قالت صحيفة "واشنطن بوست" إن الموظفين الأمريكيين الفيدراليين البالغ عددهم 800 ألف والمتوقع أن يفقدوا راتبهم للشهر الثانى على التوالى في الأيام القادمة بسبب الإغلاق الحكومى الأطول فى التاريخ الأمريكى، هم المثال الأكثر تطرفاً حتى الآن على التكتيك التفاوضي الذى يستخدمه باستمرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب منذ توليه منصبه، ليحول الأزمة إلى نفوذا يستفيد منه.
وأضافت الصحيفة الأمريكية أن ترامب اعتاد تبنى نهج خلق أو التهديد بخلق كارثة، ثم يصر على أنه لن يعالج المشكلة إلا إذا استسلم خصمه لتلبية طلب منفصل.
ويعتبر ترامب أن هذا النهج يخلق النفوذ وفرص التفاوض ، لكن الديمقراطيون وغيرهم من المعارضين يرون أنه يرقى إلى التهديد بعد "أخذ الرهائن".
وقال تشارلز شومر زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ يوم الثلاثاء "إنه نوع من المقايضة بالبضائع المسروقة".
واستخدم ترامب نفس قواعد اللعبة خلال المواجهات مع كندا والمكسيك واليابان والصين وكوريا الجنوبية وكوريا الشمالية والاتحاد الأوروبي في العامين الماضيين بنجاح متفاوت.
وقدمت "واشنطن بوست" مثالا على هذا النهج بالإشارة إلى فرض ترامب لرسوم جمركية على واردات الصلب والألمنيوم من عدد من الدول ، لأنه يرى إنه من الضروري فرض التغييرات في الممارسات التجارية للبلدان الأخرى. كما هدد بحل اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية إذا لم توافق كندا والمكسيك على صفقة تجارة جديدة ، وهي خطوة كانت لتعيق اقتصاد الدولتين.
كما أعلن عن سحب الولايات المتحدة من منظمة حلف شمال الأطلسي إذا لم تنفق دول أخرى المزيد من الأموال على تعزيز جيوشها ، وهي خطوة ساعدت في النهاية على تمهيد الطريق لاستقالة وزير الدفاع جيم ماتيس.
واعتبرت "واشنطن بوست" النهج يعد تكتيكا مجربا تعلمه ترامب من مهنته التجارية ، لكن هذه هي المرة الأولى التي تتأثر فيها حياة للعديد من العمال والأسر في الولايات المتحدة بعد تأخر مرتباتهم للشهر الثانى على التوالى بسبب استمرار الإغلاق.
وكان لاري كودلو ، وهو صديق لترامب منذ فترة طويلة ، قال فى حوار إذاعى العام الماضي قبل الانضمام إلى البيت الأبيض: "إنها الطريقة "الترامبية" فى التفاوض. تكيل إليهم الضربات فى الوجه، فتجتذب انتباههم، ثم تجد نفسك تتوصل إلى اتفاق".
لكن هناك أدلة متزايدة - تضيف الصحيفة- على أن المقاومة الحازمة من الديمقراطيين تجبر ترامب على زيادة تهديداته أكثر مما يعتقد أنه ضروري، فهناك دلائل على أن الإغلاق المطول بدأ في إلحاق الضرر بالاقتصاد الأمريكي ، حيث انخفضت ثقة المستهلك إلى أدنى مستوى منذ بدء رئاسة ترامب ، بيما يشعر عدد متزايد من العمال الفيدراليين بالسخط عندما يطلب منهم الاستمرار في العمل بدون أجر.
وأشارت الصحيفة إلى أن العديد منهم زاروا بنوك الطعام للحصول على وجبات مجانية ، بينما بدأ آخرون في بيع ممتلكاتهم عبر الإنترنت بينما يخشى آخرون عدم إمكانيتهم دفع أقساط الرهن العقاري الأسبوع المقبل.
لم يتم استخدام استراتيجية ترامب لاستغلال شريحة كبيرة من القوى العاملة الأمريكية كأداة نفوذ من قبل على هذا النطاق. ويعتمد الرؤساء عادة على القوى العاملة الفيدرالية لإبقاء الحكومة مفتوحة ، سعيا لحمايتهم من المعارك الحزبية. لكن ترامب أخبر المستشارين بأنه يعتقد أن الإغلاق يعطيه النفوذ الذي يحتاجه لتمرير طلبه الحصول على المال لبناء جدار على طول الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، حيث يظنأن الديمقراطيين سيتراجعون قبل أن يضطر هو إلى ذلك.
وكتب ترامب على تويتر يوم الثلاثاء: "بوجود جدار قوي أو حاجز صلب ، فإن معدلات الجريمة (والمخدرات) ستنخفض بشكل كبير في جميع أنحاء الولايات المتحدة إن الديمقراطيين يعرفون ذلك ولكنهم يريدون ممارسة الألعاب السياسية".
وأوضحت "واشنطن بوست" أن البيت الأبيض لم يستجب لطلب التعليق.
وقال دان إبرهارت ، أحد المتبرعين الجمهوريين البارزين: "ترامب يدير عملية الإغلاق كمنتج تلفزيون واقعى. ولكن المشكلة هي أنه تم تعيينه لإدارة حكومة ، وتنمية اقتصاد وحماية بلد ، وليس أن يكون منتجًا ناجحًا".
وقال أحد الدبلوماسيين الأجانب ، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته فى إطار تعليقه حول كيفية رؤية بعض الزعماء الأجانب لترامب ، إن الرئيس الأمريكي في البداية أثار غضب القادة الأوروبيين وأخافهم من لهجته الخطابية، لكن الوضع اختلف الآن، "فرغم أنه لا يمكنك تجاهله تمامًا لأنه رئيس الولايات المتحدة. إلا أنه لم يعد مخيفا مثل السابق. "
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة