دخلت وحدات من الجيش السورى وتحديدا اللواء 93، ينتشر فى عين عيسى، بريف محافظة الرقة الشمالى، وبلدة تل تمر بريف الحسكة الشمالى القريبة من الحدود التركية، بجانب مدينة الطبقة، ومطار الطبقة العسكرى، وعددًا من القرى والبلدات، وأصبحت على بعد 6 كم من الحدود التركية.
ونقلت وكالة الأنباء السورية، أن الجيش السورى انتقل إلى المنطقة لـ"مواجهة العدوان التركي"، وأن سكان بلدة تل تمر، التى تبعد نحو 20 كيلو متر من الحدود التركية، رحبوا بالقوات الحكومية السورية.
وتقع تل تمر على طريق سريع استراتيجى يربط بين الشرق والغرب، وتبعد 35 كيلومترا جنوب شرقى رأس العين، إحدى الأهداف الرئيسية للهجوم التركي.
فيما خرج الأهالى لمدخل بلدة عين عيسى لاستقبال وحدات الجيش معربين عن ثقتهم بأن الجيش وحده القادر على حماية التراب السورى من أى معتد أو محتل.
ورسما بدأت السلطات السورية بعد دخولها للمناطق المحررة إعادة الخدمات المختلفة للمواطنين ومعالجة آثار العدوان التركي فى ظل استهدافه المنشآت الخدمية الحيوية بشكل متعمد بهدف التضييق على الأهالى وحرمانهم من أبسط مقومات الحياة.
121 قتيلا من قوات سوريا الديمقراطية
وجاء التحرك نحو تل تمر بعد يوم من تصريحات لقادة الأكراد السوريين بأن قوات الحكومة السورية وافقت على مساعدتهم في صد الغزو التركى.
ووصلت حصيلة العدوان التركى على سوريا، 121 قتيلا من عناصر قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، ومقتل 86 عنصرا من الفصائل الموالية لتركيا.
اتفاق دمشق وقوات سوريا الديمقراطية
وتوصلت دمشق إلى اتفاق مع قوات سوريا الدمقراطية التى يقودها الأكراد، والتى تسيطر على المنطقة، من أجل الانتشار هناك بهدف التصدى للهجوم التركي.
ويؤكد عضو مجلس الشعب السورى: "قسد ستسلم كافة المناطق إلى الجيش العربى السورى، وما أن يسيطر الجيش على الحدود سيكون سلاح قسد دون مبرر ولا معنى له، وقسد باتت تعلم بأن الجيش هو الضامن والحاضن الوحيد لكل الإثنيات فى سوريا".
وهذا الاتفاق يتيح الفرصة لتحرير باقى الأراضى والمدن السورية المحتلة من قبل الجيش التركى كعفرين" فى شمال غرب حلب.
وعقب الاتفاق الجديد، تحركت وحدات من الجيش السورى باتجاه الشمال لمواجهة العدوان التركى المتواصل على البلدات والمناطق الحدودية شمالى محافظة الحسكة والرقة، حيث ارتكبت القوات التركية مجازر بحق الأهالى، وقامت باحتلال بعض المناطق وتدمير البنى التحتية فيها.
وقال بدران جيا كرد، المسؤول الكردى البارز، أن الاتفاق مع دمشق يقضى بدخول القوات الحكومية المناطق الحدودية من بلدة منبج إلى ديريك فى شمال شرقى البلاد، والقوات الكردية اضطرت للبحث عن سبل لحماية المنطقة، وأضاف، أن انتشار الجيش سيدعم قوات سوريا الديمقراطية فى التصدى "لهذا العدوان وتحرير الأراضى التى دخلها الجيش التركى والمرتزقة" وذلك فى إشارة إلى قوات المعارضة السورية المدعومة من تركيا.
وحول إذا ما تضمن الاتفاق أى جانب سياسى، أشار أحمد سليمان أن الاتفاق كان عسكريا بحتا، ويبين: لم يستطيعوا التوصل إلى أى تفاهمات سياسية، والمطلوب الآن هو الجانب العسكرى وإمكانية ردع التوسع التركى، وإيقاف هذا العدوان، الضمان جاء من روسيا، وهناك وعود فى الجانب السياسى فيما بعد، لكن حتى الآن لا يوجد أى نقاشات فى هذا الجانب.
تغير خريطة توزيع النفوذ العسكري على الأرض
تعد هذه التحركات تطورا جديدا فى مجرى الأحداث وتعكس تغيرا فى خريطة توزيع النفوذ العسكرى على الأرض، واندلاع مواجهة أوسع متعددة الأطراف، ويفتح عودة الجنود السوريين إلى الحدود التركية الباب أمام احتمال اندلاع مواجهة أوسع، إذا دخل الجيش السوري في صراع مباشر مع القوات التركية.
فيما يحافظ الجيش السورى على انتشاره في القائم عند الحدود مع العراق، مرورا بالجزء الجنوبى لدير الزور ومناطق جنوب محافظة الرقة وباتجاه الشمال نحو حلب وغربا نحو المتوسط.
بدوره يرى عضو مجلس الشعب السوري مهند حاج على، أن هذا الاتفاق جاء بعد تخلى جميع الدول عن المجموعة الانفصالية، ولكن الحكومة السورية عادت واحتضنتهم، متابعا: "حتى الآن لم تعلن بنود هذا الاتفاق، ولكن من الواضح أن هذه القوات التي كان لديها أطماع انفصالية، استطاعت بالنهاية أن تقتنع بأن الحكومة السورية والجيش العربى السورى هما الوحيدان القادران على ضمان الأمن والسلم فى تلك المنطقة".
عين-عيسى
بينما نقلت وكالة الإعلام الروسية عن عضو مجلس النواب الروسى قنسطنطين كوساتشيف، إن أنقرة لا تخطط للسيطرة على أراض سورية بالقوة، ولذلك فإن احتمال اندلاع صراع تركي سورى مفتوح ضعيف.
الكرملين يدعم الموقف السورى
فيما جدد الكرملين، موقف موسكو الداعى إلى ضرورة تجنب أى إجراءات يمكن أن تتعارض أو تعرقل الحل السياسى للأزمة فى سورية.
وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمترى بيسكوف ردًا على سؤال حول عدوان النظام التركى على الأراضى السورية: “أنتم تعلمون منذ البداية أنه أشار الجانب الروسى على مختلف المستويات إلى رفضه القاطع لأى أعمال من شأنها أن تعرقل وتعيق عملية الحل السياسى للأزمة فى سورية وتثير التوتر فيها” مضيفًا: "أكرر هذا الموقف لم يتغير.. إنه أمر ثابت ومعروف".
الأمم المتحدة حذرت أن القتال الدائر فى شمال سوريا إثر العدوان العسكرى قد أدى حتى الآن إلى نزوح أكثر من 130 ألف شخص من ريف رأس العين، وتل أبيض، نزحوا إلى مدن وبلدات بعيدة نسبيًا عن القتال الدائر حيث تم إيواؤهم فى المدارس التى من المفروض أن تستقبل تلاميذ المنطقة لأخذ قسطهم من التعليم، محذرة من أن الرقم قد يصل إلى 400 ألف.
مواجهة تركية
من جانبها، أكدت تركيا أن قواتها ستقاوم الجيش السورى فى حال دخل إلى شمال شرق البلاد.
قال الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، فى باكو عاصمة أذربيجان، أن بلاده لن تتراجع عن العملية التى بدأتها ضد المقاتلين الأكراد فى شمال شرق سوريا "بغض النظر عما يقال"، نحن مصممون على مواصلة العملية حتى نهايتها دون أن نعبأ بالتهديدات، وسنكمل قطعا المهمة التى بدأناها.
وقال مستشار الرئيس التركى ياسين أقطاى، أن الجيش السورى، الذى لم يتمكن حتى الآن من محاربة التنظيم الإرهابي- قاصدا الأكراد، ولفت أقطاى إلى احتمال اندلاع اشتباكات بين الجيشين السورى والتركى، مضيفا: "إذا حاول الجيش السورى مقاومة ما تفعله تركيا شمال شرق سوريا والوقوف أمامه، فمن الممكن أن تندلع اشتباكات بين الجيشين".
وأضاف أردوغان أن القوات التركية وقوات المعارضة السورية الموالية لها تستعد لشن هجوم على مدينة منبج السورية الكردية، قائلا: "نحن على وشك تنفيذ قرارنا بشأن منبج".
التوغل التركى
وسيطرت القوات التركية والمقاتلون السوريون الموالون لها، على مدينة تل أبيض الحدودية، وسط احتدام المعارك شمالى سوريا، بينما أكدت أنقرة توغل قواتها بعمق 35 كم داخل الأراضى السورية.
كما قالت وزارة الدفاع التركية أن القوات بقيادة تركيا سيطرت على الطريق السريع (إم4)، وهو طريق رئيسى شمالى سوريا، على بعد يتراوح بين 30 و35 كيلومترا داخل الأراضى السورية.
تغيير ديموجرافى وعودة داعش
وتسعى تركيا إلى إحداث تغيير ديمجرافى، بإبعاد الأكراد عن الشريط الحدودى وإغراقه بمئات الآلاف من المدنيين الذين سيكونون أقرب إلى تركيا، كما أن وضع اللاجئين فى هذه المنطقة يمكن أنقرة من استخدام هذه الورقة للضغط على أوروبا، لتحصيل المزيد من المكاسب السياسية والاقتصادية.
وبينما تتطور المعارك فى سوريا، حدث ما تخوف منه المجتمع الدولى، وفر قرابة 800 أجنبى من مسلحى داعش، من مخيم عين عيسى شمالى البلاد فى أولى نتائج دخول القوات التركية للمنطقة، وجاء فرار مسلحى داعش من السجون، بعد أيام من تحذيرات قوات سوريا الديمقراطية، التى أكدت أنها لا تملك العدد الكافى من الحراس فى السجون والمخيمات، التى تضم مسلحى داعش وعائلاتهم.
ولم تكن هذه الضربة التركية الأولى، التى سمحت لداعش بأن يخرج من مراكز احتجازه، إذ استهدف الهجوم التركى منذ يومه الأول أحد السجون الذى يضم مقاتلى التنظيم.
نزوح سوريين من العدوان التركي
وكثفت تركيا قصفها فى محيط السجون والمخيمات، التى توجد فيها عائلات التنظيم الإرهابى، فيما يعد سعيا من أنقرة لتسهيل حركة داعش وخروجه.
والاتفاق "يتضمن فى مرحلة ثانية عودة مؤسسات الدولة، على أن تتحول الإدارة الذاتية الكردية إلى إدارات محلية تدير شؤون المنطقة، بحسب الوعود الروسية".
الاتفاق يتضمن أيضًا أن "تشارك قوات سوريا الديموقراطية فى معارك قوات النظام السورى ضد هيئة تحرير الشام فى إدلب"، مشيرًا إلى أن قوات سوريا الديموقراطية تلقت "وعودًا بدعمها لاستعادة عفرين وإعادة سكانها إليها".
وبعد خمسة أيام من المعارك التى رافقها قصف مدفعى وجوى كثيف، باتت القوات التركية والفصائل الموالية لها تسيطر على نحو 100 كيلومتر على طول الحدود بين مدينة تل أبيض (شمال الرقة) وبلدة رأس العين (شمال الحسكة)، وفق المرصد السورى لحقوق الإنسان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة