التقرير المعلوماتى الذى أصدره المركز الإعلامى لمجلس الوزراء، عن حصاد الشائعات خلال عام 2018، يوضح كيف أن القطاعات الرئيسية فى الدولة التى تشهد إصلاحا شاملا هى الأكثر تعرضا لموجات الشائعات والأخبار الكاذبة والقصف الدائم من منصات الحروب المعلوماتية المشرعة علينا منذ عام 2010.
وإذا تأملنا التقرير المعلوماتى التوضيحى الصادر عن مركز معلومات مجلس الوزراء، لا بد وأن نتساءل: متى تتوقف اللجان الإلكترونية ومنصات الإحباط فى الخارج عن إطلاق الشائعات حول الشؤون المصرية؟ سؤال يحيرنى على المستوى الشخصى، ولا أجد إجابة عليه إلا التفسيرات حول حروب الجيل الرابع والمحاولات المستمرة لإثارة غضب الناس أو كسر الروح المعنوية العامة، فليس من المعقول أن تستمر سيول الشائعات فى التدفق كل يوم على جميع الجبهات، وفور انطلاق الشائعة تجد اللجان الإلكترونية مستعدة لتلقفها، لتصبح تيارا من السخرية والشتائم والروح الانهزامية.
قطاع التعليم هو الأكثر تعرضا للشائعات بنسبة %21.5، يليه قطاع التموين بنسبة %17، ثم قطاع الاقتصاد بنسبة %15.3 فيما احتل قطاع الصحة المرتبة الرابعة بنسبة %12.7، ثم قطاع التضامن الاجتماعى بنسبة %6.2، وقطاع السياحة والآثار بنسبة 5.9%، وقطاع الإصلاح الإدارى بنسبة %5.7، ثم قطاع الإسكان بنسبة %5.4، فيما احتل قطاع الوقود والطاقة المرتبة التاسعة بنسبة %4.8، ويليه قطاع النقل والمواصلات بنسبة %3.2.
جميل أن تلجأ الحكومة وأجهزتها الإعلامية والمعلوماتية إلى بث التقارير التوضيحية المستندة إلى وقائع ومعلومات محددة فى سياق الرد على الشائعات، خصوصا أن اللجان المحترفة لإنتاج وبث الشائعات، تلعب على احتياجات الفئات العريضة فى المجتمع، وتسعى إلى إثارة الفزع والبلبلة بين هذه الفئات، لاستعادة مرحلة الفوضى بعد 2010، أيضا نحن لدينا ميل عام إلى إنتاج الشائعات وتصديقها، وليس لدى الكثيرين منا الوعى للبحث عن الشائعة ومصدرها والتأكد من صدقها، وما إذا كانت تستند إلى حقيقة واقعة، وحتى عندما يمر أسبوعا على الشائعة وتنكشف، يتصور كثير من الناس أن الحكومة قررت التراجع بعد أن زاد الجدل حول موضوع الشائعة على مواقع التواصل الاجتماعى، ولا يفكر أحد فى كذب تلك الأخبار وعدم وجود أصل لها، ومع التكرار أصبحت معلومات مركز الوزراء يصدر تقاريره الدورية عن أهم الشائعات التى تم إطلاقها خلال الأسبوع وتفنيدها، حتى يقطع الطريق على المتربصين.
أطرف الشائعات التى تم تداولها خلال العام المنصرم، بحسب تقرير الحكومة، تمثلت فى تحصيل تذكرة دخول يومية من طلاب المدارس قيمتها جنيه، وتحميل طلاب المدارس تكلفة أوراق إجابة الامتحانات، واستبعاد من لديه أكثر من خط محمول من البطاقات التموينية، وإعفاء المواطنين من دفع فواتير الكهرباء والمياه لمدة أربعة أشهر، وكذلك شائعة تحديد الحكومة حصة يومية لكل مواطن من المياه، وفرض الحكومة ضرائب على المواشى، وإضافة مادة على الخبز للحد من الكثافة السكانية، وتأجير الحكومة مقتنيات الملك توت عنخ آمون.
كما واجهت الإنجازات المتحققة سيولا من الشائعات بهدف التشكيك فيها والتقليل من حجم الجهود المبذولة لرفع مستوى حياة المواطن ومنها على سبيل المثال، شائعات وقف معاش تكافل وكرامة، وانسحاب الشركة المسؤولة عن مشروعات العاصمة الإدارية الجديدة، وكذلك إلغاء نظام التعليم الجديد، وإلقاء نفايات خطرة خاصة بفحوصات فيروس سى بالشوارع، وأخيراً منع قبول الطلاب ذوى الإعاقة ببعض الكليات المصرية.
الغريب أن الذين يتبعون اللجان الإلكترونية فى العويل واللطم على حال البلد بعد إطلاق أى شائعة، مثل ارتفاع أسعار السجائر، يستمرون فى موال اللطم والندب حتى بعد انكشاف الشائعة وثبوت عدم وجود أى أصل لها من الحقيقة، ثم يسود صمت طويل وكأن شيئا لم يحدث، ولا يكلف أحد خاطره بأن يقول: إن ما شاركت فى الصخب والعويل حوله لم يكن حقيقيا، أو أن يتساءل: لماذا أسير وراء الزيطة على مواقع التواصل الاجتماعى؟ أو حتى يحترس من الأكونتات التى تميل إلى نشر أو إعادة نشر الشائعات، ويبدو أننا بحاجة إلى برنامج تليفزيونى يومى أو إلى إعلانات دعائية مضادة تحذر المصريين وتصحصحهم بدل الاستستلام للأخبار الكاذبة الموجهة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة