"كيف يتكون الدين؟ كتاب مهم للعالم ألفرد نورث هوايتهد (1861 -1947) صدرت ترجمته عن دار جداول للنشر والترجمة والتوزيع، وقام بها رضوان السيد، والكتاب يحتوى أربعة محاضرات قدمها ألفرد نورث هوايتهد هى (الدين فى التاريخ، الدين والاعتقاد، الجسد والروح، الحقيقة والنقد) فى سنة 1926 فى بوسطن.
وفى المحاضرة الأولى يقول الكتاب "إن الدين إذن، وبحسب مقولاته واعتقاداته، هو نظام للحقائق العامة التى تؤدى إلى تغيير فى الأخلاق والسلوك، إذا أخذت على محمل الجد، وإذا عاشها المؤمن باقتناع عاطفى عميق وحى. ففى المدى الطويل، تتشكل أخلاقنا، ويتشكل سلوكنا الحياتى، استنادا إلى قناعاتنا الذاتية. فالحياة الدينية فى الأصل هى واقعة داخلية، وهى تعلل ذاتها بذاتها، ثم إنها بعد ذلك واقعة خارجية، تتصل بالآخرين".
كما يرى الكتاب أن الدين هو ذلك الأمر الذى يصنعه الفرد فى وحدته ومنها، وهى تمر فى تطورها إلى بلوغ الامتلاء والكمال ثلاث مراحل: إنها العبور من الله إلى الفراغ فإلى الله. ومن الله إلى عدو الله. ومن العدو إلى الله الرفيق، وهكذا فالدين يعنى التوحد والانفراد، والذى لا يمر بالوحدة، فإنه لن يكون متدينا أبدا. أما الحماسات الجماعية، وحركات الإحياء، والمؤسسات والكنائس والأناجيل، وأشكال السلوك، فإنها جميعا صيغ منقضية، وقد تكون هذه المظاهر مفيدة أو مضرة. وقد تنتج هذه الظواهر والمظاهر من أوامر عليا أو قد تقتضيها احتياجات عابرة، بيد أن الغائية الدينية تقع وراء ذلك كله".
ويذهب ألفرد نورث هوايتهد إلى أن الأمر الذي يدفع لظهور الدين إذن، هو القيمة الفردية للأخلاق، لكن القيمة قد تكون إيجابية وقد تكون سلبية، وليس من الضرورى أن يكون كل دين أمرا جيدا. بل قد تكون بعض الأنظمة الاعتقادية شديدة السوء، فحقيقة وجود الشر تشير إلى أنه جزء فى نسيج هذا العالم، وأنه من ضمن طبيعة الأشياء وجود قوة ضاربة للقيم. وفى خبرتنا الدينية، يمكن أن يكون الإله الذى اطمأن إليه بعض الناس إلها للدمار".
ونصحنا "هوايتهد" بأنه لا ينبغى أن تسيطر علينا الفكرة القائلة: إن كل اعتقاد هو خير بالضرورة، وإن حدث ذلك سيكون خديعة كبرى".
ويشرح الكتاب أفكاره إلى أن الدين يتمظهر فى التاريخ الإنسانى، من خلال أربعة أبعاد أو تعبيرات، وهذه الأبعاد هى : الشعائر والمشاعر والإيمان والعقلنة.
فيما يتعلق بالمشاعر يرى الكاتب أنها فى معظمها تكون نتيجة للتكرار ويقول الكتاب "إن الدين واللعب يملكان الأصل نفسه فيما يتعلق بالشعائر والطقوس.
فالطقس هو عمل على إثارة المشاعر، والطقس المتكرر يمكن أن يتحول إلى لهو أو إلى دين، وذلك بحسب الإثارة التى يحدثها فى المشاعر والأحاسيس."
وعن مرحلة الإيمان يقول الكتاب "إن هذه المرحلة هى التى تكون فيها مختلف صيغ التفكير غير متماسكة. وإذا كان الأمر هو أمر السوائد يمكن أن يظهر فيها نوع نادر من التسامح، بحيث إن هذا الطقس أو ذاك لا يقاتل الطقس الآخر.
فى مرحلة العقلنة يقول المؤلف "إن الدين العقلانى هو الدين الذى تنتظم عقائده وشعائره، والتى جرت إعادة ترتيبها، بهدف أن تتحول إلى عنصر أساس فى نظام حياة، وهو نظام يتمتع بالفكر المستنير، وبالتركيز على السلوك من أجل غاية عليا، تقتضى مصيرا أخلاقيا، وتظل متناسقة العناصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة