بكل تأكيد أن فكرة صندوق دعم الرياضة التى قام بتدشينها خالد عبد العزيز وزير الشباب والرياضة مؤخرًا، أكثر من رائعة، لأنه إذا تم استثمار الأموال لدعم الألعاب الفردية والأبطال الرياضيين بشكل سليم ستكون مصر بدأت فعليا أولى الخطوات الصحيحة من أجل صناعة أبطال أولمبيين قادرين على المنافسة بقوة فى كل المنافسات الدولية وحصد العديد من الميداليات فى الدورات الأوليمبية ولن يقتصر الأمر على 3 أو4 ميداليات فقط .
السؤال الذى يطرح نفسه .. هل خالد عبد العزيز بصفته الأب الشرعى الأول لكل الرياضيين فى مصر قادر على الوصول بهذه الفكرة لتحقيق النتائج المرجوة .. وهل الدعم المادى المتاح حالياً سيكون كافياً للاستثمار الرياضى ؟
بكل تأكيد الإجابة على هذه الأسئلة، حينما يتم طرحها على القراء أو المتخصصين فى الشأن الرياضى ستكون إجاباتهم مختلفة، لكن من وجهة نظرى أرى أنه قبل الإجابة على تلك الأسئلة يجب تحديد عدة أمور ووضع بعض النقاط على الحروف حول كيفية إعداد بطل أوليمبى يرفع اسم مصر عالياً، وحول تلك النقطة تحديداً يجب التأكيد على أن الإعداد الرياضى عملية متكاملة، فلابد أن يكون هناك تكامل بين الجانب المهارى والخططى والبدنى والنفسى، والأهم الرعاية، وهو ما نفتقده فى مصر، وتحديدًا الألعاب الفردية، لذلك يكون الفشل من نصيبنا دائمًا لعدم الاهتمام بدعم الرياضيين فى مختلف الألعاب مادياً ومعنوياً.
نحن فى مصر نجد أن انعدام التخطيط المناسب هو السمة السائدة، فالإعداد لأى بطولة وتأهيل بطل أولمبى يتم قبلها بمدة زمنية كبيرة وهذا لا يحدث، وعدم وجود الإمكانيات والمراكز اللازمة لتأهيل اللاعبين وصناعة الأبطال، كما أننا لا نهتم سوى برياضة واحدة فقط، هى كرة القدم، فلو نظرنا إلى الأولمبياد سنجد أننا لم نشترك إلا فى عدد محدود جدًا من الألعاب.
الأزمة تكمن هنا فى عدم وجود خطة حقيقية للنهوض بالمنظومة الرياضية، فالتخطيط السليم لإعداد بطل أولمبى مفقود تمامًا، خاصة أن إعداد اللاعب للمشاركة لمثل هذه الدورات عادة ما يبدأ بعد تأهل اللاعب أو اللاعبة أو الفريق، والتقصير يعود أيضًا إلى عدم وضوح رؤية سياسية ثابتة لأى من الاتحادات الرياضية واللجنة الأولمبية، والتى تفرغت للأمور الشخصية، ومحاربة بعضها دون النظر للمصلحة العامة، وفساد المناخ الرياضى الذى سيطر عليه أصحاب المصالح والمنفعة للرؤوس الكبيرة المهيمنة على كراسى الإدارة، فكل إدارة جديدة تلغى ما فعلته الإدارة السابقة، وتضع قوانين ولوائح جديدة.
هنا نجد أن هناك سؤالاً يطرح نفسه أيضاً: أين مشروع البطل الأولمبى؟ ولماذا لا يتم تفعليه على أرض الواقع، بعيدًا عن المحسوبية والمجاملات؟
تفعيل مشروع البطل الأولمبى، والحاجة إلى هيكلته من جديد هو الحل الأمثل للخروج من مأزق الفشل الرياضى، حتى نتمكن من مناطحة دول الغرب المتفوقة على المستوى العالمى، خاصة أننا لا نقل عنهم من حيث الموهبة بأى حال من الأحوال، بل نفوقهم فى كثير من الأحيان، إلا أن عدم التعاون والمحاربة بجدوى وبدون جدوى تكون عائقًا أمام أى بارقة أمل، وحتى يحقق لاعبونا النجاحات المطلوبة لابد أن نتجنب كل أسباب الفشل التى ذكرتها، ولابد من وضع الخطط السليمة للارتقاء باللاعبين، والعمل على تجهيز استراتيجية للنهوض بجميع الألعاب.
حل هذه المشكلة أيضًا يكون فى التمويل الجيد، لذلك نؤكد على أن بدء الصندوق برأس مال مدفوع بقيمة 5 ملايين جنيه فى المرحلة الأولى ليس بالمبلغ المأمول الذى قد يقودنا إلى تحقيق ضربة بداية قوية فى هذا الشأن، فيجب أن يكون دعم لهذه الفكرة فى كل وسائل الإعلام، فبدلاً من التركيز على الأهلى والزمالك فقط، لابد أن يكون هناك اهتمام باستقطاب رجال الأعمال للمشاركة فى الصندوق بشكل استثمارى لرعاية الأطفال والناشئين رياضيًا، فالحكومة ورجال الأعمال لابد أن يكون لهم دور كبير فى رعاية المواهب الرياضية وتنميتها مثل دول أوروبا، حيث يرعى رجال الأعمال هناك الأندية الرياضية واللاعبين، خاصة أن الدول المتقدمة تعتبر البطل الأوليمبى صناعة يتم الاستثمار فيها لدعم تلك البلاد اقتصادياً مثلما يحدث فى الصين واليابان على سبيل المثال وليس الحصر.
نعود إلى الإجابة على الأسئلة المطروحة سابقًا.. أعتقد أنه إذا تم توفير الدعم المادى المناسب لهؤلاء الأبطال سنكون على أبواب الاحتراف والاستثمار الرياضى الحقيقى، لكن هناك أمور أخرى يجب مراعاتها لتحقيق البطولات والألقاب الفردية بأعداد كبيرة، سنتحدث فيها لاحقا.. يتبع
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة