إيمان رفعت المحجوب

الفرق بين الشخصية المصرية والشخصية الفرنسية

الإثنين، 23 يوليو 2018 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

احتفلت فرنسا منذ أيام قليلة وتحديداً فى الرابع عشر من يوليو كما فى كل عام باليوم القومى لفرنسا، وهو يوم اندلاع الثورة الفرنسية، وسقوط سجن الباستي؛ وبالمناسبة لم يكن بداخله إلا سبع مساجين، ولم يكن مخططاً اقتحامه؛ ورغم فشل الثورة فعلياً وانقلاب رموزها عليها، ميرابو، خطيب الثورة؛ والسفاح ماكسيميليان روبسبيير؛ محامى الثورة الذى أصبح فيما بعد رئيس حزب اليعاقبة ثم رئيس المؤتمر الوطنى والذى حصدت مقصلتهم أربعين ألفاً، منهم زعامات شعبية للثورة نفسها! حتى أن أحد ممثلى الثورة و كتابها "نيكولا شانفور" فى غضون سنوات قليلة فقد ايمانه بها تماما، وقال إن شعار الثورة انتقل من الأُخُوَّة الى كن اخي و إلا قتلتك" !

 

سنوات قليلة وأزاح نابليون، بعد ذهاب اليعاقبة؛ بالديكتاتورية العسكرية؛ حكومة المديرين، وقام بتنصيب نفسه إمبراطورا ليؤسس لامبراطورية وحكم توريثى لا يفرق كثيراً عن الملكية التى ثاروا عليها! ورغم هذا ورغم سقوط نابوليون ورغم أنه كان سببا فى احتلال إنجلترا لفرنسا بالكامل وإعادتها لوطأة الملكية ومجىء لويس الثامن عشر لسدة الحكم، واستمرار الوضع لخمسين سنة أخرى، لحين تأتى أول انتخابات رئاسية ديموقراطية فى تاريخ فرنسا كله، وتكون الجمهورية الثانية، بعد انتظار دام حوالى خمسين سنة، ومع ذلك يعتبر الفرنسيون نابوليون، وهو القائد المهزوم، رمز فرنسا ورمز عزها ومجدها ! ويظل الشعب يطالب بعودة جثمانه حتى توافق انجلترا بعد عشرين سنة فتعود رفاته ليستقبلها الشعب استقبال الزعيم ويقيم له جنازة رسمية جماهيرية تليق به وتعد له مدفنا لا يكون إلا للعظماء كأيقونة ورمز لتاريخ فرنسا.

 

وتحل ذكرى ثورة يوليو بعد ذكرى الثورة الفرنسية بأيام فانظر ماذا أفدنا من الثورة، وماذا أبقينا منها، وماذا نقول على أول حاكم مصرى يحكم مصر من عهد قورش والذي قام بثورة سياسية اقتصادية اجتماعية غيرت معالم الدولة و معالم المجتمع !! وصنعت نهضة فى الطبقات العريضة من الشعب، فدخل ابن العامل وابن الفلاح الجامعة، وأصبحا طبيباً ومهندساً وأستاذا جامعياً، وزاد عدد الفتيات الملتحقات بها، وأصبحت المرأة عالمة وطبيبة ووزيرة وسفيرة وأسس لمجتمع حديث ودولة مدنية وخلق طبقة متوسطة عريضة من شأنها لو استمر صقلها وتهيئة المناخ لاستمرار إنتاجها أن تسحب قاطرة التقدم والحداثة، فالمجتمعات ترقى بأكملها لا بفرد أو اثنين أو ثلاثة أو عشرة ! لو استمر نهجنا على هذا النحو لكان لبلادنا شأنٌ آخر ولكنا مثل فرنسا اليوم لولا انقلبنا على انفسنا وعليها، تخيلوا لو أن فرنسياً معاصرا يبكى فرنسا الملكية ويتحسر على القصور والملوك والأمراء والإقطاع والنبلاء والفخامة والأبهة والوجاهة الملكية التى ضاعت والتى حل محلها حكم عامة الشعب !

 

تخيلوا لو أن فرنسيا يسب الثورة و يتناسى مبادئها "الحرية الإخاء المساواة" !! او أن فرنسياً آخر يقيم نابليون ويسبه ويقول إنه سبب الهزيمة وسبب الاحتلال وسبب فشل الثورة و عودة الملكية وتأخر الديموقراطية !

 

الفرق بيننا وبين فرنسا يكمن فى الشخصية المصرية فى الوعى فى التفريق بين المبدأ وسوء التطبيق، فمشكلة الشخصية المصرية الجهل، جموع باعت عقلها ليصنع وعيها مأجورى الداخل والخارج أو مجموعات من الأنانيين والجاحدين أو المغرضين المضللين المُزَيَّفين المُزَيِّفين والمنافقين الذين بعدما أكلوا وشربوا على موائد الثورة أنكروها ليتنكروا لماضيهم وأصلهم  !

الى هؤلاء جميعاً الذين يظنون أن بإمكانهم أن يرقوا وحدهم بين مجتمع متخلف اعود و أكرر وأحذر وليفهم الكل أن المجتمع إما أن يرقى جميعاً أو يسقط جميعا.

* أستاذ بطب قصر العينى

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة