هو فنان عظيم بكل ما تحمله الكلمة من معنى، عالمى بحق وليس مثل هؤلاء العالمين المزيفين، عاش فى إنجلترا 45 عاما، حقق خلالها ما لم يحققه فنان مصرى فى حياته، شهرته عمت العالم أجمع، حتى أن ملكة إنجلترا حينما أرادت أن تهدى باكستان شيئا قيما بمناسبة ذكرى استقلالها الخمسين حملت إحدى لوحاته وتوجهت إلى كابول، هو الفنان العربى الوحيد الذى استطاع أن يقيم معرضا فى الفاتيكان، برغم أن معظم لوحاته تحمل آيات القرآن فى شكل حداثى مبهر، وهو أيضا الفنان العربى الوحيد الذى علقت له لوحة لتكون المعبر التشكيلى عن الدين الإسلامى بجانب لوحة المسيح لسلفادور دالى فى متحف الأديان، هو الذى يقابله الجميع فى كل بلدان العالم التى يدعى إليها بالترحاب، وهو المحمول على الأعناق فى المتاحف والملتقيات والندوات والمهرجانات، ابن مدينة إسكندرية الذى كان أول دفعته فى السبعينيات، المقاتل فى حرب أكتوبر، الذى حملت خرائط التحركات العسكرية قلمه وبصمته، وهو الذى يحقق فى جميع مزادات العالم أكبر الأرقام متفوقا على غالبية الفنانين المعاصرين، سواء كانوا مصريين أو عالميين، هو كل هذا فى شخص، وبرغم عالميته المفرطة، وتهافت العالم عليه أدرك بحسه الوطنى أن مصر الآن بحاجة إلى أبنائها المخلصين، فعقد العزم والنية على الحضور إلى مصر والإقامة فيها، وتأسيس جمعية فنية تكون أساسا لمؤسسة ثقافية أكبر تتضمن متحفا ومعهدا للقلم بالعربى، وبدعوة من وزارة الثقافة نقل الفنان أحمد مصطفى مرسمه على باخرة آتية من بريطانيا، إلى الإسكندرية من ماله الخاص، لم يحمل وزارة الثقافة قرشا واحدا برغم أن الوزارة هى من وجهت إليه الدعوة، وكل ما طلبه هو تسهيل دخول المرسم إلى مصر، فاستجابت السيدة الراقية إيناس عبد الدايم لطلبه، وناشدت الدكتور محمد معيط وزير المالية فى خطاب رسمى تسهيل دخول هذا المرسم عبر ميناء الدخيلة، لكن البيروقراطية كانت أكبر من كل كبير، وتاهت الشحنة فى الميناء التى طلبت أن يعرض المرسم عرضا أمنيا ثم عرضا ثقافيا ثم عرضا دينيا ثم عرضا زراعيا، ومن قبل هذه العروض كانت مهلة السماح قد انتهت، فبدأت الغرامات فى التوالى، ثم وبعد تجاوز الغرامات لعشرات الآلاف تريد هيئة الجمارك أن تحاسب الفنان الذى لا يريد تربحا ولا مكسبا، وأتى إلى مصر على نفقته الخاصة فى مشاركة منه فى التخفيف على ميزانية وزارة الثقافة تريد هيئة الجمارك أن تحاسبه كما لو كان تاجرا بأن تحسب محتويات مرسمه من ترابيزات وحوامل وبراويز لوحات وكأنها بضاعة تجارية، مقيمة إياها بدولار لكل كيلو جرام، وإذا ما علمنا أن تلك المحتويات التى تعد أثاثا تبلغ حوالى 20 طنا، فسندرك أى طعنة تريد هيئة الجمارك أن تسددها لفنان عالمى لم يذنب فى شىء سوى أنه يريد أن يعبر عن حبه وامتنانه لوطنه الأم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة