتخرجوا من أكبر الجامعات وأعرقها، دون أن نترك ما ندخره لهم، ظنا منا أننا قدمنا ما علينا، وأن جودة التعليم ستغير حياتهم للأفضل، وهذا كلام فى ظاهره صحيح، لكنه يحتاج إلى وقت، فالبحث عن العمل الجيد المناسب ليس بالأمر السهل، حتى ولو كان الخريج مؤهلا.

هل ما زلت غير مقتنع بما أقول؟!  لذلك دعنى أخبرك بما جاء عن أنس بن مالك عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرحل الأنصارى الذى جاء يشكو الفقر والحاجة، وليس لديه سوى، قدح يشرب فيه الماء، وبعض جلود الأنعام يلبس بعضها ويجلس على بعضها، فطلب الرسول أن يأتيه بهذه الأشياء، وقال على أصحابه من يشترى هذا؟ حتى باعها بدرهمين، فأعطاهما للرجل وقال له اشتر بأحدهما طعاما لأهل بيتك، واشتر بالآخر قدوما واذهب واحتطب..  إلى آخر الحديث الشريف، وهنا نتعلم أن الرسول لم يطلب من الأنصارى إنفاق ما تحصل عليه من مال، لكن دفعه إلى العمل والادخار، حتى لا يسأل الناس مرة أخرى.

يجب أن نعلم أنفسنا ونغرس فى أبنائنا هذه الثقافة، ولا نستسلم للدعاوى الاستهلاكية الفاشلة التى لا تنفك عن الوسوسة لإنفاق مدخراتنا، وما نحتفظ به لمواجهة الأزمات والمحن، على أمور قد تجنى منها سعادة مؤقتة، لكنها قطعا لن تتناسب مع فكرة أنك موظف أو عامل تعتمد على هذه الوظيفة أو ذلك العمل كمصدر أساسى لدخلك.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة