لم يكن افتتاح الرئيس السيسي لمجمع صناعة الأسمنت العملاق فى بنى سويف بالأمس مجرد افتتاح عادى لمشروع قومى، ولكنه شهد العديد من التصريحات التى تكشف الحاجة لتغيير منظومة طرح المشروعات الجديدة بشركات قطاع الأعمال العام والشركات الحكومية.
لولا إدارة الرئيس المباشرة للمشروع بمراحله لما ظهر للنور فى هذا الوقت القصير، ولارتفعت تكلفة إنشائه بأكثر من 700 مليون جنيه نتيجة تأخر المشروع العملاق لسنوات طويلة، وهو ما كشفه حديث الرئيس عن طبيعة العمل الحكومى الروتينى، والخسائر الناتجة عن تأخر المشروعات.
ولأن إدارة الرئيس المباشرة لأى مشروع تطرحه الحكومة هو أمر صعب تحقيقه، فكيف يكون لدينا منظومة كاملة إدارية وتشريعية ومالية لتأسيس وإدارة المشروعات القومية الحكومية بعيدا عن البيروقراطية التى ترفع تكلفة أى مشروع، وتعطل تشغيل آلاف الشباب فى هذه المشاريع الجديدة نتيجة تأخرها؟
مشروعات شركات قطاع الأعمال العام لا تخضع للإجراءات المتبعة فى القطاعات الحكومية المختلفة والخاصة بالمناقصات والمزايدات، حيث يحكمها قانون شركات قطاع الأعمال، بحسب ما يوضحه لطفى شندى رئيس الهيئة العامة للخدمات الحكومية الأسبق، مؤكدا أن الشركات تسترج بقانون المناقصات والمزايدات ولكنه غير ملزم، وقد أصدر مجلس النواب قانون جديدا لتنظيم هذا الأمر فى دورته الأخيرة.
ويؤكد شندى فى اتصال هاتفى لليوم السابع، أن القانون ليس هو المعوق لأى مشروع حكومى، فيمكن أن تستغرق طرح مناقصة مثلا أشهر، أو يمكن إنهائها فى 10 أيام، ولكن الأمر هنا يخضع للعامل البشرى، فسوء الإدارة والفساد هو أكثر ما يعطل الإجراءات، وليس القوانين.
تتفق مع هذا الرأى الدكتورة يمن الحماقى استاذ الاقتصاد بكلية التجارة فى جامعة عين شمس، حيث تؤكد أن العامل البشرى هو الأساس فى أى شئ وليس القانون، فهو المؤثر الأكبر فى سرعة الإنجار، لافتة إلى أن شركات قطاع الأعمال يغلب عليها الروتين وخوف قياداتها من المساءلة و ظاهرة الأيادة المرتعشة، أو سيطرة المصالح الخاصة على المصلحة العامة، وهو ما يؤدى لسوء الإدارة وتأخر المشروعات.
واقترحت الحماقى بمشاركة القطاع الخاص مع القطاع العام فى المشروعات من خلال نظام الشراكة مع القطاع الخاص والذى أصدرنا له قانون ولم نستفد منه حتى الآن، وذلك للحفاظ على الملكية والأصول، ويتم إدارة المشروع من خلال القطاع الخاص بكفاءة اقتصادية، حيث يستثمر أصول القطاع العام.
ولتحقيق هذه الرؤية توضح الحماقى أنه يستلزم فى البداية تقييم المشروع وتحديد الأدوار بدقة، وتكون شراكة محددة الأبعاد لها مراقب قانونى ومحاسب قانونى وتخضع لقواعد حوكمة واضحة وشفافة، وهى أمور لا تحتاج تعديلات تشريعية، ولكن إذا احتجنا أثناء التطبيق فهناك مرونة كبيرة من مجلس النواب لتعديل التشريعات التى تعوق الاستثمار وافنتاج فى مصر.
وقالت استاذ الاقتصاد: "نحتاج سرعة وكفاءة والأداء ووضع الشخص المناسب فى المكان المناسب. عدم تحقيق ذلك يؤخر تقدمنا وإنجازنا الكثير من المشروعات القومية".
الخلل بالأساس مرتبط بفكر استثمارى ومنظومة بشرية ومنظومة مالية، هكذا يرى إبراهيم مصطفى خبير الاستثمار، وهذه الاعتبارات هو ما يحكم نجاح أى مشروع.
وأوضح إبراهيم أن القطاع الخاص عندما يقرر تأسيس مشروع فهذا يخضع لعدة عوامل، أولها حجم رأس المال الذى يقيد الفترة الزمنية التى يتم خلالها، فإذا توفر التمويل بتكلفة مناسبة يتم إنجاز المشروع بصورة أسرع.
وأشار خبير الاستثمار إلى أن القطاع الخاص يقوم بعمل دراسة تسويقية وأخرى مالية، ثم يقوم على إثر ذلك بتحديد هيكل التمويل أى حجم رأس المال الذى ينفقه وحجم القروض التى سيحصل عليها، وبناء عليه يتحرك فى جدول زمنى محدد هو فى المتوسط 5 سنوات، ولكن إذا كان هناك رغبة فى تقليل الوقت فهذا يرفع تكلفة التمويل والعمالة لأنه يحتاج لقوى عاملة أكثر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة