على بعد 280 كم جنوب القاهرة، تقع منطقة ربما لا يعلم الكثيرون عنها شيئا، فعندما تمسك بيدك ماوس الكمبيوتر لتكتب على "جوجل" منطقة دير البرشا، ستظهر لك فقط الصفحة الخاصة بـ ويكيبيديا، والتى جاءت فقيرة بالمعلومات فلم تذكر سوى أن هناك قرية دير البرشا وهى "إحدى القرى التابعة لمركز ملوى بمحافظة المنيا فى جمهورية مصر العربية، حسب إحصاءات سنة 2006، بلغ إجمالى السكان فى دير البرشا 14297 نسمة، منهم 6996 رجل و7301 امرأة" هذا ما ستجده فقط، ولكن فى هذا التقرير نوضح لك عزيزى القارئ أهمية منطقة دير البرشا، والتى ييقدم المتحف المصرى بالتحرير معرضا لها يحمل اسم "الحياة فى الموت".
قال هشام أحمد، مفتش آثار، تقع قرية دير البرشا على بعد 40كم جنوب مدينة المنيا وعلى الضفة الشرقية للنيل فى مواجهة مدينة ملوى ويحدها من الشمال منطقة آثار الشيخ عبادة وهى جبانة الإقليم الخامس عشر من أقاليم مصر العليا فى الدولة القديمة والدولة الوسطى، واختارها بعض ملوك الدولة الحديثة لاستخدمها كمحاجر للحجر الجيرى لبناء معابدهم فى عاصمة الإقليم "خمنو" الأشمونين واستخدمت المنطقة فى العصر القبطى من قبل الرهبان.
واستخدمت دير البرشا كجبانة خلال عصر الدولة الوسطى (2055-1650 ق.م) للحكام الأشمونين، حيث شيد الحكام مقابر مزخرفة بإتقان أعلى التل الشمالى لمنحدرات الصحراء الشرقية، بينما دُفن كبار الموظفين فى مقابر بالقرب من حكامهم، نحتت فى الصخر على ارتفاع حوالى 127 مترا و نحتت على مستويات مختلفة وليست كلها فى مستوى واحد كما هو الحال فى مقابر بنى حسن، ولكن للأسف فقد دمرت مقابرها ولم يتبق منها إلا القليل، وقد أرجع الدمار الذى لحق بالمنطقة إلى زلزال قديم ولكن الزلزال لم يكن السبب الوحيد فى إحداث كل هذا الدمار فى المقابر ولكن كما هو معروف إن المنطقة استخدمت كمحاجر فى فترات مختلفة من التاريخ بدأت من العصر الفرعونى ويظهر ذلك جلياً فيما ترك من لوحات من عهد الملك تحتمس الثالث والملك أمنحوتب الثالث، ثم استخدمت بعد ذلك حتى العصر القبطى وأدى استخدام المنطقة كمحاجر إلى تدمير عدد كبير من المقابر ووقوع أجزاء كبيرة من جدرانها.
بدأت الحفائر فى دير البرشا عام 1897 على يد عالم الآثار الفرنسى چورچ دارسى (1864- 1938) من خلال مصلحة الآثار المصرية. يُعد أبهى اكتشاف له هو حجرة دفن سپى الثالت التى وجدت سليمة لم تمس. استكمل أحمد باشا كمال أول عالم مصريات مصرى العمل فى دير البرشا فى الفترة من 1900 – 1902 التى أسفرت عن كشف العديد من مقابر النبلاء على التل الشمالي، بما فيه حكام الأقاليم أمنمحات ونحرى الأول. واكتشف كلا من العالمين دارسى وكمال خلال حفائرهم مجموعة مبهرة من الأثاث الجنائزى المميز للدولة الوسطى مثل النماذج الخشبية والتوابيت المزخرفة، والتى تم ايداع معظمها بالمتحف المصرى.
كما قام عالم المصريات چورچ أندرو رايزنر بالحفائر لمدة شهرين فى دير البرشا عام 1915. ويعد أهم اكتشاف له هو المقبرة التى لم تمس تقريباً للحاكم چحوتى نخت الرابع أو الخامس "مقبرة 10A".منذ عام 2002 تابعت جامعة لوڤان الكاثوليكية الحفائر فى نفس الموقع، ومنذ عام 2009 قامت جامعة لوڤان بالتعاون مع جامعة ماينز يوهانس– جوتنبرج الألمانية بالعمل فى خمسة مقابر أمام مقبرة الحاكم جحوتى حتب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة