كريم عبد السلام

من يحمى العاملين بالقطاع الخاص؟

السبت، 16 يونيو 2018 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تتجه الحكومة مشكورة إلى توجيه حزمة من العلاوات وزيادة الدعم للعاملين بالقطاع الإدارى للدولة ولأصحاب المعاشات، قبل كل إجراء للإصلاح الاقتصادى بزيادة أسعار المياه والكهرباء والوقود، وآخر هذه الإجراءات ما أعلنته وزارة المالية وأقره البرلمان من زيادة مخصصات المعاشات بنسبة 15% اعتبارا من أول يوليو،و ومنح العاملين بالدولة علاوة 10% لغير الخاضعين لقانون الخدمة المدنية و7% للمخاطبين بالقانون، تضاف إلى الأجر الأساسى للعاملين، بالإضافة إلى رفع حد الإعفاء على ضريبة الدخل خلال العام المالى الجديد من 7200 إلى 8000 جنيه، الأمر الذى ينعكس بصورة ملحوظة على شريحة كبيرة من محدودى الدخل.
 
ولا يسعنا إلا أن نحيى توجه الحكومة برفع المعاناة عن كواهل محدودى الدخل بقدر الإمكان قبل أى إجراءات إصلاحية تفرض بالضرورة موجة غلاء فى الأسعار والمواصلات والسلع الأساسية والخدمات، ولكن إذا كانت الدولة تعتمد هذه السياسة تجاه العاملين بالقطاع الحكومى وأصحاب المعاشات،  فمن يحمى العاملين بالقطاع الخاص، الذين يمثلون الأغلبية الساحقة للعاملين بالدولة؟ من يحمى نحو خمسين مليونا من العاملين بالقطاع الخاص والأهالى من التأثيرات الحتمية لقرارات الإصلاح الاقتصادى؟
 
إجراءات الإصلاح الاقتصادى ضرورية وكلنا نعرف ذلك ، ولا مفر من تطبيقها لمواجهة العجز الهيكلى فى الاقتصاد، وعجز الموازنة المتزايد، ووقف الزيادة المطردة فى الاستدانة، سواء على مستوى الدين الداخلى أو الخارجى،  ولكن إذا كانت الحكومة والبرلمان يحرصان دائما على توجيه حزمة من الدعم والعلاوات والإعفاءات الضريبية وزيادة المخصصات التموينية للعاملين بالقطاع الإدارى للدولة ولأصحاب المعاشات، باعتبارها حزمة ضرورية من المعونات التى تخفف آثار الدواء المر أو الإصلاح الاقتصادى،  فمن يدفع القطاع الخاص إلى تحمل المسؤولية الاجتماعية عن الشرائح الدنيا من العاملين فيه وهم يمثلون الأغلبية من نحو خمسين مليون عامل بالقطاع؟
 
الحكومة تتصرف وكأنها تقول أنا أتحمل مسؤولية الموظفين وأصحاب المعاشات فقط، أى نحو 15 مليون مواطن، فكيف نحمى بقية المائة مليون مواطن من تأثيرات الإصلاح الاقتصادى المر؟ ومن يتولى دفع كبار المستثمرين وأصحاب الأعمال فى القطاع الخاص إلى التحلى بالمسؤولية الاجتماعية التى تتحلى بها الحكومة تجاه موظفيها؟ 
 
الواقع يقول إن القطاع الخاص لن يتجه إلى منح العاملين به علاوات ومميزات حمائية من تلقاء نفسه، ومن دون ضغوط نقابية أو حكومية أو دون تدخل البرلمان، وطالما طالبت النقابات المعنية وممثلو العمال بتدخل الحكومة والبرلمان فى هذا الشأن، لكن الرد الحكومى دائما ما يأتى وكأنه يشبه الاعتذار للعمال، وإطلاق أيدى أصحاب الأعمال دون مساءلة، فالدولة ترى أنها لا تستطيع إلزام أصحاب الأعمال بإقرار علاوات استثنائية لمواجهة الغلاء الناجم عن إجراءات الإصلاح الاقتصادى،  لكنها أيضا تواجه بشكل مباشر أو غير مباشر اتجاه النقابات العمالية لممارسة الضغوط على أصحاب الأعمال بالطرق النقابية المعروفة من الإضرابات أو الاعتصامات أو ربط الإنتاج بالحصول على الحقوق، فهنا ترفع الحكومة شعار الأمن القومى، وتتدخل لحماية أصحاب الأعمال، ودفع التجمعات العمالية لوقف الإضرابات واستئناف الأعمال دون حلول جذرية.
 
لن يستقر سوق العمل فى مصر ويزدهر دون تعميق المسؤولية الاجتماعية لدى أصحاب الأعمال فى القطاع الخاص الذين يمثلون نحو 75% من الاقتصاد، وتقنين إجراءات العمل وأشكال حماية العمال وأصحاب الأعمال معا، أما الاستمرار فى تصوير حماية الموظفين وأصحاب المعاشات من قبل الدولة على أنه حماية لجميع المواطنين من آثار الإصلاح الاقتصادى، فلا يعنى إلا مزيد من الخلل الاقتصادى والاجتماعى ومزيد من الأعباء على الدولة نفسها كبديل وحيد وضامن أوحد للقطاع الخاص.
 
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة