لماذا يتصور البعض زورا وبهتانا، أن المعارضة تبدأ بالضرب فى مؤسسات الدولة؟ ولماذا ينشأ البعض على أن المعارضة هى الارتماء فى أحضان أعداء الدولة المصرية الذين يكيدون لها فى السر والعلن ويعملون على إلحاق الضرر بها؟ من أين جاء هذا التصور الشائه أن الخلاف بين نظام، أيا كان توجهه والقائمون عليه، ومعارضيه، لابد وأن تدفع ثمنه الدولة؟
قلة التربية السياسية وفشل الأحزاب فى بناء قواعد شعبية وظهور عشوائيات الحركات السياسية ودكاكين الجمعيات الحقوقية الممولة، ربما أسهم فى ظهور جيل أو أجيال من ناشطى السبوبة، أولئك الهامشيون الذين لا يهمهم وطن ولا دولة ولا أحزاب ولا برلمان ولا يحزنون، هم عبيد إحسانات مراكز التمويل الأجنبية ووكلائهم فى مصر وكل من يلوح بالدولار واليورو.
ليس مهما من أنت أو ماذا تقول أو ماذا تريد أو تطلب، المهم هو كم تدفع؟ هذا هو الشعار الرائج لنشطاء السبوبة، والذين تجدهم غالبا من المتطرفين الميالين للعنف، ويتساوى فى ذلك متطرفو الجماعات المتأسلمة، والإسلام منها برىء، ومتطرفو الحركات المتمركسة والمتريسة، وماركس واليسار منها بريئان أيضا، وكذا الحركات المتثورة زورا وبهتانا والثورة منها بريئة براءة الذئب من دم يوسف بن يعقوب.
الإسلامجى المتطرف يمكن أن يوظف قشور معرفته الدينية لصالح ما يطلبه منه وكيل هذا الجهاز الاستخباراتى أو ذاك، أو تلك الوسيلة الإعلامية الغربية أو العربية، وأن يقول ما يطلب منه بالحرف مادام تيار الدولارات ساريا، وهل هناك أعجب من القرضاوى، المخرف الذى انحنى أمام الرغبات الشاذة لتنظيم الحمدين القطرى وأصدر فتوى لتحريم الحج على القطريين، مفتئتا على الله سبحانه وتعالى، وزاعما أن حج القطريين ليس لله فيه شىء!
واليسارى المتطرف الذى يبحث عن أى مظاهرة للمشاركة فيها حتى لو كانت مظاهرة لأتباع قوس قزح أو الحقوقى المتطرف الذى يعبد هيومان رايتس ووتش وتقاريرها ويعتقد أن الباطل لا يأتيها من خلفها أو من بين يديها، كلاهما ينتظر فى هذه الأيام السوداء الإشارة المزودة بالورقة الخضراء ليهتف أو يشتم أو يحرق أو يهاجم مؤسسات الدولة وممتلكات القطاع الخاص إذا لزم الأمر، على أساس أن الثورة هى نوع من الهياج العدوانى لشخصيات معصومة، من حقها أن تخرج عن القانون وتستحل التدمير لنفسها وعند مساءلتها، يظهر الشعار القديم، انت متعرفش أنا مين وابن مين، أنا ثورى ابن ثورى!
لابد أن نعترف أن هذا التحلل الذى أصاب السياسة هو انعكاس لتحلل وتفسخ أكبر أصاب المجتمع كله خلال العشرين سنة الأخيرة من حكم مبارك عندما دخل البلد فى الفريزر، وتوحشت علاقات الفساد والإفساد، وأصبحت السمسرة والتسهيلات والرشاوى والنهب المنظم والعشوائى هى العناوين العريضة الدالة على حركة الحياة، ولك أن تتخيل كيف يمكن أن يتفاقم الأمر مع توجه الاتحاد الأوروبى والإدارة الأمريكية إلى اللعب مع السماسرة الجدد وبعض القدامى من وراء ظهر الدولة مع الألفية الثالثة، بل إن المنح والمساعدات الرسمية جرى تخفيضها لصالح بناء جيل جديد من العملاء وأصحاب منصات الشائعات والقصف الذهنى، وهؤلاء هم من جرى الاعتماد عليهم بشكل كامل مع نهاية 2010.
ومع انفجار ثورة 25 يناير، أصبحنا أمام مسمى النشطاء الذين يحركون عشرات «الألاضيش» من خلال مواقع التواصل الاجتماعى، ثم يجتمعون فى فنادق الخمس نجوم مع مندوبى السفارات ليعلنوا مواقفهم مما يحدث فى مصر من حراك سياسى ويتصدروا وسائل الإعلام الغربية، ويتلقوا مقابل ذلك مئات الآلاف من الدولارات واليوروهات، أو يبيعوا قطعة من الجسد المصرى بالجرام والكيلو، من خلال نشرهم الفوضى وضربهم الممنهج فى مؤسسات الدولة.
وللحديث بقية
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة