إن أردت أن ترى أسمى معانى الحب فانظر إلى علاقة الإنسان بحيوان أو طائر..هذا ما وجدناه مع الحاج "أحمد حسين"الذى ربطته علاقة عشق متأصل مع الحمام، تعود إلى عام 1971 حينما بدأ بتربيته، تعمقت العلاقة أكثر حتى أصبح وليفه وصديقه الذى يهتم لأمره، ثم أصبح الاهتمام به مهنته التى امتهنها بعد بلوغه سن المعاش وتقاعده عن عمله بشركة "الأسمنت".
بحركات سريعة تنم عن خبرة الـ 47 يمسك الكهل الستينى بخيط وغزل وإبرة، ويبدأ فى صناعة "الطارات" التى توضع فوق غيات الحمام، يجلس الحاج "أحمد" بسوق الحمام الذى يقام بالقرب من محل سكنه بمنطقة حلوان كل جمعة من كل أسبوع، ليأتيه مربو الحمام وأصحاب الغيات يشترون "الطارات" ويستمعون لحديثه عن أصول التربية وقواعدها.
يتحدث الحاج "أحمد" دون أن يترك عمله أو يرفع عينه، ويقول "أحن شىء ربنا خلقه الحمام" هكذا بدأ حديثه لـ "اليوم السابع" ثم شرح لنا ما هى "الطارة" وقال:شبكة توضع فوق العشة أو الغية، بها فتحات تدخل للحمام النور والهواء وتجعله يتعرف على المكان الموجود به، وأمان إن كان صاحب الغية غير موجود، ومن خلال الجرار الموصول بها من داخل الغية يمكن فتحها وغلقها، وتمكن صاحب الغية من استعادة الحمام الطائر إن كان غريبًا أو جديدًا على الغية، وأضاف "كل عشة بتحتاج لـ 5 أو 6 طارات تتحط فوقيها".
"حبى ليه هواية وعشق وحنية"قالها الحاج "أحمد" وهو يتنقل بين الغرز التى يصنعها من الخيط بخفة شديدة، وأضاف "الطارات كنت أصنعها هواية، لكننى أعمل بها الآن حتى لا أمل بعد المعاش، ويتراوح سعرها من 15 لـ 25 جنيه، لأن الخيوط تقل وترتفع أسعارها بين الحين والآخر، وأصنع الواحدة منها فى بضعة دقائق حسب حجمها".
الخبرات التى حصل عليها الحاج "أحمد" من الحمام فاقت ما تعلمه فى الحياة، فقال عنها "الحمام علمنى الصبر والحب والحنية وبعدنى عن طرق كتير غلط"، وتابع "لدىٌ3 أبناء علمتهم حب الحمام لأضمن صلاح تربيتهم، من يعيش مع الحمام لن يحتاج إلى شرب السجائر أو يستقطبه أصحاب السوء، لأن الجلوس مع الحمام كافى ليمنحك راحة البال والهدوء والدفء، لأنه يفهم صاحبه ويستمع إلرى حديثه ولا يترك وليفه إلا بالموت".
تفاصيل بسيطة شرحها الحاج "أحمد" حملت أروع معانى الإنسانية، وانفصلت عن عالم التعاملات البشرية وارتقت إلى مستوى آخر من الحب الذى لا ينهيه شىء حتى الموت.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة