أحمد إبراهيم الشريف

وسط غياب النجوم

الأحد، 20 يناير 2019 12:04 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
صارت جملة «فى غياب النجوم» حاضرة تقريبا فى كل جنازة مفاجئة أو حتى متوقعة فى الوسط الفنى وآخرها جنازة الفنان سعيد عبدالغنى منذ أيام قليلة، ويمكن للصحفى أن يكتب هذه الجملة وهو مغمض العينين وقبل حتى أن يصل إلى مكان الجنازة، ولن يكون كاذبا، فالنجوم صاروا لا ينشغلون بحضور جنازات أساتذتهم أو زملائهم.
 
ربما آخر من أتذكر حضور بعض النجوم فى جنازته، كان الراحل الكبير نور الشريف، ومن قبلها ومن بعدها لا جديد فى هذا الشأن، لذا يمكن لنا أن نعتبر جملة «وسط غياب النجوم» جملة ميتة بلغة البلاغة القديمة، لكن قبل تأكيدنا على ذلك الأمر يمكن أن نمنح أنفسنا فرصة للتفكير فى السبب خلف هذا الغياب.
 
السبب الأول أن الفنانين مشغولون ولا وقت لديهم للإسراع لحضور جنازة، وإلقاء نظرة وداع على زملائهم وأصدقائهم، مع أنه فى زمننا لا أرى ذلك السبب حقيقيا ما لم يكن الفنان خارج مصر، لأنه يمكن بسيارته أن يقطع الطريق أيا كان بعيدا فى ساعة أو أقل، وهى بالطبع لن تفسد عمله ولن تضيع وقته.
 
السبب الثانى أن الفنانين يحبون الحياة ويخشون الموت، وأنا أيضا لا أتفق مع هذا السبب لأن معظم الأعمال التى يشارك فيها هؤلاء الفنانين لا تحتفى بالحياة ولا تشجع عليها، بل تدفعنا إلى «كراهية أنفسنا» سواء بإلقائنا فى عالم يحكمه قانون الغابة أو يغيبنا فى «دنيا الأثرياء» التى نسمع عنها فقط، والنتيجة فى الحالتين واحدة هى «الكآبة».
 
السبب الثالث أن كثيرا من الفنانين يخشون التزاحم الذى قد يرتكبه البعض ضدهم فى مثل هذه المناسبات، وذلك قد يحدث حقا، لكن الأمر يستحق، لو فكر فيه بعض الشىء، فتوديع الأحباب لا يجعلنا نفكر فى مثل هذه الأشياء.
 
السبب الأخير، وهو ليس خاصا بالفنانين فقط بل يشترك فيه معظم الشعب الآن، أن القيم البسيطة مثل مواساة أهل الميت وإلقاء نظرة وداع على الراحلين لم يعد لها مكان، تراجعت مفسحة مكانا لتأدية الواجب والظهور المشرف ورسائل التليفون معتمدين على مبررات واهية وجمل ميتة أيضا لا تسمن ولا تغنى من جوع.
 
إذن هى ظاهرة عامة، لكنها ارتبطت بالوسط الفنى، لأن الكاميرا مسلطة عليه تكشفه وتجعلنا نتعجب رغم أننا جميعا نرتكب هذه الفعلة، عن نفسى، كم ودعنى أحباب ورحلوا ولم أودعهم.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة