سالم الكتبى

بين "العنصرية" و"الازدواجية"وبناء السفارة

الجمعة، 03 أغسطس 2018 02:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

اعتاد الجميع تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التى يهاجم فيها إسرائيل، ويصفها بألفاظ عنيفة تعكس خطه السياسى الشعبوى، الذى يتسم بخصائص وسمات ناقشها الخبراء والمتخصصون كثيراً.

 

وقد لفت نظرى فى خضم التطورات الأخيرة التزامن العجيب بين تصريحات الرئيس أردوغان التى وصف فيها إسرائيل بأنها " الدولة الأكثر فاشية وعنصرية في العالم " وذلك فى تعليقه على مصادقة الكنيست الإسرائيلى، على قانون "الدولة القومية" الذى يمنح اليهود فقط حق تقرير المصير فى البلاد.

 

نحن ، كعرب ، نرفض هذا القانون ونعتبره بالفعل قانوناً عنصرياً بامتياز، ويكرس واقع الفصل العنصرى فى إسرائيل، التى تتباهى بأنها واحة الديمقراطية فى الشرق الأوسط.


هذا موقف عربى مؤكد لا مزايدة فيها ولا عنتريات، وإحقاقاً للحق، فإن حديث الرئيس التركى عن إسرائيل أيضاً ينسجم مع مواقف كلامية له فى مناسبات عديدة، رغم أنه زاد هذه المرة وربط بين هذا القانون العنصرى وما وصفه بـ "روح هتلر"، حين قال "لا يوجد فرق بين هوس هتلر بتفوق العرق الآرى وبين فهم إسرائيل بأن هذه الأرض العريقة يجب أن تكون مخصصة لليهود فقط، إن روح هتلر التى قادت العالم إلى كارثة كبيرة تعود لتتجسد لدى بعض القادة الإسرائيليين".

 

وبغض النظر عن دوافع إسرائيل لتأسيس وتكريس الواقع العنصرى، وبعيداً عن الحرب الكلامية المتداولة بين الرئيس أردوغان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، وأسبابها الحقيقة ومظاهرها التى تطفو على السطح إعلامياً، فإن ما لفت انتباهى فى ذلك كله هو التزامن بين حدى تصريحات الرئيس التركي ونشر تقرير عن حصول شركة " ليماك " التركية على عقد لتصميم وبناء مبنى السفارة الأمريكية في مدينة القدس بكلفة 21 مليون دولار، ضمن تحالفها مع شركة أمريكية للمقاولات ، تحالفت معها تحت اسم Desayild  Limak  ، وهو التحالف الذي فاز بعطاء بناء السفارة الأمريكية في القدس بعد أن قام ببناء السفارة الأمريكية في بغداد .

الخبر ليس عادياً لسبب بسيط، هو أن شركة "ليماك" التي تعد من الشركات التركية الكبرى فى مجالات الإنشاءات، وتقوم ببناء مطار إسطنبول الجديد، يمتلكها ملياردير تركي يصنف بكونه صديقاً شخصياً مقرباً للرئيس أردوغان ، فضلاً عن أن رئيس الوزراء التركي السابق الذي بات رئيساً للبرلمان التركى على يلدريم أحد أعضاء مجلس إدارتها بحسب التقرير الإعلامى الأمريكى الذى نشر الخبر.

 ثم ما لبث الإعلام التركى أن حاول نفى صحة الخبر، ولكن لم يصدر بيان رسمي من الشركة ينفي صحة التعاقد مع الخارجية الأمريكية على بناء السفارة في القدس.

محور حديثى لا يتعلق بنشاط شركة تعمل فى البناء، ولكنى أتحدث تحديداً عن الهوة الكبيرة التى تفصل بين المواقف الحقيقية على أرض الواقع والخطاب السياسى التركى نارى الطابع ، ولاسيما حين صدر قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس !

غضب أردوغان عقب صدور قرار نقل السفارة ودعا إلى قمة إسلامية طارئة انتهت إلى بيان صارم حاول فيه الرئيس التركي رئيس الدورة الثالثة عشر لمنظمة التعاون الإسلامي "ملء الفراغ "عبر حراك سياسي لا يسمن ولا يغني من جوع ! ولكن الفعل الحقيقي جاء من صديقه المقرب الذي بادر إلى التعاقد لبناء السفارة الأمريكية في القدس بخبرات ومعدات تركية !

لست من دعاة التفتيش فى النوايا، ولكنى من المطالبين بالاتساق مع الذات، ونبذ المتاجرة بمشاعر الشعوب العربية والإسلامية، التى تعانى ما يكفيها من متاعب جراء الفوضى والاضطرابات والأزمات التى تمر بالعديد من دول المنطقة منذ عام 2011. وبناء عليه لم يكن تلميح الرئيس أردوغان عن أمن القبلة الأولى ( مكة المكرمة ظل التهديد الذى يواجه القبلة الثانية ( القدس) سوى هذا النوع من الازدواجية السياسية والمصالحية والمتاجرة بالمشاعر الدينية ، التى دفعت الكثير من الشعوب العربية والإسلامية أثماناً غالية لها فى السنوات الأخيرة .










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة