أوصت لجنة التراث العالمى، التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، اليونسكو، بضرورة الالتزام باتفاقية رامسار، التى وقع عليها 170 دولة، من أجل الحفاظ على التراث الثقافى فى الأراضى الرطبة.
جاء ذلك خلال الندوة التى عقدت مساء اليوم الجمعة، فى المركز الإقليمى العربى للتراث العالمى بالتعاون مع الاتحاد الدولى لصون الطبيعة (IUCN) فى قرية اليونيسكو، فى مملكة البحرين، حول الممارسات التقليدية فى المناطق الرطبة، وجاءت الندوة ضمن اجتماع لجنة التراث العالمى الـ42 برئاسة واستضافة مملكة البحرين.
وخلال ندوة "تراث المياه.. الممارسات الثقافية فى الأراضى الرطبة"، ناقش المتحدثون التراث الثقافى المادى وغير المادى فى المناطق المعتمدة على مصادر المياه، ومنها الأراضى القريبة من البحار والبحيرات والأنهار، إضافة إلى توضيح كيفية تعايش أهل هذه المناطق مع بيئتهم التى تؤثر على عاداتهم وتقاليدهم وطرق عيشهم.
وفى بداية الندوة، تحدث دايف بريتشارد، المستشار والخبير الدولى فى شؤون التراث الثقافى والطبيعي، حول اتفاقية "رامسار" لعام 1971م لحماية الأراضى الرطبة، مشيرا إلى أن الاتفاقية التى وقعتها حوالى 170 دولة من حول العالم تهدف إلى صون هذه المناطق وترشيد استخدامها من قبل المجتمعات المحلية، إضافة إلى مراقبتها عن كثب ونشر التوعية بأهمية حفظها.
وحول علاقة هذه الاتفاقية باتفاقية التراث العالمى لعام 1972م، أوضح دايف بريتشارد، حسبما ذكر بيان صحفى لهيئة البحرين للثقافة والآثار، أن مركز التراث العالمى يتبنى اتفاقية رامسار، مشيراً إلى أنها تضم أكثر من 2000 موقع مسجل فيها، ومنها ما هو مسجل على قائمة التراث العالمى لمنظمة اليونيسكو.
كما أكد دايف بريتشارد، أن الأراضى الرطبة تملك علاقة متبادلة وإيجابية مع المجتمعات المحلية، حيث يؤثر كلاهما على الآخر، موضحاً أن هذه الأراضى تدعم وجود المجتمعات التى تعيش فيها عبر توفير مقومات الحياة المختلفة.
وقال دايف بريتشارد: "الحكومات الموقعة على الاتفاقية عليها الحفاظ على المقومات الثقافية فى الأراضى الرطبة"، مشيراً إلى أنه وعند وضع خطط إدارة هذه الأراضى يجب أن تؤخذ القيم الثقافية بعين الاعتبار.
وفى نفس السياق، قدم طارق أبو الهوى، الخبير الإقليمى فى مجال التراث العالمى، ملخصاً حول التقرير الذى أعدته أمانة اتفاقية رامسار بالتعاون مع برنامج "طبيعة" (وهو برنامج الشراكة ما بين الاتحاد الدولى لصون الطبيعة والمركز الإقليمى العربى للتراث العالمى بالمنامة)، إذ يضم التقرير جرداً لمجموعة من المناطق الرطبة فى الوطن العربي.
وأكد "أبو الهوى" على أهمية المياه كمصدر أساسى للحياة، مشيراً إلى تركز الحضارات منذ القدم وحتى اليوم حول هذه المصادر. ويضم التقرير معلومات مفصلة ومحدثة عن 18 موقعاً (منها ما هو مسجل على قائمة التراث العالمي) فى 6 دول عربية كمصر، موريتانيا واليمن. ويهدف التقرير إلى توثيق هذه المواقع، ويوصى بضرورة تعاون جميع المؤسسات الدولية والاتفاقيات العالمية من أجل الحفاظ على التراث الثقافى فى المناطق الرطبة فى الوطن العربى.
وكنموذج لموقع عربى يصنف ضمن الأراضى الربطة، تحدث مظفر سالم خبير برنامج "طبيعة" الإقليمى فى العراق حول موقع الأهوار العراقية المسجل على قائمة التراث العالمى لمنظمة اليونيسكو كموقع ثقافى – طبيعى.
وقال مظفر سالم، إن الأهوار العراقية تقع فى منطقة شهدت صعود حضارات مختلفة، وأهمها حضارة السومريين، موضحاً أن نهرى دجلة والفرات كان لهما الدور الكبير فى نمو وازدهار هذه الحضارة.
وقدم "سالم" مجموعة من الشواهد حول ارتباط الممارسات الثقافية فى الأهوار بالحضارة السومرية، حيث قال إن قارب الكانو الذى استخدمه السومريون للتنقل ما زال يستخدم شبيهه حتى الآن فى المنطقة.
كما أشار إلى أن جمع القصب واستخدامه فى الصناعات المحلية كصنع الأرضيات، أغطية البيوت وغيرها ما زال يستخدم بنفس الطريقة التى وجدها علماء الآثار موثقة فى النقوش السومرية، هذا إضافة إلى اعتماد أهل الأهوار على تربية الماشية، وأهمها الجواميس، كمصدر للطعام ووسيلة للتنقل، وهو ما اعتمد عليه سكان الحضارة السومرية قديماً.
وقدمت المحاضرة أيضاً نموذجاً آخر على تعايش البشر مع بيئاتهم الرطبة، حيث قدّم سوايبو فاريسو عالم الآثار ومدير الصندوق الأفريقى للتراث العالمى، معلومات قيمة حول مدينة جانيف فى جمهورية بنين بأفريقيا. وقال إن المدينة تطورت على مدى 4 قرون، ونشأت كملجأ للسكان المحليين أثناء فترة تجارة الرقيق فى أفريقيا.
أما الدكتور يوسف ديدهيو من السينيجال، فتطرق إلى سبل التنمية المستدامة فى المناطق الرطبة، واتخذ من محمية ديجوج الوطنية نموذجاً لعرضه. وأكد على أهمية الحفاظ على الموارد الطبيعية فى المناطق الرطبة كونها تشكل مصدراً للغذاء لكل من البشر والحيوانات التى تعيش فيها. وأشار إلى أن تطبيق أساليب الحفاظ على الموارد الطبيعية فى حديقة ديجوج الوطنية يؤدى إلى الارتقاء بمستوى عيش السكان المحليين، وهو ما يعكس التعاون الكبير ما بين إدارة المحمية الوطنية والمجتمع المحلى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة