كوريا الشمالية من العزلة إلى مركز لاستقطاب المجتمع الدولى.. انتصارات بيونج يانج الدبلوماسية على واشنطن تخرج عن محيطها الجغرافى إلى نطاق عالمى.. وخصوم ترامب يتوددون لـ"كيم" لإفساد صفقتهما قبل "التجديد النصفى"

الأربعاء، 12 سبتمبر 2018 05:30 م
كوريا الشمالية من العزلة إلى مركز لاستقطاب المجتمع الدولى.. انتصارات بيونج يانج الدبلوماسية على واشنطن تخرج عن محيطها الجغرافى إلى نطاق عالمى.. وخصوم ترامب يتوددون لـ"كيم" لإفساد صفقتهما قبل "التجديد النصفى" زعيم كوريا الشمالية وترامب
كتب - بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

على الرغم من التطور الكبير الذى شهدته العلاقات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، فى الآونة الأخيرة، خاصة منذ القمة التى عقدها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب مع نظيره الكورى الشمالى كيم جونج أون فى سنغافورة، إلا أن العلاقة بين البلدين تمر بمراحل متباينة تصل إلى حد التعارض التام، ففى الوقت الذى قررت فيه واشنطن إلغاء زيارة كان من المقرر أن يقوم بها وزير خارجيتها مايك بومبيو إلى بيونج يانج قبل أيام بسبب عدم حدوث تقدم فى ملف نزع الأسلحة النووية، تواتر الحديث داخل أروقة البيت الأبيض أمس الثلاثاء عن لقاء ثان محتمل يجمع الزعيمين خلال المرحلة المقبلة.

 

يبدو أن حالة التناقض الصريح فى المواقف الأمريكية يمثل انعكاسا صريحا لحالة الانقسام التى ربما تعيشها المؤسسات الأمريكية فى المرحلة الراهنة، جراء الاختلاف حول الرؤى التى يتبناها الرئيس ترامب تجاه العديد من القضايا الدولية، وهو الأمر الذى بدا واضحا منذ قبل انعقاد قمة سنغافورة، حيث ثار الجدل حول الكيفية التى يمكن للولايات المتحدة التعامل بها مع الملف الكورى الشمالى، خاصة بعد تصريحات جون بولتون حول تطبيق النموذج الليبى مع بيونج يانج، وهو الأمر الذى أثار تحفظات كوريا الشمالية، وكان بمثابة تهديد واضح للقمة التاريخية التى عقدت بالفعل فى يونيو الماضى.

 

انقسام الحلفاء.. بيونج يانج تقوض نفوذ واشنطن فى محيطها الجغرافى

إلا أن حالة الانقسام التى تعانيها الولايات المتحدة لا تقتصر بأى حال من الأحوال على الداخل الأمريكى، وإنما امتدت إلى علاقة الولايات المتحدة بحلفائها، خاصة فى منطقة جنوب شرق آسيا، وعلى رأسهم كوريا الجنوبية واليابان، فى ظل التجاهل الأمريكى لمصالحهما خلال قمة ترامب كيم فى سنغافورة، حيث تجاهل الرئيس الأمريكى الحديث عن قضية المختطفين اليابانيين، بينما قرر مكافأة زعيم كوريا الشمالية بوقف المناورات العسكرية المشتركة مع كوريا الجنوبية، وهو ما دفع البعض إلى الحديث عن احتمالات انسحاب عسكرى أمريكى من سيول فى الفترة القادمة إذا ما حققت المفاوضات الأمريكية الكورية الشمالية مزيدا من التقدم.

ترامب ورئيس وزراء اليابان
ترامب ورئيس وزراء اليابان

ولعل الانقسام بين الولايات المتحدة وحلفائها فى منطقة جنوب شرق آسيا يمثل فى ذاته انتصارا دبلوماسيا كبيرا لبيونج يانج، ومن ورائها حليفيها الصينى والروسى، على حساب القوى الأمريكية العظمى، التى احتفظت بهيمنتها على المنطقة لسنوات طويلة، ولعل التحركات اليابانية والكورية الجنوبية المنفردة للتودد إلى النظام الذى طالما نظروا إليه باعتباره عضوا مارقا فى المجتمع الدولى، وحلفائه دليلا دامغا على انعدام ثقتهما فى الحليف الأمريكى.

 

وتتزامن الخطوات الودودة من قبل طوكيو وسيول تجاه كوريا الشمالية، مع توجه مشترك نحو توطيد العلاقات مع كلا من روسيا والصين، وهو ما بدا واضحا فى الزيارات التى أجراها زعماء البلدين مؤخرا إلى موسكو وبكين، فى إشارة واضحة لرغبتهما فى تنويع تحالفاتهما فى المرحلة المقبلة، خاصة فى ظل حاجتهم لبدائل تجاريين، بعد التعريفات الأمريكية التى أعلنتها إدارة ترامب فى الأشهر الماضية على تجارتها مع حلفائها.

 

استقطاب دولى.. بيونج يانج من العزلة إلى مركز استقطاب العالم

لم تقتصر انتصارات بيونج يانج الدبلوماسية على منطقتها أو محيطها الجغرافى، وإنما امتدت إلى نطاق أوسع، مع زيادة التوترات الأمريكية مع العديد من القوى الدولية والإقليمية، فأصبح النظام الكورى الشمالى محلا لاستقطاب خصوم الولايات المتحدة، فى مناطق أخرى من العالم، لعل أبرزها منطقة الشرق الأوسط، حيث سعت الحكومة الإيرانية إلى استقطاب النظام الكورى الشمالى إلى جانبه فى ظل الصراع الراهن بين طهران وواشنطن على خلفية الانسحاب الأمريكى من الاتفاقية النووية الإيرانية، بالإضافة إلى العقوبات التى فرضتها الإدارة الأمريكية على طهران بسبب رفض الأخيرة الرضوخ لمطالب ترامب.

 

وزير خارجية كوريا الشمالية زار طهران بعد توترها الأخير مع واشنطن
وزير خارجية كوريا الشمالية زار طهران بعد توترها الأخير مع واشنطن

ربما لم يكن لجوء طهران إلى استخدام ورقة بيونج يانج مفاجئا للكثير من المتابعين، خاصة مع التشابه الكبير بين الحالتين الإيرانية والكورية الشمالية، حيث سعت النظام الحاكم فى إيران إلى استخدام التوتر الحالى مع الإدارة الأمريكية لإقناع كيم جونج أون بأن الولايات المتحدة ليست محلا للثقة، مستشهدة بتراجع ترامب عن الاتفاقية النووية وانسحابه منها بعد أن قامت إدارة أوباما برعايتها.

 

إلا أن الملفت أن طهران ليست الطرف الوحيد فى الشرق الأوسط الذى لجأ إلى كوريا الشمالية للاستقواء بها ضد الولايات المتحدة، حيث اتخذت الحكومة الفلسطينية النهج نفسه، وهو ما بدا فى حرص وزير الخارجية الفلسطينى رياض المالكى على حضور احتفالات بيونج يانج بالذكرى الـ70 لتأسيسها، وكذلك تسليم زعيم كوريا الشمالية رسالة من الرئيس الفلسطينى محمود عباس يحاول فيها الأخير إقناع كيم بأن أمريكا ليست محلا للثقة، بعد الإجراءات المجحفة التى اتخذتها إدارة ترامب ضد فلسطين فى الآونة الأخيرة.

 

إفساد الصفقة.. خصوم أمريكا يسعون لتقويض خطة ترامب فى "التجديد النصفى"

التودد الدولى لبيونج يانج من قبل خصوم الولايات المتحدة يعكس رغبة كبيرة فى إفساد الصفقة، أو على الأقل تعليقها فى المرحلة الراهنة، خاصة وأن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب يحاول استخدام اتفاقه مع كوريا الشمالية، للترويج على نجاحه فى تحقيق ما فشل فيه كافة أسلافه فى العقود الماضية، خاصة قبل انتخابات التجديد النصفى للكونجرس الأمريكى، والمقرر إجراؤها فى نوفمبر المقبل، حيث يسعى خلالها إلى احتفاظ الحزب الجمهورى بأغلبيته فى الكونجرس فى المرحلة المقبلة من أجل تحقيق أهدافه دون متاعب كبيرة، يمكن أن تسببها له المعارضة الديمقراطية إذا ما تمكنت من استعادة سيطرتها على الكونجرس فى الانتخابات المرتقبة.

 

عباس يحاول الضغط على ترامب عبر بوابة بيونج يانج
عباس يحاول الضغط على ترامب عبر بوابة بيونج يانج

بينما يراهن خصوم واشنطن على تقويض الانتصار الدبلوماسى الذى يمكن للرئيس الأمريكى تحقيقه فى المرحلة المقبلة، من خلال الضغط على كوريا الشمالية لتعليق أو وقف الاتفاق من أجل تقويض طموحات ترامب، حيث أنهم يرون أن فوز الديمقراطيين بالأغلبية بالكونجرس من شأنه تحقيق قدرا من التوازن فى السياسة الأمريكية ومواقفها تجاه العديد من القضايا الدولية.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة