د. محمد سعيد حسب النبى يكتب: كأس الماء

الثلاثاء، 03 يوليو 2018 02:00 م
د. محمد سعيد حسب النبى يكتب: كأس الماء رجل يدخن - صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

دخل القاعة التى تعج بالجمهور، ثم رفع كأس الماء الذى قد وُضع له، ثم سأل الحضور: كم تزن هذه الكأس؟ فتراوحت إجابات الحضور ما بين 50 إلى 500 جرام، فقال المحاضر: إن وزن الكأس يعتمد على الزمن الذى سأحمل فيه تلك الكأس، فلو رفعتها قدر ما أرتوى منها؛ فسيكون ثقلها خفيفاً ممكناً، ولو حملتها ساعة سأشعر بها، وقد استحالت 50 كيلو جرامات أو يزيد، وسأعجز تماماً عن حملها ليوم كامل.

 ووزن الكـأس في ذاته لم يتغير منذ اللحظة الأولى، وهكذا ما نحمله من مشاكلنا وأعباء حياتنا، فلو استمر حملها طوال الوقت؛ فلن نصبر طويلاً، وسوف يأتى يوم تنهار فيه قوانا، ولن نقوى على المواصلة، والكيّس الفطن هو من يستطيع وضع كأس همومه فى الوقت المناسب ليواصل مسيرة حياته.

لا شك أن فهم المشاعر الداخلية بطريقة صحيحة واضحة، والتفكير فيها واستبطانها على نحو دقيق يجعلنا مدركين لأنفسنا وقدراتنا، ويمكننا أيضاً من التفاعل الإيجابى معها؛ فنتقدم خطوة إلى الأمام، ونرتق درجة لأعلى.

 ومن الأمور الملفتة فى هذه الأيام شيوع الاكتئاب فى بعض المجتمعات، حيث تجد حُمّال الهموم كُثُراً ؛ تراهم يحملون أسفارها في حلهم وارتحالهم، فى ليلهم وجُلّ نهارهم، وكلما خالطتهم ألفيتهم رُكّعاً بهمومهم سُجّداً بغمهم، ألسنتهم رطبة بالشكوى، وصدورهم مغلقة على البلوى.

ولا يدرى هؤلاء أن طاقة احتمال تلك الهموم تنفد عند حد معين، بعدها ينقضّ جدار المقاومة، ومن العسير إقامة أوده من جديد .

إن مشكلات حياتنا مُسطّرة على نحو مفصل في ذاكرتنا ، ومن اليسير اجترارها لنلوك لُبانها بإرادة راغبة في ذلك، والعجيب في الأمر أننا نسجل مشاكلنا وما يرتبط بها من أحاسيس مرافقة لها، والتي تكون في الأغلب الأعم قلقة مضطربة، وبالتالي فباستدعاء تلك المشكلات نستجلب مشاعر القلق والاضطراب التى تدفع على الكآبة والإحباط أو الهلع الذي يفقد التوازن.

إن حق الحزن مكفول، ولكن التمادى فيه غير مرغوب حرصاً على سلامنا النفسى، فصحبة الهموم تورث صاحبها العلل، وتقضى على الأمل. ولعلنا نعلم أن قسطاً كبيراً من مشاكلنا الصحية يعود إلى القلق والحزن الذى تولده هموم الحياة، وإن تخلصنا من هذه الوعكات الصحية مرهون بالتفلت من أزماتنا النفسية.

فلتضع نهاية للتفكير في مشكلاتك كلما سنحت لك الفرصة، كما لو كنت تضع نقطة في نهاية السطر، لتبدأ سطراً جديداً في صفحة حياتك، ولتطو ورقة الماضي وتبدأ بتسجيل تاريخ جديد في كتابك، فإن إغلاق الجروح يسمح لها بأن تندمل، والأيام تبرئ الشق المندمل.

 

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة