«سوريا ضحية الجميع» هذه حقيقة لا جدال فيها، ولا تحمل أى نوع من المبالغة، هى مجرد جملة تقريرية تصلح أن تكون موجودة فى شريط الأخبار فيقرأها البعض ويتجاهلها آخرون، وتصلح أن يقولها محلل سياسى يشارك فى أحد برامج التوك شو ويكون اهتمامه منصبا على أناقته وكيف يبدو فى الكاميرا، أو تقولها مذيعة أجنبية لا تعرف شيئا عما يحدث حقيقة فى الواقع، لكنها حقيقية للدرجة التى تصلح أن تقولها «أم سورية» ضاع طفلها فى ركام الانفجارات اليومية وتبحث عنه فى الشوارع المتهدمة دون جدوى.
الجميع متورطون، فبشار الأسد بدفاعه المستميت عن السلطة لا يقل إيذاء عمن يطلقون على أنفسهم معارضة ثم يصفقون ويرقصون كلما انهدم جزء من تاريخ الشام، أو يستقوون بالآخر وآلته العسكرية التى تحرق كل شىء فى طريقها، الجميع لا يهتم بالمواطن البسيط الذى يدفع وحده ثمن هذه الحروبات الكثيرة التى تجاوزت السنوات السبع، والتى راح ضحيتها الأطفال والنساء وشوهت البيوت والنفوس، لكن أكبر مجرم فى حق سوريا هو العالم العربى الذى قال عنه الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودى فى ملحمته الخالدة «الموت على الأسفلت» واصفا حاله فى زمن انتفاضة أطفال فلسطين «ينام العالم العربى ليلاتى.. زى ما بينام».
وها هو العدوان الثلاثى يضرب سوريا ويمنح نفسه حقا شرعيا فى الاعتداء على دولة لها سيادة، أو لو شئنا الدقة كان لها سيادة، لكن بسبب تخاذل العرب وعدم اتفاقهم على كلمة سواء، وعدم اتخاذهم موقفا فعليا لإصلاح ما يمكن إصلاحه، سمحوا لإيران وتركيا وأمريكا وروسيا وفرنسا بأن تقتسم أرضهم وتحولهم إلى مجرد مراقبين فقط، وحتى فى ذلك ليسوا على قلب رجل واحد، فهم منقسمون بين مؤيد لهؤلاء وموافق على تدخل الآخرين، وفى النهاية لا يفعلون أى شىء، وأرجوك لا تسألنى عن جامعة الدول العربية فأنا لا أعرف شيئا عنها.
يقول عبد الرحمن الأبنودى:
«ينام العالم العربى/ ليلاتى.. زى ما بينام/ بعواجيزه.. بفتيانه/ بأطفاله.. بشبانه/ قرا الجورنال/ وملا سيارته بالبنزين/ وشاف النشرة بعد الظهر/ وقال فى الانتفاضة كلام/ وحياها/ وبعدين.. نام»
•••
«نزل عمل الشوبنج/ وفات على شركة الفيديو/ وغير شنطة الأفلام/ لبس وقلع لبس وقلع/ وليف نفسه فى الحمام/ وقام للنوم/ يكمل متعته أحلام/ ونام العالم العربى ليلاتى زى ما بينام».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة