"أكون أو لا أكون تلك هى المسألة"، عبارة شهيرة تُردد على الألسنة حتى الآن من كل ألوان الثقافات المختلفة حول العالم لأن قائلها "هاملت" بطل وليم شكسبير الذى يبحث عن سر وجوده فى الحياة وقت الصراع ما بين نقيضين من خلال أحداث المسرحية المهمة (هاملت.. أمير الدنمارك).
ومع ذكر "شكسبير" وأعماله الخالدة، والتى تحل اليوم ذكرى وفاته الـ 402، حيث رحل فى 23 أبريل من عام 1616، دائمًا تشير بعض أصابع الاتهام إلى سرقته لأعمال الآخرين واقتباسه أعمال عدد كبير من مبدعى الأدب العالمى فى عصره، فأين هى الحقيقة، وهل كان "وليم" مبدعًا أم أنه بالفعل سارق لأعماله الأدبية.
الأديب الكبير عباس محمود العقاد حاول الإجابة، على تلك الأسئلة من خلال كتابه "التعريف بشكسبير" (ص 103)، موضحًا الأراء التى ترجح بأن رواية "هاملت" مستمدة من رواية ضائعة كتبها توماس كيد، وأخذ حوادثتها من كتاب فرسى بقلم فرانسوا بلفورست، نقل فيه قصة هاملت من كتاب تاريخ الدانيين الذى ألفه مؤرخ دنماركى يدعى سكسو جرمتيكس، الذى عاش فى القرن الثانى عشر الميلادى، ووردت قصة هاملت فى الكتابيين الثالث والرابع، وقد عرفت قبل شكسبير رواية بهذا الاسم مثلت فى عام 1594 تنسب إلى توماس كيد ولم يبق منها إلا الشذرات التى وردت فى كتاب بلفورست.
وترجع آراء أخرى إلى رواية الملك لير، أخذت من مصادر متعددة بين تاريخية وقصصية وملاحم شعرية، ومنها مسرحية لمؤلف مجهول عنوانها الملك لير وبناته الثلاث، كتبت عام 1594، ولم تنشر قبل عام 1605، ومنها تاريخ هولنشد، وقصائد ملكة الجن للشاعر سبنسر، وملحمة وارنر المنظومة فى وقائع التاريخ بالجزر البريطانية.
وبحسب العقاد أيضًا، أن هولنشد أيضًا قد عول فى اقتباس قصة ماكبث منه، ولا يبعد أنه أخذها من المصدر اللاتينى الذى اعتمده هولنشد، وهو تاريخ اسكتلندا تأليف هيكتور بويس العالم الاسكتلندى التى تولى تدريس التاريخ بجامعة باريس.
أول من سجل ضد شكبير كانت كلمة كتبها إدوارد رافتكسروفت، فى مقدمة رواية تيتوس أندرونيكس وهو اسم رواية تنسب إلى شكسبير، فقال: "إنه ليبدو لى أن اختلاس أعمال الموتى سرقة أكبر إثم من سرقة أموالهم، ولا أود أن أرمى بجريمة من هذا القبيل، فلا مناص لى من أن أنبئ القارئ بأن هناك رواية فى مجموعة مستمر شكسبير باسم تيتوس أندرونيكس نقلت عنها جزءًا من روايتى وقد أنبانى بعض المطلعين على تاريخ المسرح انها له ولكنها وضعت بقلم مؤلف آخر لتمثيلها، ولم يزد عليها شكسبير إلا بعض التنقيحات فى تصوير الشخصيات الهامة، وأرانى جانحا إلى قبول هذا الخبر، لأن الرواية أقل أعماله صحة وهضما، وكأنه كوم من النفاية وليست بنية منظمة".
العقاد، فى نهاية حديثه عن تلك الأراء، أكد بإن الحديث عن قيام شكسبير بسرقة أعماله ليست موضع شك جديد، بل أنها منذ عصره، وارجع ذلك ربما إلى خطاء من جانب جمعى اعماله، أو من شكسبير نفسه، والذى كانت تعرض عليه بعض الأعمال يقوم بتنقيحها وتهيئتها للعرض من جديد، مشددا إلى أنه تم إزالة هذه النصوص المشكوك فيها، فيبقى معجزة شكسبير فى هيكل العمل ذاته وهو ما يعده عباقرى من ضمن عباقرة الأدب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة