سكان قلب عبدالناصر .. الوالد والعم والأشقاء والزوجة والأولاد وزملاء الجيش والحرب.. 60 رسالة للزعيم فى 9 أشهر .. يوميات الصاغ فى حرب فلسطين من أرشيف رسائله.. يكتب لعمه خليل 4 مرات ورصيد خطاباته لوالده صفر

الإثنين، 14 يناير 2019 12:00 م
سكان قلب عبدالناصر .. الوالد والعم والأشقاء والزوجة والأولاد وزملاء الجيش والحرب.. 60 رسالة للزعيم فى 9 أشهر .. يوميات الصاغ فى حرب فلسطين من أرشيف رسائله.. يكتب لعمه خليل 4 مرات ورصيد خطاباته لوالده صفر صور من أرشيف عبد الناصر
كتب- أحمد عرفة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

قصة الترقية فى ساحة المعركة.. وحكاية «أم توحيدة» التى منعت عمه من زايارة تحية

 

12 رسالة من الأب وثلاثة إخوة خلال فترة الحرب.. قصة حمدى عاشور وبلاغة موفق الحموى «المشتاق جدا»

 

ناصر بعد 6 أشهر من الحرب: كل شىء يدعو للاطمئنان وعامر بلغنى بأن هدى ومنى بخير

 
 
 
يستيقظ صباحا ليرتدى ملابسه العسكرية كاملة، هذا فى الأيام التى يتيسر له أن ينال قسطا من النوم، ثم يخرج إلى ساحة الحرب، مقاتلا مراهنا بالروح على لقاء التراب، ثم يعود إلى خيمته مساء، حاملا غبار المعركة، وغبار الذكرى المحمل بروائح الأحبة والمقربين الذين تركهم القلب وراءه وهو يسعى على طريق الوطن.
 
كانت أيام جمال عبدالناصر فى الأراضى الفلسطينية مشحونة بالدراما والتحولات القاسية، بدأ الأمر بإعلان حرب مصيرية لاستعادة فلسطين من العصابات الصهيونية، وتجييش المقاتلين من عدة دول عربية لمواجهة الشراذم الوافدة من أصقاع الأرض، وتطور الأمر إلى أسلحة فاسدة، وهزائم متلاحقة، وتراجع وانسحابات من أراض كسبتها الجيوش العربية فى أيام وفقدتها فى ساعات، وصولا إلى الحصار الخانق الذى طال اللواء الرابع، وفى القلب منه الكتيبة السادسة، وفى قلبها اليوزباشى جمال عبدالناصر، رئيس أركانها، الذى حصل على ترقيته الثالثة إلى رتبة «صاغ» خلال فترة الحصار.
 
فى شهور الحرب التى بدأت بعد إعلان قيام دولة إسرائيل فى 15 مايو 1948، وصولا إلى الانسحاب العربى الكامل فى ربيع العام 1949، كان «ناصر» يحارب فى فلسطين بجسده وعقله ومعارفه العسكرية، ويترك قلبه وراءه فى مصر، وحتى يُحافظ على رباط مع هذا القلب، كانت الرسائل وسيلته للتحايل على المسافات والبُعد، فكتب وقرأ، وراسل واستقبل، مستحضرا فى خيمته وعلى مقربة من ساحة المعركة باقة من أحبته المقربين.
 
فى العيد 101 لميلاد الزعيم جمال عبدالناصر، تستعيد «اليوم السابع» باقة من الرسائل الشخصية التى تبادلها «ناصر» مع أسرته وأصدقائه خلال مشاركته فى حرب فلسطين، تناولنا ما يخص زوجته «تحية» فى حلقة أمس، واليوم نقترب من رسائله مع أسرته وأصدقائه.
71f44bea035a399546d3676130d64932
 
 

جمال عبدالناصر ووالده

 
تلقى «ناصر» الرسالة الأولى من والده فى 18 يونيو 1948، بعد قرابة شهر على وجوده فى فلسطين، وفيها سأل الأب عن أحواله، وحكى له أخبار العائلة وتفاصيلها، ليضعه فى قلب المشهد وكأنه لم يغادر مصر، فيقول فيها: «حضر البارحة سلطان وعز العرب، وبعد يومين سيرجعان إلى الإسكندرية، وأنا منتظر هنا إلى أن تعود بسلامة الله»، وبعد 6 أيام جاءت الرسالة الثانية، التى تحدث الوالد فيها عن تطلعه لرؤية ابنه عائدا بالنصر، مؤكدا أنه يتابع أسرته وابنتيه ويرعى شؤون زوجته حتى يعود، متابعا: «نحن هنا فى أحسن حال، وأولادك كأنهما يعرفانى من زمن بعيد، يوقظانى فى الصباح الباكر ويطلبان منى أن أحضر لهما الفطار، ويتركان والدتهما، ولا ينقصنا إلا وجودك معنا، وسنراك قريبا إن شاء الله»، وفى الرسالة نفسها لم ينس طمأنة «ناصر» على أشقائه، قائلا: «الحمد لله عز العرب أجاب إجابة تضمن له النجاح بامتياز فى جميع العلوم، وشوقى ظهرت نتيجته من أول الناجحين، والليثى ينتظر أن يأخذ امتيازا فى جميع العلوم.. تقبل سلامنا جميعا».
 
مرت 5 أيام على موعد الرسالة الثانية، لتأتى الرسالة الثالثة مطلع يوليو، وفيها يُعبر الوالد عبدالناصر حسين عن سعادته لسماع صوت ابنه والاطمئنان عليه، عندما هاتفهم قبل أيام، ثم ينتقل للحديث عن «هدى ومنى» ومحبته لهما، وحرصه على اللعب معهما يوميا، حاكيا له جانبا من تفاصيل تعامله مع البنتين: «هدى كانت بجانبى وأنا أتكلم معك، وأخذتها معى بعد الساعة الـ5 إلى المنتزه الكائن بجوار مستشفى الدمرداش، ومكثت تلعب بالكرة على الحشيش لغاية الساعة 8، عدنا إلى المنزل على الأقدام، ورفضت أن أحملها، أما منى فتحضر عندى مبكرا وتأخذ الطربوش وتقول بابا».
 
أيام قليلة ويعاود الوالد مخاطبة نجله، وقد بدا عليه قلق شبيه بما انتاب «تحية» فى إحدى رسائلها لزوجها، خاصة أن رسائله تأخرت عن مواعيدها الطبيعية، طالبا منه الكتابة سريعا: «أرجو أن ترسل خطاباتك على المنزل، لأن علاقتى بمصلحة البريد انقطعت، وأصبحت فى المعاش من أول الشهر»، وفى 4 يوليو يستقبل «ناصر» خطابا آخر من والده، يتحدث فيه عن تحركاته فى القاهرة خلال زيارته لأسرته، ويؤكد أنه وباقى العائلة يطمئنون دائما على زوجته وابنتيه، ويخبره بموعد عودته إلى الإسكندرية، بينما سيظل شقيقه شوقى بجانب أسرته لرعايتها وقضاء حاجتها.
 
توقف الوالد 23 يوما بعد رسالته الخامسة لابنه، قبل أن يكتب رسالته الأخيرة ضمن أرشيف «ناصر» بتاريخ 27 يوليو، بدأها بالسؤال عن أحواله وحالته الصحية، ثم طمأنه على زوجته وابنتيه وأشقائه، وتحدث عن زياراته المتكررة للاطمئنان على الأسرة ورعاية شؤونها، مختتما بتأكيده أن تحية وهدى ومنى يلقين رعاية جيدة من الجميع: «تأكد أن منزلك فى غيابك قبلة لنا جميعا.. وأيضا خليل لا يمر أسبوع إلا وهو عندهم، مما أدهش أهالى الست تحية».
 
7
 
 

جمال والعائلة

 
شغلت رسائل «ناصر» إلى عمه خليل حسين حيزا مهما من أرشيف رسائله، تزداد أهميته فى ضوء أنه لم يكتب لوالده رسالة واحدة، بينما تلقى ست رسائل من أشقائه، كانت أولاها من الليثى عبدالناصر بتاريخ 12 يونيو 1948، بعد أقل من شهر على سفره، عبر فيها شقيقه عن قلقه عليه، خاصة أنه لم يرسل أية رسائل منذ التحق بميدان المعركة، وأكد أنهم يتابعون أوضاعه وأحواله أولا بأول، قائلا: «رأينا لك صورة فى أهرام الجمعة 11 الجارى مع المواوى وموسى لطفى باشا فى نيتسانيم». وبعد 8 أيام كتب «ناصر» إلى عمه مطالبا بتنفيذ وصيته تجاه أبيه، لكنه لم يذكر تفاصيل هذه الوصية، وكأنه كان اتفاقا بينهما قبل أن يذهب إلى ميدان المعركة، كما طلب من عمه طمأنة زوجته «تحية».
 
رسالة أخرى تلقاها ناصر من شقيقه عز العرب، ينقل له أخبار الأسرة، ويعتذر عن أنه لم يرسل له أية خطابات من قبل، كما يطمئنه على صحة والده وأحوال باقى أشقائه، ويؤكد أن زوجته تحية تقوم بدورها تجاه والده على أكمال وجه، متابعا: «أحب أن أعرفك بأنه أثناء وجودى فى مصر لاحظت أن الوالد مبسوط جدا، وأن أبلة تحية معتنية به جدا، مما أدى إلى زيادة صحته أكثر من النصف قبل سفره من الإسكندرية».
 
مضت 6 أيام من تاريخ هذه الرسالة قبل أن يتسلم «ناصر» رسالة من عمه بتاريخ 26 يونيو، يعتذر فيها خليل حسين عن عدم زيارته للسيدة تحية كاظم منذ عشرة أيام، مبررا الأمر بمرض زوجته «أم توحيدة»، ووعده فى الرسالة بأنه سيزور زوجته وابنتيه خلال أيام، بعدها غابت الرسائل قرابة شهر بينهما، قبل أن يكتب عبدالناصر لعمه فى 20 يوليو رسالة يعتذر فيها عن عدم استطاعته الاطمئنان عليهم تليفونيا بسبب ظروف الحرب، ثم يسأل عن صحة زوجة عمه، وينهى رسالته بتأكيد عودته للقاهرة قريبا والاطمئنان عليها بنفسه، وبعد يوم واحد رد عمه برسالة يعبر فيها عن فرحته بخبر قدومه، واشتياقه إلى لقائه، لكنها حملت أنباء مثيرة للقلق، مفادها رغبة زوجته تحية فى ترك القاهرة خوفا من الأوضاع الحالية: «وصلنى خطابك، وسأسافر باكر الخميس إلى مصر إن شاء الله، لاستحضار هدى ووالدتها، لأننى علمت أنها متألمة من الحالة فى مصر.. وقد وصلنى خطاب من شوقى، وأرجو أن تتمكن من أخذ إجازة وتحضر ولو يوم».
 
 
333
 
 

جمال والأصدقاء

 
خروجا من أجواء العائلة إلى دوائر الصداقة، كانت رسائل «ناصر» المتبادلة مع أصدقائه تحمل طابعا خاصا، فيها قدر من الثراء والتركيب أكبر من رسائل الأسرة، فدارت بعضها حول القضية الفلسطينية والحرب الدائرة لردع العصابات الصهيونية، واهتم بعض منها بالأجواء الإنسانية وتشابكات العلاقات الشخصية، واستعاد جانب منها الذكريات المشتركة وعهود المودة، بينما الملمح الأبرز أن أغلب هذه الخطابات كانت موجهة من عبدالناصر، مفتتحا أغلبها بتعبير «عزيزى»، بينما ناداه أغلب أصدقائه فى خطاباتهم بـ«أخى جيمى».
أولى رسائل الأصدقاء كانت من حمدى عاشور، زميله فى الجيش، الذى بدأ حديثه بـ«أخى جيمى»، ثم سأل عن أحواله سائلا عن سبب عدم وصول إفادة من «ناصر» حول أوضاعه، كما سأله عن أحوال زميلهما عبدالحكيم عامر، وأخبرته بالتحاق أحد زملائهما بالحرب، متابعا: «عشمى أن تكون بأحسن الأحوال ومتمتعا بصحة جيدة.. ثروت نجح فى السفر إليكم فعسى أن قابلته»، ثم يؤكد ضرورة أن يكتب له جمال بشكل دورى، قبل أن يطمئنه على أسرته: «الزوجة العزيزة والأنجال الكرام بغاية الصحة، يسلمون عليكم، واطمئن من ناحيتهم، وعسى أن يتم الله كل ما فيه الخير، لأنهم فى غاية الشوق ويودون حلول شهر رمضان بحضورك».
 
رسالة أخرى فى ملف الأصدقاء، وردت من صديقه اسمه «حسن»، يبدو أحد أقرب الأصدقاء لـ«ناصر»، خاصة أن رسائله لزوجته وأسرته لم تخلُ من اسمه تقريبا، ويبدو أن هذا الشخص كان دائم التواصل مع الأسرة ونقل أخبارها للضابط على جبهة الحرب، وفى هذه الرسالة يعتذر الصديق عن تأخره فى إرسال خطابات، مفسرا الأمر بأنه كان مشغولا بدرجة أنسته الكتابة له، وفى رسالة أخرى يبدأ «حسن» حديثه بـ«أخى المحترم جمال بك»، ثم يطمئن على أحواله ويخبره بأنه حصل على إجازة سيعود فيها لمصر.
 

شكوى من جبهة الحرب

 
وفى خطاب تحت تصنيف «سرى» من أحد قيادات الجيش المصرى وقتها، البكباشى «مقدم» أمين حسن العشرى، يستعرض المرسل أجواء الحرب وآخر تطوراتها، وأحدث الاستعدادات العملية على الجبهة، وذلك بتاريخ 20 يونيو 1948، واصفا «ناصر» فى صدر الرسالة بـ«حضرة صاحب العزة قائد الكتيبة 6 بنادق مشاه»، متابعا بحسب النص الكامل للرسالة: «بعد جعل المواقع الدفاعية بعمق، انتقلت رئاسة السرية خلف المدفع الخلفى، وبالرغم من التنبيه على حضرة اليوزباشى حسن عثمان، قائد فصيلة 6 رطل، مرارا منّى ومن حضرة اليوزباشى على الفيومى، بأن ينقل اللورى الملكى الموجود مع حضرته لمسافة 12 ياردة فقط للخلف، فإنه لم ينفذ».
 
ويستكمل البكباشى أمين العشرى رسالته بالقول: «أمس نقلت رئاسة السرية فى الساعة 1000 إلى المكان المنتخب، ورجوت حضرة اليوزباشى حسن عثمان بإبعاد اللورى الملكى قليلا، حتى يكون بينه وبين لورى السرية مسافة كافية، فاعتذر بأنه لا يمكنه، فقلت له: هو بالمعروف ما ينفعش؟ لازم بالأمر علشان تنفذ؟ فقال: لا بالأمر ما أنفذش ومش رايح أنفذ، وإذا جانى القومندان هنا وأمرنى مش رايح أنفذ الأمر، وأروح معاه للواء وأعمل له ثورة، ثم أراد إظهار عدم الاحترام فجلس، وقال: مش علشان أنت بكباشى وأنا يوزباشى.. أنا لىّ عشر سنين خدمة، وبعض كلمات أخرى يُظهرها التحقيق، ولما طلبت من السائق أن ينقل السيارة، وهمّ بنقلها، منعه حضرته، وكان كل كلامه بصوت مرتفع أمام العساكر والمراسلات والسواقين الملكى، وقد حدث فى المساء أن أحضر مراسلته بجوار السيارة المذكورة، وجلسا سويا والمراسلة يعمل أنغاما موسيقية، ويلقى ديالوجات بصوت عالٍ، وبها ألفاظ نابية، يُقرظه حضرة اليوزباشى عند ذكرها، وهو يشاركه أحيانا فى بعض الأغانى حتى الساعة 2100 تقريبا.. مرسل للتصرف».
 
رسالة أخرى ذات صيغة رسمية، تلقاها عبدالناصر من اليوزباشى عبدالمجيد أبوالعلا، بتاريخ 29 يوليو 1948، تحمل دليلا جديدا على شخصية «ناصر» القيادية المسؤولة، التى تمارس أبوّتها أو دور الأخ الأكبر مع كل المحيطين، إذ يكشف اليوزباشى فى الرسالة تفاصيل حالته وتطورات أوضاعه الصحية، ويعبر عن تطلعه لأن يجاوره فى المعركة، قائلا: «أعرفك يا جمال بأنى حجزت اسبيتالية اليوم.. وكان بودى والله أن أكون بجواركم، وأتعشم أن أخرج بسرعة من الاسبيتالية وأرجع إلى السرية الاحتياط بجواركم أيضا.. وأتمنى من الله تعالى أن أكون معكم باستمرار حتى انتهاء الحملة، فهذا مما يهوّن علىّ الأمور كثيرا، وتكون أنت عملت هذا الترتيب مع اللواء الرابع».
 
99
 
 
على امتداد أرشيف عبدالناصر تتكرر الرسائل التى تؤكد أن أصدقاءه كانوا يعتبرونه أخا أكبر، ففى إحدى الرسائل يقول زميل له: «أما بخصوص مسألتى، فقد أرسل مكتب رئيس هيئة أركان حرب الجيش استعجالا بتاريخ 21/9/1948 إلى رئاسة القوات، لأخذ رأيها فى هذا الموضوع، لذلك أستحلفك بالله يا جمال أن تكلم يحيى عبدالله بالتليفون، أو تذهب إليه، ليكون الرد كالآتى: حقيقة، حضرة اليوزباشى المذكور قد أهمل فى واجباته فى معركة الدنجور، لكنه استمر فى تأدية واجباته على الوجه المرضى فى المعارك التى تلت معركة الدنجور.. وأتعشم أن يصل رد الخطاب من رئاسة القوات قبل عيد الأضحى حتى أترقى على العيد».
أموال فى عهدة الأصدقاء
 
طوال شهور غربته لم ينقطع «ناصر» عن أخبار الأسرة والعائلة وهمومهم، وكانت أبرز الهموم ما يخص النفقات والاحتياجات المالية، لهذا كان دائم السؤال عن الأمر، وكثيرا ما يرسل أموالا مرفقة بخطاباته، سواء لزوجته «تحية» وابنتيه هدى ومنى، أو لأبيه، وأشقائه عز العرب، والليثى وشوقى.
 
كان عبدالناصر يُرسل أمواله فى أغلب الأحيان برفقة أصدقائه خلال إجازاتهم، وهو ما يكشفه خطابه المرسل إلى صديقه حمدى عاشور فى 4 يوليو 1948، يطالبه فيها بتسليم المبلغ الذى أرسله إلى زوجته تحية كاظم، قائلا: «أرسلت لك خمسة وعشرين جنيها أول أمس عن طريق البريد، وربما يصلك الإخطار متأخرا بعض الوقت.. وأرجو إرسال المبلغ للعائلة»، ويرد صديقه بعد 3 أيام فقط، ليخبره أنه لم يتسلم أية مبالغ حتى الآن.
 
انقطعت خطابات «ناصر» وأصدقائه ثلاثة أسابيع تقريبا، بعدها كتب حمدى عاشور له فى بداية أغسطس، مهنئا بحلول شهر رمضان، وناقلا أخبار زوجته وابنتيه وأنهن بخير، ثم يبدى دهشته من تأخر خطابات عبدالناصر له: «أنتهز هذه الفرصة فأهنئك بشهر رمضان المبارك، وأدعو الله أن يرعاك ويحفظك ويجعلك دائما فى صحة وهناء، وصلنى خطابك ودُهشت لأنك أرسلت لى ثلاثة خطابات ولم يصلنى سوى واحد فقط»، وتمنى صديقه فى هذه الرسالة أن يفوز بالترقية إلى رتبة «صاغ» قريبا، مؤكدا أنه يداوم على زيارة أسرته: «أهنئك بالترقى السريع إن شاء الله، ومبروك مقدما يا حضرة الصاغ، حاولت أن أسأل المنزل عن أى شىء ينقصهم، فكانت الإجابة صعبة علىّ وعويصة.. عاوزينك شخصيا.. وهم مرتاحين فى كل شىء ما عدا هذا الطلب»، ولم يخل الخطاب من بعض العبارات خفيفة الظل، التى تكشف طبيعة العلاقة بين الصديقين، إذ يقول: «هل يا ترى الترفيه اللى تعبانين فى شحنه دائما ويوميا وباقى المشاكل التى تعرفها مرتاحين من ناحيتها؟ أظن الحالة فى تقدم، فعلى بركة الله».
 

الاحتفال بـ«الصاغ»

 
محبة عبدالناصر لدى أصدقائه لم ترتبط بزمالة الخدمة أو مجاورة المعركة، وإنما أخذت طابعا إنسانيا أعمق من الشراكة العابرة، وبدا هذا واضحا فى قدر الاحتفاء بترقيته إلى رتبة صاغ «رائد»، بدأ الأمر برسالة من صديقه «حسن» يخبره بأنه رأى «الجرائد التى بها نشرات الترقى والإنعامات» وكان يود أن يأخذها من صاحبها ليرسلها له مع التهنئة، ثم تتوالى التهانى والاحتفالات بالخبر.
 
وعلى ما يبدو لم يكن هذا الاحتفاء رهن المودة الإنسانية فقط، وإنما كانت له جذور ترتبط بشجاعة «ناصر» وأدائه فى ميدان المعركة، ففى إحدى الرسائل التى تلقاها من صديقه محمد عبدالهادى، يتضمن نصها بعد السؤال على الحال والاطمئنان على الأوضاع والتعبير عن الشوق للقاء، إشادة بمدى شجاعة عبدالناصر ضد اليهود وبسالته فى الحرب، فيقول: «الفيومى يمزح فيقول هل تذكر البندقية التركى، هدية جمال، التى تتسع لطلقة واحدة؟ جميل جدا أن يكون لى سلاح من صديق مثلك ومن مال اليهود.. ادعُ لى حتى تتيسر لى زيارتكم، وأكون معكم أثناء إحدى المعارك.. تأكد أننا هنا دائما نذكركم».
 
وفى رسالة من صديق يُدعى موفق الحموى، يبدو جمال حاضرا كبطل أسطورى وشخصية محبوبة، فيبدأ «موفق» رسالته بالتعبير عن الافتقاد وأشواق اللقاء أيضا، ثم يتابع قائلا: «دعنى أُقبّلك وأبعث إليك بتحياتى العاطرة، وأرجو لك التوفيق والنجاح والسؤدد.. انتظرت منك أى خطاب، أو مذكرة، فإنى مشتاق إلى أخبارك جد الاشتياق، ومشتاق إلى شىء من الميدان، فهلا أعطيتنى هذه الفرصة؟ أعلم أنه طلب عويص من شخص ليس فى الميدان لشخص فى الميدان»، ثم يُبدى استعداده لخدمته وتنفيذ أى طلب فى مصر: «أى خدمات فى مصر يا جمال أنا مستعد.. فهلا كلفتنى بشىء؟ وأكون ممنونا لأى خدمة تطلبها، فإنى أريد أن أعمل أى شىء هنا».
 
إلى جانب الزملاء وشركاء الميدان، كان آباء وأشقاء بعض الأصدقاء حريصين على مراسلة عبدالناصر والكتابة له، ربما استشعارا منهم لأنه ينوب عنهم فى الميدان، ويلعب دور الأب لأبنائهم المقاتلين، ومنها خطاب قطب محمود فرج المؤرخ بـ5 مايو 1949، الذى يطالب فيه «ناصر» بطمأنته على ابنه، قائلا: «لى ابن يدعى محمود قطب محمود فرج، من الكتيبة السادسة السرية الثالثة، ومضى عليه للآن أربعة أشهر لم يراسلنى.. وقد أرسلت إلى إدارة الجيش خطابين ولم يصلنى الرد.. فرجائى معرفة هل ابنى وفلذة قلبى ما زال على قيد الحياة أم لا؟ وإذا كان حيا فأين مكانه؟ ليمكننا الاتصال به حتى يطمئن قلبى ويهدأ فؤادى».
 
444
 
 

الصاغ يتحدث

 
كان متوقعا أن يحصل عبدالناصر على ترقيته إلى رتبة صاغ خلال حرب فلسطين، لكن مع صدور القرار كان أول الحاضرين على ذهنه عمه خليل، ربما لأنه تربى فى منزله، والتحق بالكلية الحربية وهو يقيم مع أسرته، فكتب لعمه معلنا خبر حصوله على رتبة الصاغ فى 28 يوليو، قائلا: «لقد صدرت الأوامر أمس بترقيتى إلى رتبة صاغ، وأنا إذ أبلغك ذلك، أرجو الله أن يبقيك لنا ويديم عليك الصحة والعافية». بعدها رد عمه مهنئا بالترقية، وخفت لإيقاع الرسائل بينهما، حتى تلقى «ناصر» رسالة جديدة منه تحمل أنباء غير سارة، بقوله: «وصل خطاب من عبدالعال طلبة لأخيه بالإسكندرية، وبه أخبار غير سارة، وقد أقلقنا جدا هذا الخطاب، أرجو الإفادة بخطاب لأجل أن نطمئن».
 
آخر رسائل عبدالناصر لعمه حملت تاريخ 14 يناير 1949، أى قبل أسابيع من عودته لمصر نهائيا، وتضمن الخطاب بشرى بقرب انتهاء الحرب وعودته لمصر، إذ قال فيها: «كل شىء يدعو إلى الاطمئنان، ويظهر من الأخبار أن الحرب انتهت، وقد كان عبدالحكيم فى مصر يوم 23/12 وقد رأى هدى ومنى وبلغنى أنهما بخير».
 
وإلى جانب رسائل العم التى شغلت جانبا مهما من الأرشيف، كانت رسائل الأشقاء حاضرة بقوة، وحاملة تكثيفا لشخصية عبدالناصر، وتعبيرا عن اهتمامه الأبوى بأشقائه، وعن شعور الإخوة بهذا الدور، إذ تلقى رسالة من شقيقه شوقى للاطمئنان عليه، وطمأنته على والده وأسرته، وسأل خلالها عن صديقه «إمبابى» الذى يشارك فى حرب تحرير فلسطين. ثم تلقى رسالة من شقيقه الليثى يطمئنه على أسرته، قائلا: «الجميع هنا بخير، وهدى ومنى تبلغاك السلام وهما فى أحسن صحة.. عز لم تصله منك خطابات من مدة، فأرجو أن ترسل له خطابا على الجمرك لأنى تركته منشغلا جدا»، بعدها عاد شوقى للكتابة مرة أخرى معبرا عن حالة القلق التى تنتابه وبقية الأشقاء بسب تأخر رسائله من أرض المعركة، وعدم اتصاله بهم هاتفيا، مطالبا شقيقه بإرسال خطابات كثيرة خلال فترة الهدنة.
 
لم ينس عز العرب أيضا أن يكتب لشقيقه، وأن يزف إليه أنباء سارة، ففى أحد خطاباته كتب مطمئنا «ناصر» على دراسته ونتيجة الامتحان، وأنه نجح هو والليثى، كما طمأنه على والده، ثم يتحدث عن زوجته قائلا: «أبلة تحية وهدى ومنى والوالد فى أحسن صحة، ونتعشم أن نراك قريبا فى أقرب فرصة».
 
خطابات عبدالناصر لم تجد طريقها إلى زوجته وأسرته فقط، وإنما كان حريصا على الكتابة لكل دوائره الإنسانية، سواء لأسباب حياتية مباشرة، أو بدافع الاطمئنان والسلام فقط، وإلى جانب عشرات الرسائل لأسرته وأصدقائه وزملائه فى الجيش، كتب فى 29 يونيو إلى مصطفى كاظم، شقيق زوجته تحية، يطلب منه إيصال الأموال التى أرسلها عبر شيكين إلى تحية وابنتيه، ويطمئنه أنه لن يمكث طويلا فى فلسطين، بحسب قوله: «علما بأنى لا أجزم بالبقاء فى فلسطين حتى هذه المدة، ولكن هذا احتياط فقط»، ويبدو أنه وقتها لم يكن يعرف أن المدة ستطول قرابة تسعة أشهر أخرى بعد موعد رسالته.
 

خريطة أرشيف «ناصر»

 
لم يغفل عبدالناصر فى رسائله أحدا من دوائره العائلية والاجتماعية، لكن خريطة الرسائل وأعدادها وتوزيعاتها كانت كفيلة بوضع ترتيب لهذه الدوائر، وترك مفاتيح أولية لقراءة اهتمامات الصاغ فى ساحة المعركة، ووسط أجواء الحصار، وأى الناس كانوا حاضرين على باله أكثر، وأيهم كانوا أطيافا تمر مرورا خفيفيا.
 
كانت تحية محمد كاظم فى المقدمة قطعا، ليس تأسيسا على أنها الزوجة وأم البنتين فقط، وإنما يشى الأمر بمقدار المحبة التى كان يشعر بها «ناصر» حيالها، رغم أن سياق ارتباطهما كان تقليديا ويبدو أنه «زواج صالونات»، ما يشير إلى أن هذا الزواج ربما سبقته مشاعر، أو حب من طرف واحد، حرك قلب الزعيم باتجاه حبيبته، وحافظ على جذوة هذا التحرك سنوات طويلة لاحقة.
 
ضمن قائمة رسائل عبدالناصر وعائلته خلال شهور الحرب، التى امتدت بين أواخر مايو 1948 ومارس 1949، وتجاوز عددها 60 رسالة، حضرت الزوجة والحبيبة فى المرتبة الأولى بحوالى 44 رسالة متبادلة، تفوق فيها عبدالناصر بفارق بسيط، وفى المرتبة الثانية حضر عمه خليل حسين بـ7 رسائل، أرسل جمال 4 منها، ثم والده فى المرتبة الثالثة بـ6 رسائل صادرة كلها منه، بينما لم يرسل «ناصر» لوالده أية رسائل مباشرة، إذ كان يطمئن عليه أو يخاطبه من خلال زوجته وعمه، ربما بسبب أن والده لم يكن يجيد القراءة.
 
لم يرسل عبدالناصر رسائل مباشرة إلى أشقائه أيضا، إذ كان يطمئن عليهم ويخاطبهم ويرسل مساعداته المالية لهم من خلال زوجته «تحية»، بينما تلقى منهم 6 رسائل، بواقع رسالتين من كل من: عز العرب، والليثى وشوقى.
 
المنحنى البيانى لأعداد الرسائل ومواعيدها تقطع بتقدم «تحية» على لائحة اهتمامات «ناصر»، تلتها ابنتاه «هدى ومنى» اللتان حضر اسماهما فى الرسائل عشرات المرات، ورغم أنه لم يرسل أية خطابات مباشرة لوالده وأشقائه، فإن أسماءهم لم تغب عن رسائله لزوجته وعمه، ولم ينقطع عن إرسال الدعم والمساعدة المالية لإخوته الذين يواصلون تعليمهم، من خلال زوجته.
 

سمات الزعيم

 
بقدر ما توفر الرسائل معرفة بخريطة اهتمامات «ناصر»، من واقع الحصر الرقمى، فإن ما تضمنته من محتوى يكشف جوانب أخرى قد تكون خفية فى شخصيته، يمكن التماسها من عباراته ومفرداته، ومن فواتح رسائله وخواتيمها، وطرق تعبيره عن الحب والشوق والافتقاد، أو عتابه فى مواقف الضيق والتأثر، أو قدرته على المرح والمزاح، وطريقة مفاجأته للناس وإدهاشهم.
 
يبدو «ناصر» للوهلة الأولى شخصا محافظا، يتحسب للكلمات والعبارات، ويصوغ تعبيراته بعناية واقتضاب وقدر من الرسمية، حتى وهو يعبر عن مشاعره تجاه زوجته وابنتيه، أو يلتمس ذكرياته مع «تحية» بينما يجلس على شاطئ البحر، أو يستعيد أيام الحب الأولى ولقاءاته الناعمة البهيجة. ولا يحب «ناصر» أن يكون مصدرا للإزعاج أو القلق، فيختار تعبيراته عن الضيق أو الحزن أو الظروف الضاغطة بعناية وهدوء، والأمر نفسه فى عتابه، لا يقسو ولا يجافى ولا يُشعر الآخرين بالخطيئة والذنب.
 
تشى رسائل ناصر بقدر عظيم من الاعتداد بالنفس، ورباطة الجأش، والثبات فى المواقف القاسية، كما يملك قدرة كبيرة على التركيز فى التفاصيل، والتفكير فى مسارات عديدة فى وقت واحد بالكفاءة نفسها، إلى جانب قيم الشهامة والوفاء وصلة الرحم، وهى ما تبدو واضحة فى وصاياه لزوجته على إخوته وأبيه، ومطالبته لها بزيارة أسر أصدقائه ولقاء ذويهم.
لا ينخرط عبدالناصر بكل شعوره وتركيزه فى أمر واحد، مهما بلغت عظمته وتشابكاته، كان هذا باديا من النكهة الرومانسية التى لم تغب عن رسائله لزوجته، بينما تستعر الحرب وتتصاعد وتيرتها، ويُحكم العدو حصاره الخانق على كتيبته، قاطعا عنها كثيرا من خطوط الاتصال والإمداد، بقى «ناصر» طوال الوقت ضابطا صلبا وثابتا على جبهة الحرب، وزوجا وفيا وعاشقا على جبهة الحب.
 
صور-وثائق-ورسائل-جمال-عبد-الناصر-وزوجته-4
 
 
لم يكتب عبدالناصر لوالده مباشرة، ربما لأنه لا يجيد القراءة، لكن إلى جانب هذا تكشف الرسائل أن تعلقه بعمه خليل حسين كان أكبر من تعلقه بأبيه فعلا، الأمر قد يعود إلى تربيته فى منزل عمه، إبان دراسته فى القاهرة بينما كانت الأسرة تقيم بالإسكندرية، إذ كان واضحا قدر الحميمية والمودة فى خطابات «ناصر» وعمه، وتردد اسم الأخير فى رسائله لآخرين، وحضور والده على هامش كل هذه الرسائل، بطلا فى الظل، وموضوعا للاطمئنان العابر، أو السلام والتحية البروتوكوليين.
 
الملمح الأبرز أن عبدالناصر كان يمارس أبوّته بشكل عميق، ليس مع «هدى ومنى» فقط، وإنما تكشف الرسائل أنه مارس هذه الأبوة قبل حتى أن يتزوج أو يصير أبا، وهكذا يحضر أشقاؤه: عز العرب والليثى وشوقى، موضوعات دائمة فى رسائله لزوجته، سواء بالسؤال، أو الاطمئنان، أو متابعة مسارهم الدراسى، أو التوصية برعايتهم وحسن استقبالهم، أو إرسال مبالغ مالية لهم، إلى جانب رسائله المباشرة لأشقائه، واستقباله ست رسائل من ثلاثة منهم، بدت كلها تعبيرا عن إحساس عميق بالمسؤولية تجاه الأشقاء، وشعور من جانبهم بما يوليه «ناصر» لهم من اهتمام، وما يشعر به تجاههم من أبوّة حقيقية.
 
أما عن الأصدقاء، فكانت الرسائل تعبيرا حقيقيا عن اهتمام «ناصر» بالعلاقة التاريخية وزمالة الخدمة مع كثيرين من أبناء دفعته ورؤسائه، فحضرت أسماء عبدالمنعم رياض وعبدالحكيم عامر وغيرهما أكثر من مرة، كما اعتمد عليهما فى إيصال رسائله لأسرته، واستقبال رسائل الأسرة. وأوصى «تحية» كثيرا بزيارة أسر بعضهم والاطمئنان عليهم. وهذا الملمح بدا واضحا بشكل أكبر فيما بعد، من خلال علاقته بـأعضاء مجلس قيادة الثورة، وأصدقائه فى الأوساط الصحفية والثقافية والفنية. وإبقائه على هذه العلاقات جيدة ومستقرة طوال الوقت.
 
انقضت الحرب بعد تسعة أشهر من اندلاعها، عاد جمال عبدالناصر إلى مصر، والتقى أصدقاءه المقربين وشكلوا مجموعة الضباط الأحرار، واشتعلت الثورة فى 23 يوليو 1952، وخاض مشكلات وصراعات داخلية وصولا إلى توليه السلطة فى 1954، وشهد فترات مدّ وجذب بين مشروعات قومية وخطط خمسية ونهضة زراعية وصناعية واقتصادية من جانب، وصراعات محلية وإقليمية وحرب فى اليمن ودعم للجزائر وحركات التحرر وهزيمة فى يونيو 1967، وصولا إلى محطته الأخيرة فى 28 سبتمبر 1970.
 
مضى عبدالناصر إلى ربه ولم تمض ذكراه، وتوقفت رسائله ولم تنقطع آثارها، وبينما تحل اليوم الذكرى 101 لمولده، يظل الزعيم الراحل واحدا من أكثر الشخصيات تأثيرا وإثارة للجدل فى تاريخ مصر الحديث، ويظل حاضرا بقامته الفارعة وهامته السامقة اللتين جاء بهما، ومضى بهما، كأنه يتعارك مع السحب أو يسد عين الشمس، أو يصنع جدارا عريضا وصلبا يسند المصريون ظهورهم إليه، لكنه فى القلب من كل هذا يظل سرا غامضا فى كثير من جوانبه، خاصة قلبه ومشاعره وسكك محبته للناس، فإذا كان الجميع يعرفون جمال المقاتل والثائر والرئيس والزعيم، فإننا سنظل طوال الوقت نكتشف «جمال عاشقا».
 
صور-وثائق-ورسائل-جمال-عبد-الناصر-وزوجته-19
 

صور-وثائق-ورسائل-جمال-عبد-الناصر-وزوجته-32
 

صور-وثائق-ورسائل-جمال-عبد-الناصر-وزوجته-45
 

صور-وثائق-ورسائل-جمال-عبد-الناصر-وزوجته-46
 
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة