تقول الدكتورة سهير عبد العظيم مؤلفة كتاب "الموسيقى فى الإسلام" الصادر حديثا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب: "يعد كتابى جولة بين ميادين عديدة تاريخية ودينية وفنية، وقصدت منه أن أفتح بابا جديدا ظل مغلقا يثير الخوف لوقت طويل".
ويتناول الكتاب موضوع الموسيقى فى الإسلام من حيث توضيح العلاقة بين القيم الجمالية والأخلاقية فى الموسيقى، كما يقدم عرضا لبعض المظاهر الموسيقية فى الإسلام وتطورها، كذلك إثبات ترتيل وتجويد القرآن الكريم سببا فى نجاح كبار الملحنين والمطربين الذين نشأوا نشأة دينية، وأخيرا إثبات أن الموسيقى عامل أساسى فى مساعدة النشأ على سرعة استيعاب كلمات النشيد الهادف مهما قوى اللفظ.
ويقول الكتاب هل العصر الإسلامى على المجتمع العربي بسماحته، فضرب المثل العليا لمبادئ الاجتماع المؤسسة على مكارم الأخلاق، والسمو النفسى والكمال البشرى، فلم يبطل من العادات الجاهلية إلا ما وجب إبطاله، ولم يبق منها إلا الأشياء التى لا تؤثر على تعاليم الدين الحنيف ولا تتعارض مع عقيدة التوحيد.
وقد كان الغناء شائعا فى مكة والمدينة منذ العصر الجاهلى، فقد كان القوم يشغفون بالغناء، وكان شائعا فى حياتهم العامة، كما كان شائعا فى حياتهم الخاصة.
وكان أصل الغناء ومعدنه فى أمهات القرى من بلاد العرب متفشيا فى المدينة والطائف وخيبر ووادى القرى ودومة الجندل وأرض اليمامة، أى أن المدينة كانت إحدى مواطن الغناء المهمة.
ومن هنا لا يكون غريبا أن نسمع بعد ذلك أن النبى صلى الله عليه وسلم، حين قدم إلى المدينة مهاجرا استقبله أهلها من الأنصار استقبالا حافلا، وقد ألف نساؤها وأطفالها ورجالها جميعا ما يشبه الجوقة الغنائية حيث كانو ينشدون "طلع البدر علينا".
وجاء فى طبقات ابن سعد أن الصحابة كانوا يتغنون ببعض الرجز أثناء حفرهم لللخندق فى موقعة الخندق المعروفة "اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة/ فاغفر للأنصار والمهاجرة".
وبعد أن انتشرت الدعوة للإسلام كثرت التساؤلات عما إذا كان الرسول سيحرم عليهم السماع وهو الشيء المحبب إلى نفوسهم منذ جاهليتهم أم أن الإسلام سيجد لهذه الأمور حلولا مرضية تبقى للعرب سماعهم وشعرهم.
لقد كان الرسول مؤمنا برسالته، قويا فى عزيمته، حكيما فى تصرفه، عالما بحب الأنصار للسماع، فلم يكدر عليهم صفوهم فسمح لهم بالسماع، بل وحثهم عليه، كما نرى فى قصة السيدة عائشة مع أحد الأنصار حين أوصلت له عروسه. فسألها النبى بعد عودتها، أأهديتم الفتاة إلى بعلها؟ فأجابت عائشة: نعم. فقال: بعثتم معها من تغنى؟ فقالت عائشة مازحة: تغنى ماذا يار رسول الله، فقال رسول الله تغنى "أتيناكم أتيناكم/ فحيوينا نحييكم/ ولولا الحنطة السمراء/ ما سمنت عذاريكم/ ولولا الذهب الأحمر/ ما حلت بواديكم".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة