السجون لم تبق مكاناً لقضاء مدة العقوبة فقط، وإنما باتت مكاناً لتأهيل السجين وتقويم سلوكه تمهيداً لإعادة انخراطه في المجتمع مجدداً عقب خروجه من السجن، ولذلك حرص قطاع السجون على التوسع في مراكز التأهيل داخل السجون، وأسفر التنسيق المثمر والفعال مع جهاز التشييد والبناء التابع لوزارة الإسكان والتعمير عن إنشاء وتشغيل ستة عشر مركزا لتدريب وتأهيل السجناء على الحرف المهنية كالنجارة والسباكة والمحارة وأعمال الكهرباء.
وتتولى هذه المراكز بالإضافة الى تدريب السجناء على تلك الحرف، منحهم مبلغاً مالياً يومياً لكل متدرب، فضلاً عن منحهم شهادات خبرة صادرة من الجهاز مباشرة "دون الإشارة للسجون بمضمونها" لتتيح لهم فرص الحصول على عمل عقب الإفراج عنهم.
ومما لا شك فيه أن العمل يعد من أهم الحقوق الإنسانية المرتبطة بالحق في الحياة، لذلك يعتبر العمل إلتزاما يقع على عاتق الدولة تجاه المحكوم عليه، لكونه يتمتع بصفة المواطن، وهذه الصفة يلازمها توفير سبل العيش الشريف باعتباره أحد مواطنيها، كما أن المحكوم عليهم يشكلون قوة إنتاجية كبيرة يجب على الدولة الاستفادة منها باستغلالها في مجالات العمل، لما يحققه ذلك من الخير للمجتمع بأسره .
وإزاء هذا الحق، تبنت الدولة مبدأ توفير العديد من فرص العمل داخل السجون، فصدرت قرارات متتالية لتخصيص مساحات شاسعة من الأراضي في العديد من المحافظات، وأقيمت العديد من المشروعات الإنتاجية داخل السجون، بل ذهبت لأكثر من ذلك بإصدارها القرار الجمهوري رقم 423 لسنة 1978 بإنشاء هيئة صندوق التصنيع والإنتاج للسجون بهدف تأهيل المسجونين وتشغيلهم في مشروعات شتى، ورصدت له موازنة مناسبة، وتشكل له مجلس إدارة.
يضم الصندوق في عضويته ممثلين من الجهات المعنية كوزارات المالية والزراعة والصناعة، بالإضافة إلي عضوية نائب رئيس مجلس الدولة، وبعض قيادات وزارة الداخلية، وتكون رئاسته لمساعد الوزير لقطاع السجون، حيث تولي هذا الصندوق إقامة العديد من المشروعات الإنتاجية التى استهدفت تحقيق المردودات الإيجابية، أبرزها التوظيف الأمثل لطاقات السجناء، واستثمار أوقات فراغهم في عمل نافع، والنهوض بالمستوى المعيشي لهم ولأسرهم من خلال تنميتهم مهارياً ومهنياً، وحصولهم على أجور مجزية مقابل العمل، بهدف تأهيلهم للإنخراط الكريم في مدارج المجتمع.
ويشهد قطاع السجون في الفترة الحالية أزهي عصوره خاصة مع البدء في إقامة العديد من المشروعات النموذجية، لتنافس مثيلها بالأسواق المحلية خارج السجون، وتشارك في الخطة العامة للدولة لبلوغ أهدافها نحو تحقيق أعلي معدلات ممكنة للتنمية الإقتصادية، ولتكون واجهة للسجون المصرية الحديثة في اتخاذها من حقوق الإنسان رمزاً يحتذى بها في كثير من بلدان العالم .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة