نحتفى بعودة مرسيدس إلى مصر، الخبر مبهج والقرار يحمل الكثير من البشريات، لكن الأحق هو أن نحتفى باقتصادنا، فهو الذى عاد وليس مرسيدس، لو لم يعد الاقتصاد المصرى قويا، ولو لم يستعد كفاءته ويجبر الجميع على احترامه ما عادت مرسيدس ولا فكرت فى القرار من الأساس، لو لم يعد الأمان إلى مصر ويتحقق الاستقرار وتظهر علامات التحرك السريع لما كانت الإشادات الدولية والاعتراف بأن مصر تحقق المعجزة وتحيى اقتصادها من العدم مرة أخرى، مرسيدس مثل أى شركات عالمية كبيرة، لا تجامل فى استثماراتها ولا تراهن على خسارة، وإنما تتحسس الأرض قبل أن تضع أقدامها، تدرس بدل المرة ألفًا قبل أن تتخذ قرارها، وعندما تقرر العودة إلى مصر فهذا دليل على نجاح مصرى شجعها على تلك الخطوة.
تأكدت مرسيدس أن الاقتصاد المصرى لم يعد ضعيفا ولا هشًا، لم يعد يسير على عكاز حكومى مهدد بالكسر، وإنما اقتصاد «مرسيدس» يستحق أن تتواجد فيه، لأنه يسير بسرعة مطمئنة ولديه عوامل أمان مشجعة، عودة مرسيدس إلى مصر استكمال لشهادات دولية نسمعها ونقرؤها كل يوم عن الاقتصاد المصرى الذى رفع سقف التوقعات عند الجميع، وأبهر الخبراء وفتح أبواب الأمل التى أغلقت فى وجوهنا طويلا، من البنك الدولى إلى صندوق النقد إلى كل مؤسسات التصنيف الائتمانى، الجميع يشيدون بما تحقق، يرفعون القبعة للمصريين الذين أرادوا نقل بلدهم إلى مربع الأمان فكان لهم ما يريدون، منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية لا تشيد فقط، بل تطمئن رجال الأعمال حول العالم بأن الاستثمار فى مصر آمن.
أرقامنا الاقتصادية يشيد بها رؤساء دول كبرى ويتداولها خبراء الاقتصاد فى العالم كنموذج جديد لتجربة الخروج من العثرة، وبجانب مرسيدس هناك، كما يؤكد خبراء فى الاستثمار شركات أخرى بعضها ينوى العودة، وآخرون يدرسون زيادة استثماراتهم فى مصر، وفريق ثالث يبحث كيف يدخل السوق المصرى، بالتأكيد كل هؤلاء لا يريدون مجاملة الحكومة أو دعم مصر بما سيضخونه من استثمارات، وإنما يبحثون عن الأفضل لهم، الاستثمار يفتش دائما عن الربح والأمان، ومصر الآن من أكثر الوجهات الاستثمارية أمانًا واستقرارًا فى العالم، حصدنا ما زرعناه بعرقنا وما صبرنا عليه، عبرنا مطبات كثيرة وواجهنا مصاعب ربما لم تواجهها دولة أخرى فى العالم، نتعرض للإرهاب ونبنى الاقتصاد، نواجه مؤامرات من كل اتجاه ونقيم دولة ثابتة لا تهزها رياح خماسينية ولا تهزمها حملات تشكيك مدبرة، ولا تخيفها أعاصير اقتصادية، ولا تربكها موجات غضب سياسية مصطنعة ماركة «الربيع العربى»، قدمنا حوافز تشجع المستثمرين، وخضنا حربا حاسمة ضد الفساد وواجهنا الروتين ورفعنا الاحتياطى إلى رقم يؤكد للعالم أننا دولة تقف على أقدامها ولا تحتاج لمساندة أحد، وقدمنا نموذجًا فريدًا فى المشروعات القومية، التى غيرت معالم الخريطة المصرية، وأحيت الأرض الموات وضخت الدماء فى شرايين التنمية، فكانت النتيجة أن العالم وقف احترامًا لنا ولبى نداءنا بالاستثمار فى مصر.
نشكر مرسيدس ونشيد بقرارها، فهى من الشركات الرائدة التى ستغير فكر كثير من الشركات الأخرى والمستثمرين فى مصر، لكن الشكر أولا لمن قاد خطة الإصلاح، ومن تحمل عبء العودة القوية، الشكر لقيادة قررت أن تخوض المعركة وتتحمل الطعنات من كل اتجاه، وشعب أقسم ألا يخون بلده وألا يتخلى عنها فى وقت الشدة، وإذا كانت مرسيدس عادت فالقادم أفضل وأهم، والثمار ستحلو والخير سيزداد، لأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا، والمائة مليون مصرى عملوا من أجل بلدهم.. فاستحقوا أن يحصدوا الخير.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة