وصف نائب الرئيس الأمريكى مايك بنس كوريا الشمالية بـ«السيناريو الليبى»، وردت كوريا الشمالية بوصف نائب الرئيس الأمريكى مايك بنس بـ«الدمية السياسية»، ووصفت تصريحاته بأنها «غبية»، الحقيقة أن تلك التصريحات كانت مجرد القشة التى كسرت ظهر البعير، لأن السبب الرئيسى يعود إلى عوامل أمريكية وأخرى أوروبية وآسيوية.
كلنا نعرف أن ترامب منذ توليه الرئاسه الأمريكية ألغى من حسابته خيار الحل الدبلوماسى لأزمة كوريا الشمالية، وواصل تهديداتة لها، لكنه لجأ إلى حيلة جديدة لاسكات الانتقادات الداخلية فى بلاده وتمنحه القوة لتثبيت بقائه فى السلطة وسط كم القلق الذى يشعر به من قبل مؤسسات الإدارة الأمريكية حول التحقيقات فى ملف التواصل مع روسيا فى الانتخابات الرئاسية، وغيرها من الأمور الأخرى.
كما يأتى فى سياق التشكيك فى المساعى الدبلوماسية بين البلدين تحذيرات «كيم تايوو»، الرئيس السابق لمركز الوحدة الوطنية الكورية، من أن الاتفاق قد يجمد قدرات كوريا الشمالية النووية فى المستويات الحالية، لكن فى نفس الوقت لن يؤثر على منظومتها الصاروخية قصيرة المدى التى ربما تكون قادرة على الوصول إلى كوريا الجنوبية، وهو ما يمثل تهديدًا لسول، مضيفا أن هذه القمة «مراهنة كبيرة»، حال عدم الوصول إلى اتفاق.
ولعل ترامب دون أن يدرى قد وضع نفسه فى المأزق الأوروبى والآسيوى بعد أن خرج من اتفاق النووى مع إيران «5 + 2»، وأراد توسيعه بإضافة مكونات أخرى خاصة بالتسليح الإيرانى وصواريخها الباليسيتة وغيرها من البنود، الأمر الذى اعتبر وزير الاقتصاد والمالية الفرنسى برونولومير الأسبوع الماضى، فى مقابلة مع إذاعة «أوروبا 1 اليوم»: «أنه حان الوقت لأوروبا أن تنتقل من الأقوال إلى الأفعال لحماية سيادتها الاقتصادية من العقوبات التى تريد الولايات المتحدة تطبيقها على الشركات الأجنبية العاملة فى إيران».
ويضاف إلى ذلك أن الغرب يعتقد أن العقوبات التى تريد أمريكا فرضها على إيران ستؤثر سلبا على الاقتصاد فى الاتحاد الأوروبى، وستؤدى إلى خوف الشركات العالمية والأوروبية والآسيوية، وإثر ذلك على الاقتصاد العالمى، حيث إن إيران هى الدولة الثالثة المصدرة للبترول فى العالم ولديها علاقات اقتصادية مهمة مع أكثر من 60٪ من الشركات العالمية الكبرى التى تتحكم فى الاقتصاد العالمى، وصرح دبلوماسيون أن فرنسا وبريطانيا وألمانيا تجدان صعوبة فى إقناع شركائهما فى الاتحاد الأوروبى بدعم فرض عقوبات جديدة على إيران، من أجل الحفاظ على الاتفاق النووى.
ووفقا لوثيقة نشرتها «رويترز» فقد سعت لندن وباريس وبرلين خلال اجتماع مغلق لسفراء الاتحاد الأوروبى فى بروكسل منذ أسبوع، لعدم دعم اقتراح هذه العقوبات، وبموجب قواعد «الاتحاد الأوروبى»، وعلى الجانب الآخر لا يمكن إهمال الموقف الروسى من اللقاء الذى تمثل فى تصريح وزير الخارجية الروسى لافروف لوسائل إعلام يابانية وفيتنامية أدلى به فى 16 مارس الماضى، محذرا إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب من اتخاذ أى خطوات استفزازية يمكن أن تقوض الاجتماع المقرر بين ترامب وكيم جونغ أون، قائلا: إنه «حتى فى الفترة التى أعلن فيها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب استعداده للقاء زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون لحل جميع المشاكل، يصرح ممثلون عن إدارة الرئيس الأمريكى بضرورة مواصلة الضغط على بيونغ يانغ، زاعمين أن كيم أصابه الخوف، وهذا السلوك غير ملائم فى الدبلوماسية»، وأضاف «ويمكن لهذه القوة إيقاف اللقاء أو تعطيله».
وفى حوار لافروف فى مارس الماضى أيضا بعض المؤشرات التى تشير إلى أن روسيا والصين واليابان كان لها شروط لإنجاح هذا اللقاء، مصرحا «أن السيناريو الذى يتضمن إطلاق عمليات عسكرية فى شبه الجزيرة الكورية غير مقبول على الإطلاق بالنسبة لروسيا، كونها بلدا لديه حدود مشتركة مع كوريا الشمالية»، مشيرا إلى أن الجانب الروسى يجرى مشاورات بانتظام مع الدبلوماسية من دول السداسية، وهى الولايات المتحدة والصين والكوريتين الشمالية والجنوبية واليايان، حول المسألة، وأن الصين كانت تأمل فى إلغاء أو تخفيف الحرب التجارية بينها وبين أمريكا، وروسيا كانت تأمل فى أن تعيد أمريكا صيغة اللقاء السداسى لكى تحل مشاكلها مع آسيا، وأن كوريا الشمالية جزء من مثلث متساوى الأضلاع مكون من «كوريا الشمالية وروسيا والصين»، علما بأن اللقاء السداسى مكون من: «الوايات المتحدة والكوريتين واليابان وروسيا والصين»، أى أننا أمام صيغة «ثلاثة - ثلاثة»، الصين وروسيا وكوريا الشمالية من جهة، وأمريكا وكوريا الجنوبية واليابان من جهة أخرى.
ولا ننسى التحالف الروسى الأوروبى الجديد فيما يخص اتفاق «5+2» النووى مع إيران الذى أدى إلى تحالف روسى أوروبى تجلى ذلك فى اللقاءات التى تمت بين بوتين والرئيس الفرنسى ماكرون والمستشارة الألمانية ميركل، وتجميد كل الصراعات الأوروبية الغربية مع روسيا التى استجدت بعد موضوع تسميم الجاسوس المزدوج والصراع حول سوريا والاتهام بأستخدام الأسلحة الكيماوية فى الغوطة.
وأخيرا فإنه من الواضح أن هناك رابطا بين التعاطى الأمريكى مع إيران وكوريا الشمالية من جهة والتحرك فى سوريا والشرق الأوسط من جهة أخرى، ورغم ذلك فمازال الجدل مفتوحا، وأن إلغاء اللقاء مجرد تأجيل وضربا من التفاوض الروسى الصينى الكورى الشمالى، كل ذلك فتح أفواه التنانين والدببة الآسيوية إلى إيقاف تقدمه فى آسيا، وطرح إضافات على اللقاء المنفرد وتحويله إلى الصيغة السداسية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة