خلال الفترة التى جرت فيها الدورتان السنويتان لأعلى جهاز تشريعى وأعلى جهاز استشارى سياسى فى الصين لعام 2018 ومع حلول الذكرى الـ40 لبدء تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح فى الصين، أعرب دبلوماسيون وباحثون عرب عن تقديرهم لما حققته الصين من إنجازات وتطور خلال العقود الماضية وما قدمته من إسهامات للعالم، معربين عن تطلعاتهم لدور اقتصادى أكبر للصين مستقبلا.
إشادة واسعة بالإنجازات الهائلة المحققة
ذكر يوسف العميرى رئيس جمعية الصداقة الكويتية-الصينية أن الصين حققت على مدار 40 عاما منذ انتهاجها لسياسة الإصلاح والانفتاح، إنجازات وأوجه تطور كبيرة فى جميع المجالات الاقتصادية والثقافية والصناعية والاستثمارية "وهى ملموسة للجميع فى العالم".
كما رأى الدكتور محمد الصحبى البصلى سفير تونس السابق لدى الصين ونائب رئيس المنظمة الدولية للدبلوماسية العمومية أن "الصين أصبحت اليوم بلا شك القاطرة الاقتصادية العالمية وذلك بفضل جهود الساهرين على القطاع الاقتصادى فى الصين، وبفضل العمل الدؤوب الذى يقوم به كل مواطن صينى بالفكر والساعد".
وأضاف أن الصين باتت تتصدر أيضا اليوم التجارة العالمية وأن مساهمتها فى نمو الاقتصاد العالمى تقدر بقرابة 30 فى المائة، وهى نسبة تولى كل المؤشرات الاقتصادية الدولية اهتماما كبيرا بها، إضافة إلى أن الصين تقوم الآن بشكل أو بآخر بنقل المعرفة والتقنيات الحديثة إلى العديد من بلدان العالم".
وأشار العراقى ناظم الجبورى المحاضر بكلية العلوم السياسية فى جامعة تكريت، إلى أن سياسة الإصلاح والانفتاح التى تنفذها الصين منذ سنوات عديدة، مكنت الصين من بلورة مفهوم اقتصاد السوق الاشتراكى لربطه بالاقتصاد العالمي. ومنذ ذلك الحين "أصبحت الصين من أكثر الكيانات الاقتصادية انفتاحا فى المجتمع الدولي، كما أن قطاع التجارة الخارجية لديها أصبح القوة المحركة والدافعة للتنمية الاقتصادية".
"فمستوى نمو الاقتصاد الصينى يحمل أهمية كبرى فى ظل ما تشهده الدول العظمى، وخاصة الأوروبية منها، حاليا من تراجع على الصعيد الاقتصادى "، هكذا عبر الدكتور حسان قصار عضو مجلس أمناء الائتلاف اليسارى التونسى (الجبهة الشعبية).
مبادرة وفكرة لخير العالم أجمع
يرى الخبراء أن الإنجازات الصينية ليست خير للشعب الصينى فقط بل خير للعالم كله، منوهين إلى مبادرة وفكرة طرحتهما الصين لتتقاسم مع بلدان العالم نجاحاتها فى النمو وللعمل على حل المشكلات التى تواجه العالم بشكل مشترك، وهما مبادرة "الحزام والطريق" وفكرة "بناء مجتمع ذى مصير مشترك للبشرية".
وفى هذا السياق، قال المحلل السياسى السودانى عبد الرازق زيادة إن "العالم يعانى الآن من حالة عدم استقرار بسبب الحروب والنزاعات المسلحة والاضطرابات السياسية، وكلها مشكلات تجعل من قيمة السلام أولوية مهمة. وإن فكرة بناء مجتمع ذى مصير مشترك للبشرية من شأنها أن تكون علاجا ناجعا لحالة عدم الاستقرار كونها تركز على أولويتين مهمتين وهما السلام والتنمية"، مضيفا أن "هذه الفكرة ستساعد على إقامة نظام دولى يتسم بالعدل والنزاهة".
كما رأى المحلل السياسى السودانى عبد الرؤوف السنى أن الصين أثبتت من خلال عدد من المبادرات أنها تتبنى قولا وفعلا مبدأ المشاركة مع دول العالم وتقاسم النجاحات، قائلا إن "مبادرة الحزام والطريق وفكرة بناء مجتمع ذى مصير مشترك للبشرية جمعاء تعززان من مبدأ الشراكة وتبادل الآراء وتقاسم المنافع وتعزيز المصالح".
وقال السفير اليمنى لدى الصين محمد عثمان المخلافى، إن مساعى الصين للشراكة مع العالم تتجسد بوضوح بمبادرة الحزام والطريق حيث ينصب سعيها على تحقيق تعاون وترابط وتنمية مشتركة لدول المبادرة وعلى المستوى العالمى وخصوصا فى مجالات الاقتصاد والتنمية وتعزيز الترابط التجاري، وبالتالى فإن الصين تدعو من خلال هذا النهج إلى بناء عالم أكثر عدلا ومساواة وتوازنا، مؤكدا أن أى نهضة للصين لن تنفعها وحدها فقط، بل يعمّ خيرها على العالم بأسره.
وبين خالد عبد العزيز البنعلى أن مبادرة الحزام والطريق وما تتضمنه من منشآت ومشاريع فى مجال المواصلات بصورة عامة والسكك الحديدية على وجه الخصوص تعد خير مثال على الدور الصينى الجديد فى العالم.
وقال "مما لا شك فيه أن مثل هذه المشاريع التى تحظى باهتمام ومتابعة القيادة الصينية ستوفر فرصا حقيقية قابلة للتنفيذ للخروج من الركود الاقتصادى العالمى بما ستوفره من فرص عمل وزيادة فى حجم التبادلات التجارية وإطلاق المشروعات الاقتصادية الكبرى التى تحقق رفاهية للملايين من البشر فى مختلف القارات".
تطلعات لدور اقتصادى أكبر للصين مستقبلا
ويتوقع خالد عبد العزيز البنعلى أن تضيف التنمية الاقتصادية الصينية قوة دافعة للعالم ليخرج من الركود الاقتصادى، موضحا أنها سوف تلعب كذلك دورا كبيرا وبارزا فى حل المشكلات الاقتصادية الكبرى فى العالم وفى مقدمتها مسألة الفقر التى يعانى منها الملايين فى كثير من البلدان فى آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، إذ أن الصين قد نجحت فى انتشال 68.53 مليون شخص من الفقر خلال السنوات الخمس الماضية وتتعهد بالقضاء على الفقر فى البلاد بحلول عام2020.
كما يرى رشيد الحديكى الباحث فى ocp policy، معهد أبحاث بالرباط، أن "أى تحول نوعى لنمو الصين سيكون له بكل تأكيد تأثير إيجابى على اقتصادها وعلى الاقتصاد العالمي، وذلك فى ضوء مساهمة الصين الكبيرة فى النمو الاقتصادى العالمي"، لافتا إلى أن الصين تقدم نموذجا يحتذى به فى الحوكمة والتنمية بالنسبة للعديد من الدول الصاعدة والسائرة على طريق النمو.
وفى هذا الصدد، توقع السفير اليمنى أن تستمر الحكومة الصينية فى الدفع نحو المزيد من مساعى تحقيق التنمية والرفاهية والرخاء والازدهار للشعب الصيني، مؤكدا أن هذا التطور سوف يسهم بفعالية فى الاقتصاد العالمي، إضافة إلى أن سياسة الصين الخارجية، وهى سياسة متوازنة وقائمة على الاحترام المتبادل وعدم التدخل فى الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، ستسهم كثيرا فى تحقيق الأمن والسلم الدوليين.
ومن جانبه، قال إبراهيم العامري، أستاذ كلية العلوم السياسية فى جامعة بغداد، إن سياسة الانفتاح الاقتصادى التى تتبعها الصين ساهمت فى دفع التعاون الاقتصادى والتجارى مع منطقة الشرق الأوسط عموما، وهو أمر دفع عجلة الازدهار والاقتصاد فيها وخلق بيئة جيدة للعمل.
كما أكد السفير السورى لدى الصين عماد مصطفى أن أى تقدم تحرزه الصين هو تقدم للبشرية، وكلما ازدادت الصين قوة كلما كان هذا أفضل للإنسانية، مضيفا أن قوة الصين ونهضتها وتقدمها هى قوة ونهضة وتقدم للإنسانية جمعاء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة