لم تعرف الساحة الغنائية المصرية مطربين مسيحيين يتقدمون الصفوف الأولى، ويتسحوذون على آهات الجماهير، على العكس من لبنان التى احتل مطربيها المسيحيين الصدارة واعتلوا أهم المسارح فى العالم العربى، من بينهم الفنانة نجوى كرم وجوليا بطرس وإليسا ووائل جسار وغيرهم الكثير، وهو الأمر الذى دفعنا لطرح السؤال على أكثر من جهة ما بين الكنيسة والفنانين المسيحيين الذين بزغ نجمهم فى السنوات الأخيرة وفى المجال الموسيقى أيضًا.
فى لبنان.. نجوم الغناء مسيحييون
فى البداية علينا أن نذكر أن الكنائس المصرية بمختلف طوائفها لا تتخذ موقفًا معاديًا للموسيقى حتى أن فرق الترانيم المسيحية انتشرت فى السنوات الأخيرة إلى حد كبير، وانتجت مئات السيديهات تمجد فيها القديسين وتذكر بسيرتهم، وتتغنى بمحبة الله الخالق، وتنشر قيم الحق والخير والجمال.
نجوى كرم
إن كانت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الأكثر تحفظًا بين الكنائس المصرية باعتبارها أمًا للكنائس التقليدية، فليس خفيًا على أحد، أن القس موسى رشدى كاهن الكنيسة القبطية المصرية بإنجلترا، قد اتجه للترنيم محتفظًا بزيه الكهنوتى ينتج السيديهات وينشد فى حب المسيح، وهو تطور جديد على الكنيسة التى عرفت بالمحافظة والتقليدية.
عن اتجاهه لإنتاج الترانيم كفيديو كليب يقول «رشدى»: «الأمر لم يكن شائعًا فى الكنيسة، ولكننى لجأت إليه إيمانًا بتطور الزمن، فليس هناك ما يمنع من أن نصل الفكرة باستخدام ثورة التكنولوجيا، ولكن هناك صعوبات فى تنفيذ أى فكرة جديدة»، مؤكدًا على أن الفكرة لم تلق قبولًا حين بدأ تنفيذها، ولكن مع الوقت بدأ تقبلها، وأنه كان يحظى بتشجيع الأنبا بيشوى، مطران دمياط، والأنبا أنطونى، أسقف أيرلندا، الذى يخدم تحت رعايته.
رفعت فكرى: هناك أصوات مسيحية نادت بحرمانية الغناء
فى حين يرى القس رفعت فكرى رئيس السنودس الإنجيلى وهو الهيئة العليا للكنيسة الإنجيلية، أن غياب الأقباط عن الغناء فى مصر يرجع لعدة أسباب أهمها وجود أصوات مسيحية نادت بحرمانية الغناء على الرغم من أهمية الفن الراقى والأغنية الجميلة فى كلماتها وألحانها على حد قوله.
رفعت فكري
فى الوقت الذى كان من المفترض فيه أن تصير الترانيم الكنيسة منبعًا للمطربين المسيحيين، قال القس رفعت إن الترنيم والعزف داخل الكنيسة استحوذ على المسيحيين فلم يهتموا بالأغانى أو بتقديم أنفسهم كمطربين.
هانى يعقوب: عرضت على مرنمة الاتجاه للغناء ورفضت
أما الموزع الموسيقى هانى يعقوب أكد على أنه ليس القبطى الوحيد على الساحة الغنائية وفى مطبخ صناعة النجوم الأول على حد تعبيره، فهناك المنتج الشهير نصر محروس وشقيقه أمير محروس أحد أهم مهندسى الصوت فى العالم العربى مضيفًا: "ليس هناك استبعاد أو فرز طائفى ضد المسيحيين، فإذا كان هناك مسيحى موهوب سيفرض نفسه وسيرحب به الجميع".
واستطرد يعقوب حديثه:" أعمل منذ 25 سنة فى الموسيقى، ولم أر مسيحى واحد موهبته تليق بنجوم الصف الأول حتى إننى حاولت مع المرنمة الشهيرة "ليديا شديد" وعرضت عليها الاتجاه للغناء لأن خامة صوتها قوية جدًا ولكنها لم تكن مهتمة بذلك"
وتابع يعقوب حديثه: "فى الكنيسة الإنجيلية الموسيقى متطورة جدا، ومستواها الموسيقى معقد جدا، لكن الشباب من المرنمين والموسيقيين يعملون فى وظائف أخرى ويتعاملون مع الموسيقى كنوع من الخدمة الروحية دون أى رغبة فى احتراف الغناء".
وأوضح يعقوب، أنه على مستوى الكنيسة الأرثوذكسية هناك بعض التحفظ فى التعامل مع الموسيقى فهناك قوالب لا يمكن تخطيها، رغم أن الكنيسة تمتلك استديوهات قوية ولكن الناتج عنها ضعيف وعلى العكس من ذلك فإن المجتمع الغنائى المسيحى فى الصعيد متطور للغاية.
سألنا يعقوب "هل غاب المسيحيين عن الغناء لأن المنتج الخليجى لا يفضلهم؟، فأجاب: "المنتج الخليجى لا يهتم بمسلم أو مسيحى فهم ينتجون لنجوى كرم وهى مسيحية طوال عملى فى المجال الفنى لم يذكر أمامى ذلك نهائيًا، المنافسة الغنائية تحتاج تحدى وصمود، وإن كان هناك مطربين مسيحيين أقوياء لكان نصر محروس تباناهم، وأذكر أن هناك مطربًا مسيحيًا ظهر مع جيل حميد الشاعرى يسمى أمين سامى كان لديه أغنية شهيرة هى "دلوعة الواد وحليوة" ثم اختفى فى المنافسة الشرسة".
جمال أسعد: غياب الأقباط عن الغناء كانسحابهم من ملاعب كرة القدم
وفى سياق متصل، فسر البرلمانى السابق جمال أسعد الأمر تفسيرًا سياسيًا، ويرى أن غياب الأقباط عن الغناء لا يختلف عن غيابهم عن ملاعب كرة القدم وهى كلها نواتج لعزل الأقباط عن المجال العام واكتفائهم بممارسة كل الفنون والرياضات داخل جدران الكنيسة.
"أسعد" يرى أن الطفل المسيحى الموهوب يفضل الهجرة إلى داخل الكنيسة بدلًا من تقديم فن للمجتمع ولا يحلم أن يصبح لاعب كرة أو مطرب، ومن الطبيعى أن يتفوق فى العلم ويصبح طبيبًا أو صيدليًا وفى الإطار التاريخى كانوا يعملون صيارفة وصيادلة.
واستكمل البرلمانى السابق حديثه: "العزلة داخل الكنيسة جعلت الشاب المسيحى يتجه ذهنيا وبشكل تلقائى إلى قضايا بعيدة عن إبراز المواهب ويفضل الشهادة الدراسية عن إظهار المواهب فى إطار بعيد عن السياق العلمى المحدد، حتى خلق فى الرأى العام حالة ذهنية تردد " أن المسيحيين ملهمش فى المواهب"
من وجهة نظر "أسعد " فإن الحل يكمن فى ألا تقوم الكنيسة بأدوار الدولة وتؤسس مسرح ونادى المسيحى مواطن مصرى وإذا كان لديه موهبة عليه أن يدافع عنها أن كان هناك تمييز ضده، وأن يتم تفعيل فكرة المواطنة بالمواجهة وليس الاستسلام والابتعاد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة