لا أعرف بالتحديد من هو صاحب فكرة أن يكون آخر ظهور للرئيس قبل مرحلة الصمت الانتخابى هو ظهور سينمائى بالمعنى الحرفى، ولكنى على ثقة أن من فكر ونفذ يستحق أن يكون على رأس مساعدى الرئيس، لأنه أحسن التفكير والتدبير.
منذ أربع سنوات حين أعلن السيسى خوضه الانتخابات الرئاسية وهو يظهر فى لقاءات كثيرة عادة ما يديرها أهل التليفزيون من مذيعى التوك شو المشاهير، حتى قبل أن يتولى الرئاسة من حاوروه كانوا من ذات الفئة، ولا أعتقد أن حوارا واحدا بينهم كان ذا أثر إلا حين ظهرت تلك الشابة الفنانة المخرجة ساندرا التى حملت كاميراتها وطاقمها وجابت محافظات مصر تسأل الناس بعفوية حقيقية لا زيف فيها عما يريدون أن يقولوا عن الرئيس الذى هو الآن مرشح ينتظر صوت الشعب فى صناديق الإقتراع، وصورت الآراء بذات العفوية، ولكنها عفوية سينمائية تحمل روح الدراما فها هو العجوز العابر يتكلم ويصبح بطلاً وها هو الشاب الغاضب يقول رأيه، وآخرون كلهم جمعتهم الفنانة فى شكل يبدو تسجيليا، ولكنه يحمل الروح الروائية السينمائية، وجلس الرئيس وهو يرتدى قميصا وصديرى بشكل غير رسمى، والكاميرا تدور لتصور انفعالاته، وهو يشاهد رأى نماذج من الشعب، وكأن المخرجة قد استخدمت الفكر السينمائى الروائى الناجح الذى يصعد بالأحداث تدريجياً ليصل للكلايمكس أو الذروة لتبدأ أسئلتها التى لم تحمل تكلفا، بل حملت ندية المواطن أمام مرشح للرئاسة يسعى لكسب صوتها وآخرين.
وجود ساندرا كما هى وكما أعرفها شخصية فاعلة وليست مستقبلة لكلام المرشح الرئاسى، منح عبدالفتاح السيسى البطولة فقد تولت هى المخرجة المحبة لأدواتها وأولهم ممثليها تحريك المشهد، فكأنها مايسترو يدير فرقة موسيقية تناغم عازفيها، وعلى الطرف الآخر رأينا كشعب أن ساندرا كانت نائبة عنا حقيقية، وأعتقد أن صدقها انعكس على المشهد كله.
إن فن السينما هو من أرقى الفنون التى ابتدعها البشر، والفنان الحقيقى هو وحده القادر على أن يخلق عالما حقيقيا موازيا للواقع تماماً، وقد فعلتها ساندرا فجعلت رئيس لأول مرة يراه الشعب المصرى وهو يسمع مباشرة رأى الناس فيه دون مقص رقيب ودون وسيط.
مخرجة شابة اسمها ساندرا فعلتها ونجحت فيما لم ينجح فيه كل الأسماء التى يقولون عنها كبيرة، وأتمنى أن تكون أعطت لهم درساً لعلهم يتعلموه لينقذوا أنفسهم قبل أن يجرفهم الطوفان.
أما المرشح الرئاسى فحين ينجح عليه ألا ينسى أن السينما الحقيقية قيمة يجب أن تساندها الدولة التى يديرها، فالسينما المصرية القيمة هى التى مدت جسورنا لكل بقعة من المحيط إلى الخليج.
أما ساندرا أم سليم فأتمنى لها أن تعود خلف الكاميرات لتقدم لنا كثير من الأفلام، وكثيرا من الصدق الذى نفتقده.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة