لا تزال يوميات المرأة البدوية فى شمال سيناء، مليئة بمفاجآت التحدى لكل مصاعب الحياة، بحثا عن مورد رزق يعينها.. 15 سيدة وفتاة بمنطقة " أبوشلة "، بساحل غرب مدينة بئر العبد فى شمال سيناء، خضن تجربة جديدة للتحدى وامتهان حرفة يدوية، ووجدن فى التدريب على صناعة وإنتاج مشغولات الكليم الطبيعى من الصوف ضالتهن كنافذة تتيح لهن فرصة بقائهن فاعلات فى مجتمعهن، وإحياء إحدى أهم الحرف اليدوية القديمة فى سيناء.
تدريب فى الفضاء
بدون تكليفات، وبلا حوائط تحتضن المكان، أو مكيفات تلطف حرارة أجوائه الباردة، وعلى امتداد مساحة فضاء مفتوحة، اتخذت المتدربات موضعهن على الرمل بجانب سياج من جريد النخل، أمامه على الأرض بسطت أنوال الصوف، وعلى طرف كل نول جلست سيدة، تمسك بمهارة كرات من خيوط الصوف بألوان مختلفة تتدحرج كلما شد خيط إحداها ليلتئم مع مجموعات خيوط أخرى مكونا امتدادا لقطعة كليم متكاملة.
متدربات
همة ونشاط فى ملامح المتدربات فى مكان التدريب المتميز بطبيعته وبساطته، وهو امتداد لقرية بسيطة بعض سكانها اتخذ من "عشة" مسكنا له وآخرين أقاموا بيوتا بسيطة من الأسمنت، تحيط بها مزارع نخيل.
التدريب على الكليم
"أم سليمان" سيدة أربعينية وأم لثلاثة أطفال، وهى إحدى المتدربات، قالت لـ " اليوم السابع"، أن التدريب على صناعة الكليم بالنسبة لهن فى هذه المنطقة جديد من نوعه، وهو ليس صعبا.
صناعة الكليم
وأضافت وهى تمسك بيدها خيوط الصوف وبأخرى طفل لم يتجاوز الثانية من عمره، أن الأحوال المعيشية أصبحت صعبة، ومن المهم تعلم حرفة يدوية، والأهم هو تصريف المنتج، واستطردت انها وزميلاتها يعملن حوالى 8 ساعات فى اليوم تدريب، بشكل متواصل.
عمل متواصل
والتقطت منها خيط الحديث "عويضة ناصر منصور"، حيث قالت أنها تحضر من مسافة بعيدة مشيا على الأقدام، وهدفها إتقان حرفة صناعة الكليم اليدوى، التى كانت قد سمعت عنها من جداتها، وزادها اهتماما بالتعلم، أن المنتجات اليدوية، اصبحت لها سوق تباع فيه، وهى بحاجة أن تعمل لتنتج وتوفر عائد لأسرتها.
صوف والوان
وقالت "سلمية محمد رشيد": حضرت هنا لأتعلم شيئا، لاهتمامى بتعلم كل الموروث القديم فى مجالاته اليدوية ".
عمل لاينتهى
وأوضحت أن طموحها أن تصبح منتجة للكليم فى منطقتها ببئر العبد، وتبيع منه للأسواق، وأن تحترف المهنة وتفتح مركز تدريب عليها فى هذا المكان لكل السيدات، وتأمل أن تجد الظروف الملائمة لذلك.
واستكملت الحديث " فاطمة السيد" وهى أم لطفل، أنها سعيدة وأصبحت تعمل فى خارج المألوف من عمل البيت اليومى، وتسعى أن تطور من نفسها وصولا لامتهان حرفة صناعة الكليم.
وأوضحت "زينب العبادى"، مدربة السيدات، أن الفكرة جاءت بمبادرة من إحدى الجمعيات، وأن يتم تخصيص مكان لتدريب سيدات على صناعة الكليم يدويا.
وأضافت أن تم اختيار مكان بعيد، ومجموعة من سيدات لديهن الاهتمام، وكان لا يجدن الحرفة، وبدأن فيها برغبة امتهان صنعة وحرفة جديدة، وما يتم هو تدريبهن على فن "رقم الصوف"، وهو نوع من فنون صناعة الصوف يدويا وهو فن حرفى سيناوى يكاد يكون انقرضا، قائم على تشكيل وحدات زخرفية ملونة على مساحات الكليم، مشيرة إلى أنها تقضى ساعات طويلة فى التدريب ويشمل 8 ساعات لمدة 6 أيام.
وأكدت المدربة، أنها من خلال تجربتها فى التصنيع والبيع للمنتجات المصنوعة من الصوف فى المعارض المختلفة، لاحظت اهتماما شديدا من رواد المعارض بهذا النوع من المنتج، وهو ما أوضحته للمتدربات، وأن ما يقمن به ليس مجرد تدريب روتينى ولكنه بداية لفتح افق أوسع من مجال العمل.
حلقة تدريبية
وقال "صبيح الشافعى" مسئول متابعة ميدانى لمتابعة المشروع، إنه يتم على مراحل وينفذ فى قرى وأماكن نائية السيدات فيها وكذا الفتيات بعضهن لم بنيل حظه من التعليم، ولسن موظفات أو عاملات، وكل دورة تتيح للمتدربة امتهان حرة صناعة الكليم والتدريب والخامات يتم توفيرها مجانا، ثم متابعتها ومساعدتها فى تسويق انتاجها فى المرحلة التالية للتدريب.
وأضاف أن الغرض من المشروع إلى جانب تعليم السيدات الحرفة، الحفاظ على موروث شعبى قديم فى سيناء، وإعلاء قيمة المشغولات اليدوية، وتوسيع دائرة الانتاج اليدوى التقليدى فى شمال سيناء لينتقل من صناعة ومهارات التطريز المعروفة شمال سيناء لمهارات جديدة فى الحاضر وكان رئيسية فى الماضى ومنها صناعة الكليم، واستثمار هذه الصناعة فى توفير دخل للسيدات، وربطها بالحاضر من خلال انتاج مشغولات عصرية بروح الماضى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة