لا صوت يعلو فوق أصوات مونديال روسيا 2018، ورغم أن الجو مش ربيع وسخونة القضايا الحيوية داخليا وخارجيا، فإن مشاركة المنتخب الوطنى فى المونديال بعد غياب 28 عاما يقفل تلقائيا كل المواضيع، ويأخذ القلوب والألباب إلى بلاد الجليد والجميلات، حيث يواجه منتخبنا ثلاثة اختبارات صعبة فى الدور الأول أمام أورجواى وروسيا والسعودية.
الاختبار الأول أمام أوروجواى، خسرناه فى اللحظات القاتلة بهدف من كرة عرضية كان من الممكن أن يواجهها أحمد حجازى أو على جبر، لكنهما خسرا فى المواجهة مع خيمينيز، الذى استطاع فى الدقيقة 90 من زمن المباراة أن يغتال حلم الفراعنة بالخروج من المباراة بنقطة، تمهيدا لاصطياد الدب الروسى فى المباراة المقبلة.
الخسارة كانت مؤلمة من أوروجواى الذى بدا منتخبا عاديا غير مرعب بالنسبة لنا، واستطعنا ترويض مهاجميه معظم أوقات المباراة، فلم يسجل سواريز الخطير ولا كافانى الشهير، وتألق فى مواجهتهما محمد الشناوى حارس عرين المنتخب والنادى الأهلى، الذى أثبت بحق أن إضافة جديدة إلى أجيال الحراس العظماء الذين دافعوا عن مرمى المنتخب الوطنى، عادل هيكل وإكرامى الكبير وثابت البطل وعادل المأمور والحضرى وشوبير والقائمة تطول.
الشناوى فاز بجائزة أحسن لاعب فى مباراة الأوروجواى، رغم الخسارة بهدف لا يسأل عنه بالدرجة الأولى، فقد استطاع تقديم تصديات رائعة لقذائف وانفرادات كافانى وسواريس ونجوم الأوروجواى، دون أن يقع فى أية أخطاء اندفاعية مما نراها فى مباريات الدورى المحلى، خاصة أن المباراة هى الرسمية الأولى للشناوى بعد عدة مشاركات فى مباريات ودية قليلة.
تألق الشناوى اللافت فى مباراة الأوروجواى يطمئننا بأن عرين المنتخب مؤمن لسنوات قادمة، وكذا عرين النادى الأهلى الذى يعانى بشدة من نقص الموهوبين فى حراسة المرمى، هذا إذا لم يتلق عرضا مغريا لا يمكن رفضه بعد مباريات المونديال، لكن تألق الشناوى فى مباراته الدولية الرسمية الأولى بهذا الشكل، رغم بلوغه التاسعة والعشرين من العمر، يثير تساؤلات عديدة، أين كان الشناوى طوال السنوات العشر الماضية؟ ولماذا لم تلتقطه العين الخبيرة خلال سنوات لعبه فى طلائع الجيش أو بتروجيت؟ وهل صحيح أنه لعب للمنتخب لمجرد انتقاله للنادى الأهلى ولعبه للفريق الأول على حساب المخضرم شريف إكرامى؟
محمد الشناوى لمن لا يعلم، بدأ فى نادى الحامول بمحافظته كفر الشيخ ثم انتقل لناشئى الأهلى، وظل بالنادى سبع سنوات وخلالها لعب للمنتخب الوطنى تحت 18 سنة، قبل أن يفرط فيه مسؤولو النادى بسهولة ليقضى سبع سنوات عجاف بين طلائع الجيش وبتروجيت، لم ينل فيها إشادة ولم يلتفت إليه أحد لا فى الأهلى أو المنتخب الوطنى، رغم أنه كان حارسا دوليا فى مسابقات الناشئين، ولولا تراجع مستوى شريف إكرامى وتعثر مفاوضات الأحمر مع أحمد الشناوى حارس الزمالك، لما فكر الأهلى فى استعادة لاعبه بعد سنوات التغريبة فى الدورى المحلى، ولما فكر فيه مدربو المنتخب الوطنى.
نحن سعداء من أجل تألق محمد الشناوى فى مباراة أوروجواى، رغم الخسارة فى الوقت القاتل، وسعداء من أجل شهادة نقاد وخبراء العالم فى حقه وإشادتهم به، لكن هذا التألق نفسه يشير بوضوح إلى أن هناك لاعبين موهوبين كبار تائهون فى الدورى المحلى والدوريات العربية، ولم تلتقطهم عيون المدير الفنى للمنتخب وعيون مساعديه لمجرد أنهم غير محترفين بأوروبا أو لا يلعبون للأهلى أو الزمالك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة