رغم شكى منذ البداية فى العثور على شىء خلف مقبرة توت عنخ آمون، وهو ما أثبتته البعثة الإيطالية مؤخرًا، التى أنهت الزعم الذى قاده باحث المصريات البريطانى نيكولاس ريفز، بأن مقبرة الملكة نفرتيتى تقع خلف مقبرة توت، لكننى حزنت.
نعم حزنت لأن توت عنخ آمون مات وحيدًا، وظل فى هذه الوحشة وحيدًا حتى اكتشاف مقبرته على يد هيوارد كارتر 1922 فخرج إلى عالم أكثر وحشية، ويكفى ما فعله به الجزار الدكتور دوجلاس ديرى الذى ارتكب حماقة العمر عندما فكر فى نزع القناع الذهبى عن مومياء الملك الصغير، فاستخدم «سكاكين» نتج عنها تشويه الملك، وفصل الرأس عن الجسد بينما هيوارد كارتر يشاهد أو يساعد، مما يعد جريمة كبرى فى حق مصر وتاريخها.
لا أعرف لماذا كلما شاهدت صورًا لمومياء توت عنخ آمون رأيته مفزوعًا من شىء ما، ربما ذلك من أثر جريمة هيوارد كارتر وفريقه وربما بسبب صدمة الموت، لذا تمنيت أن يجدوا مقبرة الملكة نفرتيتى، التى تؤكد الدراسات، أنها أم توت، تمنيت أن تكون مدفونة فى غرفة مجاورة، كى يشعر بنوع من الطمأنينة بعد الخوف الذى أصابه من موته المفاجئ، الذى لا يعرف أحد على وجه الدقة كيف حدث؟
ما يؤكد الوحدة التى عانى منها توت عنخ آمون فى حياته هو أن مقبرته كانت ممتلئة بالتفاصيل العينية التى عادة ما نملأ بها غرف أطفالنا الوحيدين، نريد أن نصنع لهم الونس، لكن هذه الأشياء لا تصنع الونس بل تزيد من الوحدة.
هل كان توت عنخ آمون طفلًا غير محبوب، ربما، فالتاريخ الغامض لهذه الفترة يسمح بالكثير من التكهنات، عن نفسى أرى أن الكهنة كانوا يرونه مجرد إثبات لانتصارهم على إخناتون وديانته، وأن أسرته الشخصية كانت ترى فيه «خيبة» فهو الشاهد على دولة لم تكتمل، عادت منكسرة إلى طيبة بعد موت المؤسس، لكن هل كانت نفرتيتى تراه كذلك؟
أظن أن الملكة كان لها شأن آخر، مسكون بالمحبة، لكن الاضطراب الذى أصابها بعد انتهاء عزها ومجدها واضطرارها البحث عن حفظ حياتها وحياة بناتها جعلها تغلب العقل عن العاطفة فى كثير من القرارات التى اتخذتها.
ربما تخرج علينا ذات يوم دراسات تقول بأن نفرتيتى ليست أم توت عنخ آمون، لكن هذا لن يمثل لى شيئًا مختلفًا، فهو كان فى حاجة ملحة لهمس «ميت» بجانبه يأخذ منه خوفه ويترك له بعض «الونس».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة