صدر مؤخرا عن مركز البحوث العربية والأفريقية، بالتعاون مع مكتبة جزيرة الورد، كتاب "الخطاب السياسى عند شباب الربيع العربى: دراسة أنثروبولوجية ميدانية لشباب مصر وتونس"، للدكتور رشا سعيد أبو شقرة، والفائز بالجائزة السنوية للدكتور حلمى شعراوى للدراسات الأفريقية لعام 2017.
يعالج الكتاب قضية قلما نجدها مطروقة فى الأبحاث العربية، تلك الدراسات التى تنشغل بتحليل الخطاب السياسى عند الشباب وفق مناهج علم الأنثروبولوجيا اللغوية، بمعنى آخر هنا يتعين الإشارة إلى أن الاهتمام العربى النادر بدراسات الأنثروبولوجيا اللغوية يضفى على هذه الدراسة أهمية كبيرة فى محاولتها الجادة تقريب هذه الفجوة المعرفية والمنهجية الهائلة فى هذا المجال، وذلك وفقا لما ذكره الدكتور سعيد المصرى فى مقدمة الكتاب.
ونشرت الباحثة الشابة، عبر دراسة ميدانية موزعة بين القاهرة وتونس، خلاصة ما تحصلت عليه من نتائج بحثها، السياسة فى الخطاب اليومى لدى شباب الثورتين مستخدمة المناهج الأنثرولوجية المتنوعة فى ضوء التنوع الجغرافى والسياق الثقافى، واعتمدت المؤلفة على بنية أو بنيات مشتركة بين المجموعتين لتبنى عليها مبحثها، فقد مرت التجربتان بحدث سياسى متشابه من حيث خروج ومشاركة شعبية فى مطلع عام 2011، وتمخض عنها تقويض أنظمة سياسية كانت قد رسخت وجودها لفترة زمنية، وأيضا تمثلا مشتركًا حضريًا فكلاهما حدثا فى مناطق العاصمة.
وجعلت الكاتبة من الشباب قاعدة أساسة لمبحثها دون أن تغفل فى شرطها الأخير وذلك بأن جعلت باحثها قائما على شقين أساسيين: الأول الشباب غير المنتمى حزبيا، وجعلت الشق الثانى قصديًا، ببحث السياسة فى خطاب الشباب داخل مجال الانخراط والعمل السياسى الحزبى المنظم.
وكشفت "رشا أبو شقرة" بالمقارنة الخصائص العامة التى انفرد بها ذاك الخطاب من نقد وإصرار أحكام عامة، وتضخيم وتطرف فى الاستجابة للمواقف واللامبالاة لزمن ما قبل الحراك السياسى، التى وجدتها متشابهة بالمجتمعين كيفا مختلفة.
توضح الكاتبة أن الأبعاد التاريخية والاجتماعية والثقافية والرموز غير الكلامية مثل حركة الجسد..إلخ، لها دورا فى التواصل اللغوى، هذا فضلا عن بحثها أساليب التعبير اللغوى، من لزمات كلامية واستدعاء الرموز الثقافية وأداء الكلام، بالإضافة إلى الأنماط اللغوية، وهى طبيعة اللغة المستخدمة التى تتسم بالتفاؤل أو الإحباط والحماسة أو حتى تبنى لغة المؤامرة الخارجية.
كما ألقت الكاتبة الضوء على أهمية الألفاظ والتعبيرات السياسية خاصة لما لها من مرونة فى كثير من الأسس الدلالية، وفى درجة خضوعها للمنطق والعقلانية وطرق الاشتقاق وفقا لمقتضيات الحياة اليومية، التى تختلف اللغة الرسمية.
وتقول الكاتبة ربما كانت الثقافة بمعناها الأنثرولوجى دورا بالغ الأهمية فى تفسيرات الكتاب لتنوع تعاطى التجربتين مع اللحظة الراهنة لزمن البحث وبعد مرور عدة أعوام على انطلاق شرارة الحدث السياسى وفقا لهذا كانت هناك بعض التمايزات بين الخطابين موضوع الدراسة، ما بين المباشرة فى الحالة التونسية واللا مباشرة فى الحالة المصرية، لا تفارع معدلات التعليم فى تونس، على عكس القاهرة، وفقا للدراسة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة