قال الدكتور حسين حمودة، أستاذ الأدب العربى الحديث، بكلية الآداب جامعة القاهرة، إن حديث أدونيس عن حجم المشاركة العربية المحدود تماما، على مستوى إنتاج المعرفة أو عدم إنتاجها منذ سقوط بغداد على أيدى التتار، وعلى مستوى الجمالية الشعرية منذ اجتهادات الجرجانى الموصولة بدراسة المجاز، وأيضا على مستوى المؤسسات الثقافية، حديث يمكن تفهمه، حتى وإن اختلف البعض مع المعايير والمنطلقات التى أسس عليها أدونيس هذا التقييم.
وأضاف "حمودة" فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع": فالحقائق المؤسفة متعددة فى تاريخنا النقدى، والثقافى بوجه عام، وهى التى قادتنا إلى ما نحن عليه الآن، وضمن هذه الحقائق أننا قدمنا اجتهادات فردية متقطعة فى مجالات معرفية متعددة، ولكن هذه الاجتهادات لم تتراكم ولم تتصل ولم تتكامل ولم تتحول إلى ما يشبه "التيار" المتنامى الممتد، وضمن هذه الحقائق أننا ظللنا، فى مجال دراسات الشعر، مثلا، أسرى لغواية الأحكام الجزئية، التعميمية، فى مجال الشعر الوحيد الذى عرفناه لتاريخ طويل، أى الشعر الغنائى، بعيدا عن الشعر المسرحى والشعر الملحمى.
وأوضح: ضمن هذه الحقائق أننا فى الدراسات اللغوية والبلاغية كنا مقيدين باعتبارات كثيرة، جعلتنا نكاد نحصر هذه الدراسات تقريبا فى دائرة واحدة بعينها، ومنها أن حرية التفكير والاجتهاد لم تكن سمة واضحة جدا، نستطيع التباهى بها، فى أغلب فترات تاريخنا، وقد دفع بعض المفكرين والمجتهدين الأحرار أثمانا فادحة فى بعض الحالات، قبل أن يتم إغلاق باب الاجتهاد وبعده أيضا، ومنها أن الميراث الفلسفى، الذي يمكن أن يكون مهادا مهما لبزوغ اجتهادات فى علوم شتى، لم يكن مكونا أساسيا من مكونات حياتنا الثقافية، وهكذا.
وتابع الدكتور حسين حمودة: طبعا، فى عصرنا الحديث، عرفنا أنواعا أدبية جديدة، وشهدنا نشاطا نقديا وثقافيا حولها، ولكن هذا كله كان فى سياق آخر، ليس مبنيا على تراكم تاريخى قديم ولا على ميراث فكرى ونقدى سابق.
وأتم "حمودة" تصريحاته: على أية حال، لا يخلو حديث أدونيس، رغم صيغته الصادمة، من الصواب، وإن كان يشبه مرارة الدواء التى تحتاج إلى أن تقترن بالدواء نفسه.
يذكر أن الشاعر والمفكر السورى الكبير أدونيس، صرح خلال حفل توقيع ديوان "الهائم فى البرية" للشاعر عبد المنعم رمضان، إنه منذ سقوط بغداد على يد التتار لم ينتج العرب معرفة جديدة، مضيفا أن العرب لم ينتجوا شيئا على مستوى المؤسسات أو حتى على مستوى الإبداع، خاصة أن العالم العربى لا يعترف بالمثقفين اصلا، ووتابع أدونيس أن الشعر العربى أنتج فى القرن الأول الهجرى شعرا يدخل فى دائرة الشعر الكونى، لكن لم ينتج العرب كتابا واحدا على مدى الـ 14 قرنا الماضية عن الجمالية الشعرية، بل أخذنا ما كتبه الجرجانى على اللغة القرآنية وطبقناه على الشعر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة