يواصل آلاف الأقباط احتفالاتهم بصيام السيدة العذراء بديرها بجبل درنكه بمحافظة أسيوط، وسط أجواء روحانيها خيمت عليها المحبة بين الجميع مسلمين ومسيحيين لتزامن عيد الأضحى المبارك مع عيد صيام العذراء هذا العام.
علي مدار أسبوعين توافد خلالها آلاف الزائرين والمحبين للقديسة مريم العذراء والسيد المسيح عيسي عليه السلام، علي دير درنكه بأسيوط والصعود أعلي الجبل الغربي للتعرف علي ذلك المكان الذي لجأت إليه العائلة المقدسة مكثت فيه وباركته ثم انتقلت منه رحلة العودة إلى فلسطين، أثناء هروبهالمصر للاختفاء من بطش الملك هِيرودُس الذى كان يسعى لقتل السيد المسيح بفلسطين.
دعوات وشموع
ما أن تطأ قدامك دير السيدة العذراء دير درنكه بأسيوط، تري أناس يحتمون بداخل الجبل هربا من يأس الحياة مطلقين دعوات" يا عدرا يا حبيبتنا.. جيتى ونورتى بلدنا.. يا عدرا اظهري وطلي بنورك طلة .. والسلام لك يا مريم" كما يحرص الأقباط علي أداء الصلوات والاستمتاع بالخلوات الروحية بين أروقة الدير والذي باركته العائلة المقدسة؛ وعلي ناصية مغارة الجبل يحرص المشاركون في احتفالات صيام العذراء علي إنارة الشموع بجوار أيقونات السيدة مريم العذراء والسيد المسيح عيسي عليه السلام.
نذور المحبين للسيدة العذراء
يحرص آلاف الزائرين علي ذبح الذبائح وتقديم النذور وطلبًا من العذراء مريم شفاعة صلاتها والتبرك بها داخل دير السيدة العذراء "دير درنكة" بجبل أسيوط الغربى، وخلال مشاركتهم في الاحتفال بصيام " العذراء".
وقال لطفى سليم، من قرية عرب الأطاولة بمركز الفتح بمحافظة أسيوط، لـ"اليوم السابع"، إنه اعتاد على تقديم نذور للقديسة مريم العذراء بدير درنكة، وذلك بعد شفاء شقيقة، مضيفًا: "كان يعانى من مرض خبيث ودعيت فى أحد الزيارات بدير درنكة بشفاء أخى وتقديم نذر كل سنة.. والحمد لله أخى تم شفائه ببركة القديسة العذراء".
وأضاف فادى نعيم، من قرية البورة بمركز أسيوط، أنه حرص على تقديم نذر "خروف" للقديسة مريم، وطلب مباركتها له بشراء قطعة أرض لببنائها منزل له ولأشقائه، متابعًا: "نطلب من العذراء التبرك والصلاة وطلب شفاعتها".
وأوضح أسامة مختار، أنه جاء يقدم نذر للعذراء قائلا:" مهما أقدم من نذر مش هقدر أوفى بحقها معانا، حيث لها كرامة واستجابة لى بتحقيق طلب والحمد لله تحقق".
تعميد الأطفال داخل دير درنكه
يحرص الأقباط خلال توافدهم علي دير السيدة العذراء بدير درنكه علي تعميد أطفالهم داخل الدير لنيل البركة، وتيمنًا بتعميد المسيح فى نهر الأردن؛ إذ تعد المعمودية أحد الأسرار المقدسة في الكنيسة الأرثوذكسية ويمثل دخول الطفل رسميًا في الحياة المسيحية.
وبداخل أحدي مغارات دير السيدة العذراء بدرنكه بأسيوط، توجد كنيسة المعمودية، إذ يقف بداخلها قساوسة في صحن المغارة وأمامهم 3 أجران للمعمودية وهو وعاء مصنوع من الرخام يتم ملئه بالماء ويضع به قليل من زيت "الميرون"، وأمامهم جلس الآباء والأمهات يحملن أطفالهم في انتظار دورهم في التعميد.
يقف ثلاثة قساوسة يرتدون "مريلة" جلدية وضعها فوق جلبابه الكهنوتي الأسود، لكي يتجنب أثر الماء،.. لحظات وتقوم الأمهات بخلع الملابس عن أطفالهم ثم يحملهن علي أيديهن اليسرى ناظرين ناحية الغرب ورافعين أيديهن اليمني؛ مرددين وراء الأب الكاهن عبارات جحد الشيطان:"أجحدك أيها الشيطان وكل أعمالك النجسة، وكل جنودك الشريرة وكل شياطينك الرديئة وكل قوتك وكل عبادتك المرذولة وكل حيلك الرديئة والمضلة وكل جيشك وكل سلطانك وكل بقية نفاقك أجحدك. أجحدك. أجحدك".. ثم يقوم الأب الكاهن بالنفخ في وجه الطفل 3 مرات وهو يقول: اخرج أيها الروح النجسة.
بعدها تنظر الأم إلى ناحية الشرق وطفلها على يدها اليسرى ويدها اليمنى مرفوعة إلى أعلى وتردد خلف الكاهن:"اعترف لك أيها المسيح إلهي وبكل نواميسك المخلصة وكل خدمتك المحيية وكل أعمالك المعطية الحياة،.. ثم يسألها الكاهن ثلاث مرات قائلا "هل آمنت على هذا الطفل؟" فتجاوب ثلاث مرات: "آمنت".
ثم يقوم الأب الكاهن بالإمساك بالطفل من تحت إبطيه ووجه الي الغرب، ثم ينزله إلي الماء ويغطسه ثلاث مرات وفي كل مرة يصعده من الماء وينفخ فى وجهه، بعدها يتم تسلم الطفل إلي أمه وتبدأ في تنشيف الماء من علي جسد طفلها استعدادا لدهنه بزيت الميرون، بعدها يرتدي الطفل الذكر زى يشبه زى الكهنوت وهو تونيا بيضاء اللون وعليها السترة المزينة بالصلبان، وفوقها حلة الأسقف الكهنوتية، وعلى الرأس تاج البابا البطريرك، أما الطفل "الفتاة" فتردي فستان صغيرًا أبيض اللون وعلى رأسها، يوضع تاجا من الورد؛ بعدها تطلق الأمهات الزغاريد ابتهاجا بتعميد أبنائهن.
زفة العذراء ومغارة الجبل تجذب الزائرين
يحرص آلاف الزائرين لدير درنكه علي الجلوس داخل المغارة بحضن الجبل الغربي، التي احتمت بداخلها العائلة المقدسة علي أداء الصلوات والاستمتاع بالخلوات الروحية، إذ يعد أقدس الأماكن داخل الدير التي نالت بركة العائلة المقدسة، كما تشهد المقبرة التي وضع بداخلها جثمان الأنبا ميخائيل عميد الأساقفة الأرثوذكس وشيخ المطارنة ومطران أسيوط المتنيح، توافد المحبين للتبرك والدعاء وتلاوة بعض آيات الكتاب المقدس؛ كما إقامة إيبارشية أسيوط، متحف يضم مقتنيات خاصه بالأنبا ميخائيل مطران أسيوط الراحل، ووضع كافة المحتويات والمقتنيات للأنبا ميخائيل.
فيما يشارك آلاف الأقباط في زفة أيقونات السيدة مريم العذراء والمسيح عيسى عليه السلام، والمعروفة بموكب "الدورة" والتي تنطلق في الساعة السادسة مساء من مغارة دير درنكه بجبل أسيوط الغربي، إذ يظهر القساوسة والرهبان خلف الأيقونات مباشرة مصطفين فى صفين، ويأتى من خلفهم الشمامسة، وتعلو أصواتهم بالترانيم والتسابيح، كما يتواجد بداخل موكب "الدورة" نيافة الأنبا يؤانس أسقف أسيوط يشير إلى شعب الكنيسة بالبركة والمحبة والسلام.
وتلي الآباء الكهنة خلال الموكب "الدورة" بتلاوة أصاعد بخور الصلوات مع ترتيب المدائح أمام الأيقونة الاحتفالية، ثم عاد الموكب، إلى كنيسة المغارة، لوضع الأيقونات بداخلها.
ويحرص آلاف الأقباط المشاركون فى الاحتفالات علي التبرك بأيقونات للسيدة مريم العذراء والمسيح عيسى عليه السلام، فيما حرص آخرون على التصارع لتقبيل يد الأنبا يؤانس أسقف أسيوط ، كما أطلقت السيدات الزغاريد للترحيب به.
وقال عثمان الحسينى مدير الهيئة الإقليمية لتنشيط السياحة بمحافظة أسيوط، فى تصريحات صحفية لـ"اليوم السابع": أن الليلة الختامية لاحتفالات صيام العذراء بجبل أسيوط الغربي، بدير درنكه يشهده آلاف الزائرين من مختلف المحافظات وأيضا الزائرين من أفريقيا وتحديد من دولة أثيوبيا حيث يعد احتفالات العذراء بجبل درنكة من أهم الاحتفالات التى يتم الاحتفال بها فى أسيوط وتشهد إقبالا كثيفا من الزائرين يتجاوز عددهم المليون و200 ألف زائر على مدار الأسبوعين، وذلك للتعرف على المكان الذى لجأت إليه العائلة المقدسة ومنه انطلقت رحلة العودة إلى فلسطين.
وأضاف مدير الهيئة الإقليمية لتنشيط السياحة بأسيوط أنه تم تشكيل لجان وغرفة عمليات لمتابعة الاحتفالات والتنسيق مع الجهات المختلفة، بالإضافة إلى توزيع هدايا وشنط سياحية على زوار الدير خلال الاحتفالات لتعريف فئات المجتمع بالأماكن الأثرية داخل المحافظة، والتى تمثل حضارات مختلفة، تنفيذا لتوجيهات محافظ أسيوط، المهندس ياسر الدسوقى.
محافظ أسيوط يزور دير درنكه لتقديم التهنئة
وهنأ المهندس ياسر الدسوقي محافظ أسيوط الإخوة الأقباط بمناسبة الاحتفال بذكرى بذكرى رحلة العائلة المقدسة داخل الأراضى المصرية والتي يحتفل بها أقباط مصر كل عام فى الفترة من 7 أغسطس وحتى 21 أغسطس مشيدا بقوة وتماسك الشعب المصرى بمختلف طوائفه مؤكدا على دعمه الكامل لتنشيط السياحة وبخاصة لمحطات رحلة العائلة المقدسة والتى حظيت محافظة أسيوط بمحطتين منها بدير السيدة العذراء بقرية دير درنكة ودير المحرق بالقوصية .
وأعلن محافظ أسيوط - في كلمته التي ألقاها أمام عشرات الآلاف من المواطنين – دعم القيادة السياسية وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسى لإحياء مسار رحلة العائلة المقدسة واستقبال السياح من مختلف أنحاء العالم والترويج السياحي لها وخاصة بعد وضع مصر على خريطة السياحة العالمية مؤكدا على استكمال أعمال تطوير وصيانة جميع الطرق المؤدية الى محطات رحلة العائلة المقدسة وتوفير جميع الخدمات والامكانات اللازمة لها.
أسقف أسيوط: ندعو الله أن يحفظ مصر ويعم الخير والرخاء
ووجه الأنبا يؤنس أسقف أسيوط للأقباط الأرثوذكس، ورئيس دير السيدة العذراء مريم "دير درنكه"، رسالة تهنئة لجميع المصريين بحلول عيد الأضحى المبارك وتزامنه مع احتفالات صيام العذراء؛ موجها الشكر لمحافظ أسيوط ولجميع القيادات التنفيذية والأمنية والدينية والشعبية التى حرصت على حضور الاحتفالية وتقديم التهاني مشيرا الى ارتفاع أعداد زوار الدير هذا العام ليصل الى 3 مليون زائر خلال ايام الاحتفال من مختلف محافظات مصر ومن مختلف دول العالم مؤكدا على الصلاة من اجل السلام وان يعم الخير والرخاء مصرنا الغالية وان يظل شعبها فى وحدة وتسامح لننهض ببلدنا الغالية .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة