المرأة هى نواة المجتمع، وهى من أهم الأطراف المساهمة فى تحقيق التنمية المستدامة، والوصول بالمجتمع إلى مستقبل له شهوده الحضارى، ولا يقل دورها فى هذا الجانب عن دور الرجل فى إيجاد حلول تعالج مشاكل المجتمع وحلول تواجه التحديات المختلفة.
ولن نتمكن من تحقيق هذه التنمية المستدامة المنشودة دون دور فاعل للنساء، فهن أساس التغيير ومنشأه؛ لأن المرأة هى عصب المجتمع فإذا أردنا تغيير ثقافته فعن طريق المرأة، فلها التأثير الجليل الخطير على الأطفال والرجال.
ولذلك لابد أن تزود المرأة بالمعلومات حول متطلبات تحقيق النجاح فى جميع القطاعات، وأن تعلم أن مصادر الثروة أمانة منحها الله للإنسان وجعله أمينا عليها، مستخلفًا فيها، يجب عليه الحفاظ عليها واستخدامها طبقًا لما أمرنا به، ولابد للمرأة من تزويد أسرتها بكل ما يتعلق بالبيئة والحفاظ عليها وترسيخ انتماء أفراد أسرتها واحترامهم لبيئتهم ومجتمعهم والعمل على زيادة وعيهم البيئى، وأن تعزز لديهم فكرة الاستعمال المسؤول للموارد وأن تكون قدوة لأبنائها فى هذا الأمر فلا يرونها وقد أهدرت موارد الأسرة فيما لا يفيد، فالإسراف والبذخ الذى أصبح فى البيوت اليوم لا يتفق مع مبادئ الدين ولم تأت به الشريعة الإسلامية، وبعيد كل البعد عن توجيهات قرآننا ونبينا؛ فالله عز وجل يقول فى كتابه: «وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا» (سورة الأعراف، آية 31)، وما نراه فى بعض البيوت الآن من رمى بقايا الطعام وعدم توظيفه التوظيف الأمثل، وما نراه من كثرة إضاءة جميع أرجاء البيت دون حاجة إليها بل إننا نرى أحيانًا وقد أُضيئت بعض البيوت نهارًا.
إن هذا الإسراف وهذا التبذير دخيل على ديننا الذى أمرنا بالتوسط والاعتدال فى جميع شؤوننا وكل أحوالنا، قال تعالى: «وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا» (سورة الإسراء، آية 29) وفى الوقت ذاته أمرنا بالاهتمام بأصحاب الموارد المحدودة أو المنعدمة، وإنفاق الفائض لدينا لسد حاجة المحتاجين.
وفى نصوص شريعتنا ما يكفى لأن نضع نظامًا شاملًا ومنهجًا كاملًا للوصول إلى هذه التنمية المنشودة، فهى شريعة تحمل رسالة صالحة لكل بيئة وكل زمان وكل مكان، رسالة جمعت فأوعت، واتسعت فأرشدت كل جوانب الحياة روحية ومادية.
والمرأة المسلمة لو أحسنت فهم دينها وتأملت كتاب ربها لاستطاعت تلك المرأة أن تحول المجتمع تحولًا تامًا، وأن تقوده للتغيير والتطور والبناء من أجل إقامة عالم أفضل عن طريق جعل المجتمع قادرًا على تأدية واجبه بإخلاص وأمانة ناشئة عن خشية الله وتقواه.
فدورها فى هذا الجانب دور خطير، ولابد أن تسرع بالقيام به، فالعالم الآن يمر بمرحلة من الأزمات متتالية تهدد كيان الحضارة الإنسانية، وذلك ليس بسبب نقص الموارد فقد كفلها الله لعباده ومنّ عليهم بها ولكنه بسبب عجز الإنسان عن الاستفادة الكاملة من تلك الموارد والحفاظ عليها وتنميتها، وإذا كان الإنسان قد حقق تقدمًا علميًا وتكنولوجيًا وتقنيًا عاليًا فإنه فى الوقت نفسه عجز عن تحقيق تطور مماثل فى القوة الروحية والمعنوية، وهذا ما نحتاجه فى عالمنا اليوم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة