قال الدكتور سعود السرحان، الأمين العام لمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، أن الحديث عن المشرق والمغرب ككتل واحدة هما أمران متوهمان، فلا نستطيع أن نتحدث عن مشرق عربى متكامل أو مغرب عربى متكامل، فالعلاقة بين دول المشرق والمغرب جيدة، لكن العلاقات بين دول المغرب نفسها ليست جيدة وكذلك دول المشرق.
جاء ذلك خلال مؤتمر "العلاقات بين المشرق والمغرب العربيين: ماضيًا وحاضرًا ومستقبلاً.. رؤى فى إعادة كتابة التاريخ"، بمكتبة الإسكندرية، بمشاركة أكثر من 30 باحثًا من الدول العربية.
وقال السرحان، أن هناك ثلاثة فاعلين فى العلاقة بين الدول العربية، وهم الساسة والنخب سواء فكرية أو سياسية بالإضافة إلى رجل الشارع، مشيرًا إلى أننا نركز جميعنا فى صورة العرب فى الدراما الغربية ولا نركز على صورة الدول العربية فيما بينهم فى الدراما العربية نفسها.
ورأى السرحان أن النخبة لم تعد قائدة للشعبويين ولكن يحدث العكس، فالشعبوية هى التى تؤثر فى النخبة من خلال وسائل التواصل الاجتماعى، لافتًا إلى أن النخبة العربية فى جهل تام بالآخر فالنخبة المغربية لا تعرف كثيرا عن النخبة المشرقية، وهذا الجهل أدى إلى نوع من التفاخر.
وتساءل السرحان عن الحلول التى يمكن من خلالها أن تستعيد النخبة مكانتها، متابعًا:" أظن أنه يمكن أن يحدث ذلك من خلال استعادة النخب لإنتاج نفسها مرة أخرى، وخلق نوع من التعارف والتعامل بين المشرق والمغرب، عبر مشاريع عملية وليس مشاريع ضخمة".
بدوره قال الدكتور خلف الميرى، أستاذ التاريخ بجامعة عين شمس، أن المصالح والعلاقات الدولية تتشابك فيما بينها فى أكثر من مجال ولكن يظل الاقتصاد هو المحرك الأول لها هو والمحرك للسياسة. وأضاف أنه منذ التحول العالمى إلى الرأسمالية التجارية وصولاً لثورة المعلومات، اتسمت تلك العلاقات بالروح الاستعمارية وصراع المصالح، ولم يكن العالم العربى بعيدًا عن تلك الصراعات ولكنه أكتوى بنيرانها.
وأشار إلى أننا لم نتحرر بعد من التبعية للدول الخارجية منذ 500 عامًا، فالعلاقات بين الدول العربية بالعالم الخارجى أقوى من تلك العلاقة فيما بين الدول العربية نفسها، متابعًا: "يبدو أننا بحاجة إلى تأمل علاقتنا العربية بوجه عام والعلاقات المشرقية المغربية بوجه خاص". وتساءل "الميري" فى النهاية: "هل لدينا القدرة على الفعل وتغيير الواقع؟"، لافتًا إلى إمكانية حدوث ذلك عبر تشكيل كتلة اقتصادية كبرى.
من جانبه، تحدث الدكتور جمال شقرة، عن مستقبل العلاقات المشرقية المغربية ومرتكزات التقارب والمعوقات، قائلا: "إن النخبة المثقفة العربية لم تقدم استراتيجية واضحة وآليات محددة لتحقيق حلم الأمة العربية فى الوحدة، حتى لو على المستويين الثقافى والاقتصادي".
وأضاف أننا حتى هذه اللحظة لدينا إشكالية فى تحديد وتعريف مصطلح المشرق والمغرب، وماهى دول المشرق وما هى دول المغرب، مستعرضًا فرص التقارب العربى بين المشرق والمغرب وكذلك المعوقات التى تواجه هذا التقارب.
فيما أوصى المؤتمر فى التقرير الختامى، بضرورة قيام الدول العربية باتحاد تكاملى قائم على خيار التنمية من خلال المدخل التجارى باعتباره الطريق الأفضل لتحقيق التكامل والتعاون العربى بين المشرق والمغرب.
وطالب المؤتمر بضرورة مواصلة العمل عل توطين العلاقات بين المشرق والمغرب على مستوى النخب والشعوب، بالإضافة إلى جعل المؤتمر حلقة أولى ضمن حلقات أخرى تكون فى مصر وباقى الدول العربية لمناقشة الأوضاع العربية.
وعُقدت الجلسة الختامية للمؤتمر تحت عنوان "آفاق العلاقات المشرقية المغربية". أدار الجلسة الدكتور سامح فوزى، بحضور الدكتور سعود السرحان، الأمين العام لمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، والدكتور خلف الميرى والدكتور جمال شقرة.
يشار إلى أن مكتبة الإسكندرية، اختتمت اليوم فعاليات مؤتمر "العلاقات بين المشرق والمغرب العربيين: ماضيًا وحاضرًا ومستقبلاً.. رؤى فى إعادة كتابة التاريخ"، والذى استمر على مدار يومين، بمشاركة أكثر من 30 باحثًا من الدول العربية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة