خالد عزب يكتب: مشروعات الرى وأثرها فى المجتمع المصرى

الخميس، 13 سبتمبر 2018 06:00 ص
خالد عزب يكتب: مشروعات الرى وأثرها فى المجتمع المصرى غلاف كتاب مشروعات الرى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، كتاب للدكتور عبد الحميد صبحى ناصف، عنوانه (مشروعات الرى وأثرها فى المجتمع المصرى)، والكتاب يركز على القرن التاسع عشر، الذى شهد مشروعات كبيرة غيرت مجرى الحياة فى مصر، وما زال أثرها باقيًا فى مصر إلى اليوم.
 
img175
 
 
الكتاب الذى بين أيدينا حافل بالمصادر التى تكشف عمق دراسته، من وثائق ومصادر، منها كتاب للمهندس محمد حب الرمان وأعظم ترعة للرى فى الدنيا، وهو كتاب عن ترعة الإبراهيمية التى نفذها المؤلف فى عهد الخديو إسماعيل، يحتوى الكتاب على وثائق وتوضيحات تقنية وخرائط مهمة، وأشعار قيلت فى حق الخديو إسماعيل.
 
ومن المصادر المهمة التى استعان بها المؤلف كتاب "الأحكام المرعية" ليعقوب أرتين، وهو دراسة تفصيلية عن أحوال الزراعة المصرية وصورة الملكية، وأحوال الفلاح والمحاصيل، ووسائل الرى والعلاقة بين الملاك والفلاحين، إلى غير ذلك من الموضوعات المتعلقة بتاريخ الزراعة المصرية، الباحث فى مقدمة كتابه انتقد وزارة الرى المصرية لرفضها تقديم والدعم البحثى له أثناء دراسته للموضوع.
 
الكتاب على تنوع مواده يعد موسوعة فى موضوعه، اهتم بإبراز دور المهندسين المصريين فى مشروعات الرى، وهم الذين قادوا مدرسة مصرية فى هذا المجال وكانوا أول من أسس هذه المدرسة، ومنهم: محمد بيومى أفندى الذى ركز على تدريس هندسة الرى فى مدرسة المهندسخانة، ومحمد مظهر الذى عمل فى عدد كبير من مشاريع الرى فى مصر، وأحمد دقلة بك الذى عمل مدرسا لهندسة الرى فى المهندس خانة، وأحمد بك السبكى الذى انتدب لعدد من مشروعات الرى فى مصر والسودان، وسلامة باشا إبراهيم الذى أنشأ ترعة الساحل واشترك فى هندسة ترعة الإبراهيمية وقناطر التقسيم، ومحمد ثاقب باشا الذى عمل مفتشا لعموم ديوان الأشعار، وكان مسؤولا عن إنشاء قناطر بترعة المرصفاوية وغيرهم.
 
المؤلف يخلص فى كتابه إلى عدد من النتائج الهامة منها أن مشروعات الرى وكذلك الجيش كان الاعتماد الأساسى فيها وبالدرجة الأولى على المواطن المصرى هو ما أكسب المصريين الكثير من الخبرات الفنية والعلمية وكذلك الكثير من الثقة بالنفس التى افتقدها المصريون على مدار سنوات عديدة سابقة، وهذا يحسب لمتولى الأمور الذى آمنوا بالمهندس والمقاول والعامل المصري، عندما تتوافر له المواد والظروف الموائمة لإنجاز المشروعات. ولم يخيب هؤلاء ثقة رؤسائهم، والدليل على ذلك قيامهم بإقامة هذه المجموعة من الترع والمصارف والقناطر والأهوسة فى أرجاء البلاد.
كما وضح أن مشروعات الرى كان لها دور يكاد يكون الأهم فى بناء النهضة التحتية للبلاد، ومن ثم سيقوم عليها ازدهار الزراعة وتوسعها ونماؤها وهو ما يعطى فائضًا ماليًا يعول عليه فى المشروعات والمرافق التى تحتاجها البلاد والتى تؤدى إلى رقى البلاد وتقدمها.
 
وكان جليًا أن حكام مصر فى القرن 19 كان لهم السبق واليد الطولى بجهودهم المبذولة فى مجال الرى التى كانت قد توقفت بصورة واضحة فى الفترات الزمنية الأسبق قبل اعتلاء محمد على وأسرته الحكم.
 
وكما أن لكل مشروع سياسى حضارى إيجابيات وسلبيات كان لمشروعات الرى الكثير من الإيجابيات وبعض السلبيات سنورد بعضًا منها كما يلي:
 
فبالنسبة إلى النواحى الإيجابية كان لمشروعات الرى آثر كبير فى اتجاهات عدة.
 
(1)الناحية الإدارية:
 
أ-أثر كبير فى تقسيم القرى والمديريات.
ب- تشريع قوانين جديدة عادت بصورة غير مباشرة فى صالح البلاد.
ج- الحاجة إلى التعداد لخدمة أعمال الرى فى بعض نتائجه.
 
(2) ازدهار العمران والنشاط البشرى:
 
أ-إقامة مدن وقرى وعزب ونجوع جديدة.
ب- إقامة الطرق والمواصلات وتأمينها.
ج- ازدهار التجارة الداخلية باستخدام الترع على أنها شريان ملاحي.
 
الناحية الاجتماعية:
 
أ-الإعلاء من شأن الجماعة والعائلة وقيمة الأرض.
ب- الاحتكام إلى القانون واحترامه.
ج- تقلد المصريين بعض المناصب التى لم يكونوا يتقلدونها من قبل وبذلك أصبحت بعض مقاليد الأمور فى يد المصريين.
د- الاهتمام بصحة المواطنين ومحاربة الأوبئة والأمراض المتواطئة. وغيرها من النواحى الإيجابية الأخرى التى حاولنا استنتاجها من خلال الدراسة.
وفى الحقيقة فإن غالبية المشروعات الكبرى فى مجال الري. قد عانت من سلبية التسرع فى دراسات الجدوى وفى التنفيذ، ولم يكن هناك وقت كافٍ للمزيد من الدراسات والتعديل. فقد كان هدف الحكام الأساسى إنجاز المشروع فى أسرع وقت وجنى ثماره سريعًا، وتلك مسلبة أكيدة؛ لأن تلك المشروعات التحتية تأتى نتائجها بعد فترات بعيدة من الزمن، ويبدو ذلك بجلاء فى مشروعى المحمودية والقناطر الخيرية.
 
ولعل من أهم سلبيات مشروعات الرى التى أحدثت جدلاً واسعًا، وكانت من المآخذ التى تؤخذ على محمد على وخلفائه ألا وهى السخرة، أراد أن يزيل أنقاض الماضي، ويخطو بمصر خطوات واسعة نحو التقدم والنهضة فوضع نصب عينيه تأسيس دولة قوية فى الشرق تعيد البريق إلى مصر العظيمة من خلال مشروع تحديثى إصلاحى على أحدث الطرق والأساليب فى عصره.
 
وكان يدرك أن الوقت يداهمه، من يتربص به بدءًا من السلطان العثمانى حتى الدول الأوروبية، وعلى رأسها إنجلترا فكان، لابد من المضى قدمًا فى مسيرته الإصلاحية دون تأخير أو إبطاء، وكيف السبيل إلى ذلك، والشعب المصرى قد فقد حس التطور مع مرور السنين، فى وقت لم تكن تعرف وسائل الاتصال الفعالة، كالتى نعرفها اليوم، ولم يكن هناك ما يعرف بالمشروع القومى الذى تتبرى له كل أجهزة الدولة لتعبئة الرأى العام وإقناع الجماهير به وهناك مشكلة أخرى هى أن الخزانة المصرية لا تحمل من الأرقام سوى الأصفار، فمع خزانة خاوية وشعب لن يقف وراء هذه المسيرة الإصلاحية وقع محمد على بين خيارين كلاهما مر، إما التخلى عن أحلامه بدولة قوية يشار إليها بالبنان، وإما أن يجبر الناس على العمل لإنجاز هذا المشروع الحضاري.
 
فكان الخيار الثانى، لأنه لم يكن فى مقدور النظام الطبيعى للعمل أن يستوعب أو ينجز هذه المشروعات العملاقة بهذه السرعة، حتى لو فرضنا جدلاً أن العمال تقاضوا أجورًا حقيقية، هل كان سيتمكن محمد على من جمع هذه الأعداد الغفيرة للعمل فى هذه المشروعات؟ بالطبع لم يكن ذلك فى مقدوره، لأنه من الطبيعى أن يهرب الناس من هذا العمل المضنى وما يتضمنه من البعد عن أهليهم وقراهم هذا من ناحية.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة