خالد عزب يكتب: المتاحف.. عمارة وفن وإدارة

السبت، 17 فبراير 2018 10:00 م
خالد عزب يكتب: المتاحف.. عمارة وفن وإدارة غلاف الكتاب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

صدر مؤخرا كتاب مهم تحت عنوان "المتاحف.. عمارة وفن وإدارة" من تأليف الدكتور حسين العطار، الكتاب تعود أهميته لندرة المنشور باللغة العربية فى موضوعه، خاصة أن المؤلف حرص على أن يلم بعلم المتاحف بصورة شاملة، فنجده يقسم فصول كتابه على النحو التالى:

-نشأة المتاحف وتطورها، أهمية المتحف، أنواع المتاحف، تخطيط المتحف وعمارته، إدارة المتحف، المتاحف فى عصر تكنولوجيا المعلومات، لكننا نجده يناقش أيضا فى بعض الفصول لا يستعرض المعلومات على نحو ما قام به فى الفصل السادس المعنون قضايا المتاحف والتراث الثقافى فى القوانين المحلية والدولية.

ثم يوافينا المؤلف فى الفصل السابع بنماذج من المتاحف المصرية مثل المتحف المصرى ومتحف الفن الإسلامى والمتحف القبطي، بينما يستعرض فى الفصل الثامن نماذج من المتاحف الإقليمية كالمتحف اليونانى الرومانى بالإسكندرية، لكن المؤلف لم يشر فى كتابه إلى إغلاق هذا المتحف إلى الآن منذ سنوات.

خصص المؤلف الفصل التاسع لنماذج من المتاحف العربية والعاشر لنماذج من المتاحف الدولية. أهم ما يلفت الانتباه فى الكتاب ما ذكره المؤلف حول المؤثرات فى العرض المتحفى فيذكر أن أول ما يجذب انتباه الزائرين هو المنظر العام للمتحف والمدخل المؤدى إليه، فإن المدخل أو الافتتاحية لها تأثيرها الهام فى إحساس وانطباع الزائرين فقد تملؤه بالانبهار والفخار والإثارة، أو بالإحباط وعدم الاكتراث. فمثلما أن الحركة الأولى فى لعبة الشطرنج تكشف عن استراتيجية اللاعب، وأن النغمات الأولى فى قطعة موسيقية تحدد لون ما سيأتى بعدها، فإن مدخل المتحف أو الافتتاحية هى التى يكمن فيها لب موضوع العرض. كما أن مادة المعروضات لها جاذبيتها الساحرة عندما يطل عليها الجمهور لأول وهلة حيث أن العرض المتحفى الذى يهدف إلى القبول الفورى من جانب الجمهور، يجب أن يعتمد بشكل كبير على السحر الكامن فى المادة الأصلية، وإلى إعادة بناء خلاق للأدلة والوثائق والآثار التى تتناول الذاكرة الجماعية للوطن، ومن هنا تأتى أهمية الافتتاحية ومادة المعروضات وكيفية انتقاء معروضاتها.

 

التنظيم المكانى:

يتذكر المؤلف أننا يجب أن نعلم أن مشاهدة العرض المتحفى عملية مركبة تتطلب جهدًا وقابلية من الزائر، وأيضا تتطلب عدة عوامل تنظيمية من إدارة المتحف. ففى البداية تحتاج عملية مشاهدة العرض المتحفى إلى الإدراك البصرى والديمومة، فالمعروضات يتم رؤيتها دائما من خلال عين المُشاهد، ثم يتم استيعابها خلال فترة معينة من الوقت. حيث إن المعروضات الفنية الصغيرة التى لها بعدان (كاللون والحجم مثلاً) يمكن إدراكها فى وقت قصير نسبيًا عن تلك المعروضات الغنية المركبة التى لها أكثر من بعد والتى تحتاج مزيدًا من الوقت.

ويؤكد أنه على أمين المتحف الذى يرغب فى إعداد عرض جيد ذو مؤثرات فاعلة أن يضع فى الاعتبار عدة عناصر مختلفة من بينها التنظيم المكانى للمعروضات. فمثلا إذا كانت المعروضات لها طابع تقليدى محافظ، ينبغى أن يشاهدها الجمهور من على بُعد ومسافة معينة، أما إذا كانت المعروضات تتطلب أن يتفاعل معها جمهور الزائرين، فيجب أن يتمكن هذا الجمهور من الاقتراب منها والالتفات حولها وملامستها ليتمكن من الاندماج معها.

فالتنظيم المكانى من أبرز المؤثرات والوسائط التى يستخدمها المتحف، ومن أكثر وسائل نقل المعرفة الملاءمة لجمهور الزائرين، حيث أن التنظيم المكانى يوفر مادة قرائية بسيطة ومباشرة عن موشوع العرض. وقد ظل المتخصصون فى المتاحف طيلة العقود القليلة الماضية يتأملون هذه الخاصية الثقافية التى تنفرد بها المتاحف، ويحاولون استكشاف مغزاها النظرى.

 

المحيط البيئى:

يجب أن ندرك أن العرض المتحفى لا يتوقف على مكان العرض داخل المتحف فقط، ولا يتوقف على عناصر العرض فقط، ولا يتوقف على طرق وأساليب العرض فقط، بل إن هناك العديد من العناصر المؤثرة فى العرض المتحفى منها المحيط البيئى للعرض. فبيئة العرض الخاصة والمباشرة لها تأثيرها الفاعل على رسالة العرض وماهيته.

فإذا كان العرض مقامًا فى بيئته الأصلية مثل قصر من القصور، أو منشأة لها طابعها الخاص المرتبط بالمعرض مثل إقامة عرض لأدوات ومركبات السكة الحديد فى محطة قطار، أو غيرها، فإن البيئة المحيطة لها تأثيرها الفعال والإيجابى فى جودة وتأثير العرض المتحفى. ولن يكون الأمر كذلك إذا عرضت المعروضات خارج نطاق المنشأة التقليدية الأصلية الخاصة بها.

 

الصوت والموسيقى:

يعتبر الصوت والموسيقى من أهم مؤثرات العرض المتحفى، نظرًا لأن الصوت والموسيقى يؤديان إلى تقوية العرض المتحفى وتوصيل رسالته إلى جمهور الزائرين بسهولة ويسر وبشكل أكثر فاعلية.

ويذكر حسين العطار أنه يمكن لنا تقسيم الصوتيات إلى ثلاث عناصر رئيسية هي: صوت الرواية (أى الراوى الذى يحكى قصة المعروضات)، وصوت الموسيقى (مثل الموسيقى التصويرية التى تستخدم فى الأفلام السينمائية)، والصوت المحيط بالمعروضات (كما لو كانت فى بيئتها الطبيعية).

وهذه العناصر الثلاث من الأصوات إما أن تنتج خصيصًا لتناسب وتحقق الهدف المنشود من العرض، أو قد تسجل من النماذج الحية من الطبيعية لتؤدى نفس الغرض المنشود من العرض، وأى منها ربما يؤدى وظيفة رئيسية وهى الدلالة والإرشاد للمتحف، وأيضا تستخدم كأداة للترويج والدعاية للمتحف، أو قد يعاد تجميعها وتوزيعها فى شكل أشرطة مسجلة أو أقراص مدمجة أو منتجات إذاعية كوسيلة للحصول على.

 

إيرادات للمتحف

وتؤدى كل أشكال الصوتيات إلى توليد انطبعات وجدانية لدى الزائر للمتحف، فالموسيقى بالذات يمكن إنتاجها أو تقديمها من أجل تخليق جو مزاجى له نتائجه التى يمكن استشرافها. فالموسيقى كخلفية يمكن أن تربط بين المساحات الأكبر للمعروضات تحت مظلة محور عرض واحد، ويمكنها أن تستثير فى الزائر الشعور بصحبة المعروضات، ويمكننا أن نلاحظ ذلك فى الموسيقى التى تُعد خصيصًا للتركيز على الهدف من العرض.

ونجد أن الصوت المستخدم كرواية يتضمن عدة أشكال، منها الرواية النصية، والعروض المسرحية، وقراءات من الأدبيات، وحوارات تفاعلية بين زوار المتحف ورواة التاريخ. وتعتبر الآثار التاريخية المروية أسمى درجات العرض الروائى من حيث بقاء أثره وتنوع استخداماته، ومن حيث أنها تنقل معلومات من العقل الباطن بإحساس المتحدث بدلا من مجرد قائمة لبيان أهمية وعناصر الأثر.

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة