لا يخلو رمضان من عاداته وتقاليده حتى فى إعداد الطعام وتجهيز الوجبات وتنوع المأكولات، وتشتهر مصر فى كل مدينة وقرية ونجع بنوع مختلف ومميز من الوجبات ذات الطابع الخاص والتى يتم إعدادها خصيصاً خلال شهر رمضان المبارك.
وفى جنوب مصر، تشتهر نساء الصعيد بإعداد أطعمة مميزة تقتصر فى الغالب على شهر رمضان أو المناسبات، وفى الغالب يطلق عليها مسميات غريبة، ومنها "النشابى" الذى لا غنى عنه فى وجبات الإفطار والسحور فى رمضان، وللتعرف أكثر عن طريقة إعداد "النشابى" والعادات والتقاليد المتبعة فى إعداده خلال التقرير التالى.
تعرفه زينب صلاح، من قرية أقليت بمحافظة أسوان، قائلةً: "النشابى" عبارة عن فطير رقيق يستخدم مع شربة اللحوم فى الإفطار أو مع اللبن فى السحور، ويتم إعداده بطريقة خاصة يجتمع فيها عدد كبير من النساء بالقرية الواحدة أو النجع الواحد داخل منزل إحدى السيدات، وتبدأ طريقة إعداده بكميات كبيرة – لأنه لا غنى عنه خاصة فى رمضان – ويستمر الإعداد له أحياناً من بعد صلاة التراويح وحتى قبل السحور بقليل، وسط فرحة الأطفال وتجمعهم حول النساء أثناء الإعداد له.
أم عز من قرية بنبان بحرى بمحافظة أسوان، تتابع الحديث عن "النشابى" قائلةً، تجتمع نساء النجع والقرى مع بعضهن البعض يومياً فى منزل إحداهن، للتحضير وعمل النشابى، وكل سيدة تحضر من منزلها "نشابتها" وهى عبارة عن عصى خشبية مدورة تساعد المرأة الصعيدية فى عمل النشابى، وأيضاً تحضر معها المنضدة الخشبية الخاصة بها "الطبلية" وهى قادمة إلى منزل السيدة التى يقع عليها الاختيار لإعداد النشابى، وعادة ما يكن من 10 إلى 15 سيدة، لأن المنازل فى الصعيد تتسم بالوسع فى المساحة مما يساعد على تجميع أكبر عدد من نساء النجع.
وأضافت أم عز، "النشابى" هى أكلة صعيدية مشهورة عبارة عن دقيق مطحون مخلوط بالماء ويتم عجنهما فى إناء واحد، ثم تقطيعه إلى قطع صغيرة بحجم كفة اليد، ثم يوضع قطع العجين على "الطبلية"، ويتم رش دقيق على أرضية الطبلية قبل وضع العجينة حتى لا تلتصق بخشب الطبلية، ثم يتم نشبها أى فردها بعصى النشابة، وهى عصى عادة ما يتم صناعتهما عند النجارين وتحتفظ بها النساء لسنوات طوال وتخرج فى المنسبات، ويتم وضع العجينة بعد فردها بشكل دائرى رقيق جداً، فى الفرن أو الطابونة حسب توافر إمكانيات المنزل، وتستغرق بضع دقائق حتى تستوى.
وأشارت أم خلود من قرية الرقبة بمحافظة أسوان، إلى أن النشابى من الأكلات سريعة التحضير، وخاصة عند ورود ضيوف إلى المنزل فى أوقات متأخرة من الليل، وتستخدم أيضاً فى عمل فتة اللبن عن طريق إضافة كمية من الحليب على طبقة النشابى بعد تكسيرها لقطع صغيرة، أو على شربة اللحوم والدجاج الطازج الذى يتم تقديمه للضيوف أو خلال شهر رمضان سواء على الإفطار أو السحور فى حالة استخدام اللبن.
وأوضحت أم خلود، بأن النشابى أيضاً من الأكلات سريعة الهضم وتتميز بانتشارها فى قرى الصعيد وخاصة محافظة أسوان، وتقوم النساء بتجهيز كميات كبيرة منه لتخزينها لرمضان، كما يتم إهداءها لذوى الأقارب المقيمين بالقاهرة وباقى المدن، عن طريق تخزينها داخل كراتين، حتى يشعر ذويهم فى المدن المغتربين خارج الصعيد بمعايشة أهاليهم فى نفس العادات والتقاليد المتبعة خلال مناسبات شهر رمضان والعيد وغيرها.
وقالت أم صالح من قرية بنبان قبلى بمحافظة أسوان، إن هناك سيدات يصنعن النشابى ويبيعونه جاهزاً فى الأسواق لأكل العيش والاسترزاق منه ومساعدة النساء اللولاتى لا يستطعن القيام بعمل النشابى خلال المواسم وشهر رمضان.
واستكملت أم صالح حديثها عن النشابى قائلةً، إن الأطفال المتواجدين خلال وقت إعداد النشابى يتم إعداد فطيرة صغيرة لهم على هامش عمل النشابى، وتختلف بإضافة السمن البلدى ورشة من السكر حتى تكون ذات قيمة غذائية للأطفال وتكون وجبة سريعة التحضير، مشيرةً إلى استخدام وجبات النشابى بكثرة فى المناسبات الصوفية كنذور وذبح الولائم لآل البيت، وفى يوم الجمعة غالباً، وأيضاً خلال الإفطار الجماعى للقبائل والعائلات والعواقل خلال شهر رمضان وأيام العيد وغير ذلك.
النشابى
أثناء إعداد النشابى
الطابونة فى الصعيد
النشابى داخل الفرن
أثناء تجهيز النشابى
النساء يحضرن النشابى
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة