وكأن منطقة الشرق الأوسط لم يكن يكفيها حالة الأرتباك السياسى المصاحب للجدل الدائر حول انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووى مع إيران، وما يمكن أن يخلفه هذا من تأثيرات على المنطقة، حتى ألهبت إيران كعادتها الوضع أكثر وأكثر بعد أن أشعلت فتيل المواجهة العسكرية مع إسرائيل من داخل الأراضى السورية بإطلاق مجموعة من الصواريخ على مواقع عسكرية إسرائيلية فيما يعتقد أنه ردًا من إيران على مقتل عدة أفراد من الحرس الثورى الإيرانى من قبل إسرائيل فى غارة سابقة بأبريل الماضى، لترد إسرائيل بدورها يوم الثلاثاء الماضى بشن غارة جوية التى استهدفت المنشآت الإيرانية.
على الرغم أن الوضع فى سوريا وبخاصة على الحدود مع إسرائيل معقد فعليًا على أرض الواقع بفضل نفوذ حزب الله العسكرى المتغلغل والمتحكم فى مجريات الأمور هناك، ألا أنه ومن المتوقع أن يزداد الأمر تعقيدًا بعد أن خرجت عدوانية إيران عن نطاق السيطرة وبروز ملامح الدور الذى يلعبه الحرس الثورى الإيرانى فى العراق ولبنان واليمن بخلاف سوريا.
بطبيعة الحال من المؤكد أن الأمر لن يتوقف عند المواجهة بين إسرائيل وحزب الله والجماعات الشيعية المسلحة التى تخوض الحرب بالوكالة عن أيران وتتمتع بالولاء لها، فهناك دول وأطراف أخرى تقف بالخلف وستدفعها مصالحها حتما إلى التدخل فى مجريات الأمور مثل روسيا التى بالإضافة، إلى أنها تعد أكثر الداعمين لمشروع أيران النووى فى مواجهة الغرب، فأنها وإيران تتمتعان بنفس النظرة السياسية الداعمة لنظام الأسد.
بينما تتمركز مصالح إيران بخلاف بعض المصالح الاقتصادية فى ترسيخ مشروعها الدينى فى المنطقة عبر المد الشيعى فى سوريا المعروفة كقبلة للحجاج الإيرانيين، خاصة بعد افتتاح فروع للجامعة الإسلامية الحرة الإيرانية فى سوريا والعراق ولبنان، فإن روسيا بعد سقوط حليفها الرئيسى السابق العراق وتحول مصر من مرحلة العلاقات المميزة والتعاون الوثيق فى عهد عبد الناصر إلى مرحلة طرد الخبراء الروس والاعتماد الكلى على المعسكر الأمريكى فى عهد السادات ثم مرحلة تحقيق التوازن بين المعسكرين الروسى والأمريكى بما يخدم مصالحها، ويحقق أهداف سياستها الخارجية، لم يعد أمامها أهم من سوريا كحل مصيرى وأستراتيجى أخير ووحيد لاستمرار وجودها ونفوذها فى منطقة الشرق الأوسط، عبر ميناء طرطوس العسكرى الذى كان يمثل آخر قواعدها فى المنطقة قبل أن ينجح بوتين فى اقتناص غنيمة أخرى فى سوريا عبر الاتفاق الذى عقده مؤخرًا معها والذى يتيح له استخدام قاعدة حميم العسكرية على الساحل السورى بدون أى قيود وبلا مقابل ليستمر السؤال الذى بات يطرح نفسه فى إلحاح . هل ستكون سوريا الكعكة التى بسببها سيخوض العالم حربه العالمية الثالثة؟!.. هل؟ !
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة