يحفل التاريخ المصرى بالعديد من الثورات الشعبية ضد الحكام، خاصة فى بداية العصر الحديث، لاسيما أن أغلب هولاء الحكام كانوا ليس من المصريين، وكانوا يتولون الحكم بناء على فرمان من السلطان العثمانى، دون رغبة من المصريين أنفسهم.
وبجانب ثورات مصر العظيمة والشهيرة التى يحفى بها التاريخ، مثل ثورات عرابى و1919 و23 يوليو، فهناك العديد من الثورات المنسية، التى تملأ المراجع التاريخية، لكن يختفى بها الاحتفاء فى التاريخ المعاصر.
من بين تلك الثورات ثورة عمر مكرم أو الثورة على خورشيد باشا، وهى ثورة شعبية نجحت فى عزل الوالى العثمانى خورشيد باشا، وقد نجحت هذه الثورة فى إقصائه عن الحكم واختيار محمد على باشا واليًا على مصر، وقعت فى 13 مايو عام 1805. ونحاول خلال السطور التالية تسليط الضوء على بعض الثورات فى التى وقعت فى مصر خلال القرن التاسع عشر.
عزل خورشيد باشا
عرف عن خورشيد باشا والى مصر العثمانى تعسفه ضد المصريين، بقيامه بفرض الضرائب الباهظة على الشعب، وكان يلجأ إلى السلطان العثمانى كى يرسل له فرقًا عسكريةً لدعم سلطة حكمه، فأرسل له السلطان فرقًا عرفت "بالدولاه" نهبت وسلبت الأهالى والتجار والمصريين، مما أثار غضبهم الشديد.
أدى هذا التذمر الكبير والمتزايد من الشعب على اجتماع عدد كبير من علماء وممثلى طوائف الشعب، فى مايو من عام 1805، وحاولوا دخول بيت القاضى لعرض شكواهم لكنهم منعوا من الدخول، فقرروا اللجوء والاستعانة بمحمد على باشا القائد العسكرى لخورشيد، وقالوا له: "لا نريده حاكمًا علينا ولا بد من عزله من الولاية"، فردَّ عليهم: "من تريدونه يكون واليًا"، قالوا: "لا نرضى إلا بك وتكون واليًا علينًا بشروطنا لما نتوسمه فيك من العدالة والخير"، فأبدى فى الأول الرفض، ولكن مع إلحاح العلماء بزعامة عمر مكرم ومع رغبته الشخصية فى الوصول إلى حكم مصر، وافق وأرسلوا لخورشيد باشا لإبلاغه، والذى رفض فى بداية الأمر، لكنه وافق بعد محاصرته من جانب عساكر محمد على بالقلعة، وصدور قرار السلطان العثمانى بموافقته على تولى محمد على للولاية على مصر.
ثورة الفؤوس
وهى ثورة شعبية قام بها عدد كبير من الفلاحين، فى الصعيد تعرف بـ"ثورة الفؤوس" أو الثورة الاشتراكية، بقيادة شخص يدعى الشيخ الطيب أحمد عبيد، من محافظتى قنا والأقصر فى عام 1864م فى عهد الخديو إسماعيل، بمشاركة الآلاف، مطالبين بالعدالة الاجتماعية وتملك الأراضى الزراعية، وكانت شرارة الثورة الأولى فى قرية السليمية انضمت لها 10 قرى فى محافظتى قنا والأقصر، رافعين الفؤوس احتجاجا على تردى أوضاعهم.
وبحسب بعض المراجع التاريخية فإن الثورة فى البداية اتخذت الشكل السلمى، قبل أن تقوم فرق أبو جبل الكردى العسكرية الذى ولاه الخديو إسماعيل قيادة الجيش فى العلمية، بتدميرها بعض القرى بالكامل وأدت وتشريد سكانها المتبقين فى كل ربوع الصعيد ونجوعه المتطرفة خوفًا من التنكيل بهم، وهرب الشيخ الطيب إلى الجبل، وذلك بعد معاونة شيخ القرية الحكومة المركزية بالقاهرة فى القبض على المتمردين، وكان ذلك بعد عام من نشوب الثورة فى عام 1865م وتم قتلهم بالفؤوس التى قاموا برفعها فى الثورة.
ثورة عرابى
وهى ثورة قادها أحمد عرابى فى فترة 1879-1882 ضد الخديو توفيق والتدخل الأجنبى فى مصر وسميت آنذاك هوجة عرابى، وكان اندلاع الثورة فى مثل هذا اليوم ٩ سبتمبر ١٨٨١ بقيادة الجيش ومباركة الشعب، ومن الأسباب التى أدت لاندلاعها تردى الأحوال الاقتصادية، وسيطرة رأس المال الأجنبى على اقتصاد مصر، وتزايد التدخل الأجنبى، كما جاءت تعبيراً عن نضوج الوعى القومى، وكانت مطالب الثورة زيادة عدد الجيش إلى ١٨٠٠٠ جندى، وتشكيل مجلس شورى النواب على النسق الأوروبى، وعزل وزارة رياض باشا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة