كلمتان كثر استخدامهما فى مصر مؤخرا وهما التجديد والتطوير، ولكنهما للحق ككثير من الكلمات يتم تفريغ محتواها من المعنى الحقيقى للكلمة وتوابعها ولا يبقى إلا اللفظ، فبعد أن صحا المصريون على كارثة حكم الإخوان وأدرك القاصى والدانى مدى توغلهم فى الحياة المصرية وكيف أنهم تُركوا عقودا وعقودا دون محاولة للإصلاح أو البتر، ظهرت أصوات تنادى بتجديد الخطاب الدينى وعلا صراخها، وحتى الرئيس نفسه طالب بالأمر من أهل الأمر وهم الأزهر، المؤسسة المنوط بها الحديث عن الدين وضبط بوصلته، وقام الأزهر بتكوين لجان وأقام اجتماعات وتصريحات ومناظرات.. ولكن انتهى الأمر للاشىء حتى أن الرئيس فى إحدى لقاءاته وجه حديثه للإمام الأكبر قائلا أتعبتنى يا شيخ.. وهكذا تحدثنا عن التجديد وناقشناه واختلفنا حوله ونادينا بحاجتنا له ولكن بلا نتيجة.
ومرة ثانية أو ثالثة أو مائة نستخدم ذات التعبير التجديد والتطوير ولكن فى مجال آخر وهو إعلام الدولة الشهير بماسبيرو وتليفزيون الدولة مثقل بالهموم والمشاكل والديون والبيروقراطية والآلاف من الموظفين أكثر منهم فنيون، ولكنهم قالوا إنهم سيطورنه ويجددون وجهه فانتظرت مع المنتظرين لأرى التجديد والتطوير فإذا بهم يفعلون كما فعل الخواجة خرستو ولمن لا يعرف الخواجة خرستو فتلك حكاية قديمة يقال فيها إن الخواجة خرستو حين أفلس بحث فى دفاتره القديمة ربما يجد دائنا عليه دين قديم، وهو نفس ما فعله ماسبيرو فى تطويره أتى ببرنامج صباحى ككل المحطات الأخرى بلا روح، ثم عاد ببرنامج مصر النهاردة توك شو مسائى فى الوقت الذى تعانى منه كل المحطات الأخرى من ثقل التوك شو وانصراف الجمهور عنه، وتبحث عن جديد، وتصور القائمون على التطوير أن الديكور الذى يحوى كل أشكال الديكور وخاماته سيبهر العيون فذكرنى الأمر بامرأة ترتدى كل ما لديها من إكسسوار وذهب وفضة وألماس لعلها تبهر الناظرين، ولكنها للحق تستدعى السخرية، ثم برنامج دينى لشاب يأمل أن يكون داعية جديد فى زمن مختلف ما عاد فيه للدعاة من سوق حقيقى. ثم أخيرا وليس آخرا برنامج بعنوان الست الهانم تقدمه مها أحمد ممثلة متواضعة التاريخ شاهدت لها عدة حلقات لا تحمل أى جديد أو مثير يستدعى متابعتها.
ورغم أن ماسبيرو مثقل بالديون القديمة، وبالتأكيد أن التطوير والتجديد الذى ظنوه كان مكلفا إلا أننى هنا لا أشير لتكلفة قدر ما أشير لأسلوب فكر.
وعود على بدء التجديد والتطوير كلمتان نكثر فى استخدامهما ولكننا نفرغهما من المحتوى قبل الاستعمال فلا يبقى لنا إلا دفاتر الخواجة خرستو القديمة لنبحث فيها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة