تعد حكايات ألف ليلة وليلة من أكثر الطقوس التى ارتبطت فى ذاكرتنا بشهر رمضان المبارك، وفى ظل عصر الصورة، الذى قدم هذه الحكايات التراثية فى شكل مسلسلات أو أفلام مأخوذة عنها، قررنا أن نعود بالمشاهد والقارئ إلى أصل الحكاية، لننشرها تباعا فى رمضان.
الليلة الأولى.. حكاية التاجر مع العفريت
بلغنى أيها الملك السعيد، أنه كان تاجر من التجار، كثير المال والمعاملات فى البلاد، قد ركب يومًا وخرج يطالب فى بعض البلاد، فاشتد عليه الحر، فجلس تحت شجرة وحط يده فى خرجه وأكل كسرة كانت معه وتمرة، فلما فرغ من أكل التمرة رمى النواة وإذا هو بعفريت طويل القامة وبيده سيف فدنا من ذلك التاجر، وقال له: قم حتى أقتلك مثل ما قتلت ولدى، فقال له التاجر: كيف قتلت ولدك، قال له: لما أكلت التمرة ورميت نواتها جاءت النواة فى صدر ولدى فقضى عليه ومات من ساعته.
فقال التاجر للعفريت: أعلم أيها العفريت أنى على دين ولى مال كثير وأولاد وزوجة وعندى رهون فدعنى أذهب إلى بيتى وأعطى كل ذى حق حقه ثم أعود إليك ولك على عهد وميثاق أنى أعود إليك فتفعل بى ما تريد والله على ما أقول وكيل.
فاستوثق منه الجنى وأطلقه فرجع إلى بلده وقضى جميع تعلقاته وأوصل الحقوق إلى أهلها وأعلم زوجته وأولاده بما جرى له فبكوا وكذلك جميع أهله ونساءه وأولاده وأوصى وقعد عندهم إلى تمام السنة ثم توجه وأخذ كفنه تحت إبطه وودع أهله وجيرانه وجميع أهله وخرج رغمًا عن أنفه وأقيم عليه العياط والصراخ فمشى إلى أن وصل إلى ذلك البستان.
وكان ذلك اليوم أول السنة الجديدة فبينما هو جالس يبكى على ما يحصل له وإذا بشيخ كبير قد أقبل عليه ومعه غزالة مسلسلة فسلم على هذا التاجر وحياه، وقال له: ما سبب جلوسك فى هذا المكان وأنت منفرد، وهو مأوى الجن.
فأخبره التاجر بما جرى له مع ذلك العفريت وبسبب قعوده فى هذا منهم الشيخ الأول وهو صاحب الغزالة وقبل يد ذلك العفريت وقال له: يا أيها الجنى وتاج ملوك الجن إذا حكيت لك حكايتى مع هذه الغزالة ورأيتها عجيبة أتهب لى ثلث دم هذا التاجر قال: نعم. يا أيها الشيخ إذا أنت حكيت لى الحكاية ورأيتها عجيبة وهبت لك ثلث دمه.
فقال ذلك الشيخ الأول: اتعلم يا أيها العفريت أن هذه الغزالة هى بنت عمى ومن لحمى ودمى وكنت تزوجت بها وهى صغيرة السن وأقمت معها نحو ثلاثين سنة فلم أرزق منها بولد فأخذت لى سرية فرزقت منها بولد ذكر كأنه البدر إذا بدا بعينين مليحتين وحاجبين مزججين وأعضاء كاملة فكبر شيئًا فشيئًا إلى أن صار ابن خمس عشرة سنة فطرأت لى سفرة إلى بعض المدن فسافرت بمتجر عظيم وكانت بنت عمى هذه الغزالة تعلمت السحر والكهانة من صغرها فسحرت ذلك الولد عجلًا وسحرت الجارية أمه بقرة وسلمتها إلى الراعى ثم جئت أنا بعد مدة طويلة من السفر فسألت عن ولدى وعن أمه فقالت لى جاريتك ماتت وابنك هرب ولم أعلم أين راح فجلست مدة سنة وأنا حزين القلب باكى العين إلى أن جاء عيد الضحية فأرسلت إلى الراعى أن يخصنى ببقرة سمينة وهى سريتى التى سحرتها تلك الغزالة فشمرت ثيابى وأخذت السكين بيدى وتهيأت لذبحها فصاحت وبكت بكاء شديدًا فقمت عنها وأمرت ذلك الراعى بذبحها وسلخها فلم يجد فيها شحمًا ولا لحمًا غير جلد وعظم فندمت على ذبحها حيث لا ينفعنى الندم وأعطيتها للراعى وقلت له: ائتنى بعجل سمين فأتانى بولدى المسحور عجلًا فلما رآنى ذلك العجل قطع حبله وجاءنى وتمرغ على وولول وبكى فأخذتنى الرأفة عليه وقلت للراعى ائتنى ببقرة ودع هذا.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح. فقالت لها أختها: ما أطيب حديثك وألطفه وألذه وأعذبه فقالت: وأين هذا مما أحدثكم به الليلة القابلة إن عشت وأبقانى الملك فقال الملك فى نفسه: والله ما أقتلها حتى أسمع بقية حديثها ثم أنهم باتوا تلك الليلة إلى الصباح متعانقين فخرج الملك إلى محل حكمه وطلع الوزير بالكفن تحت إبطه ثم حكم الملك وولى وعزل إلى آخر النهار ولم يخبر الوزير بشىء من ذلك فتعجب الوزير غاية العجب ثم انفض الديوان ودخل الملك شهريار قصره.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة