المتابع لخريطة برامج القنوات الفضائية، سيجد أن دائرة الإعلام الخاص تتغير بتوجه جماعى دون اتفاق مسبق على تقليل حصة السياسة فى الإعلام واستبدال حصة الترفيه والتسلية بها، ما عدا برامج ثابتة كبرنامج كل يوم على شبكة أون والعاشرة مساء على دريم و90 دقيقة على المحور وهنا العاصمة على cbc.
هذا التوقيت تحديدًا الذى يتشكل فيه الإعلام المصرى من جديد، هو الأهم لإطلاق ميثاق شرف إعلامى، يعلى من 4 قيم أساسية، وهى تقديم ما ينفع الناس ويمكث فى الأرض، النقد البناء، أولوية المصلحة العامة على المصالح الشخصية، نقل آنين المواطن المصرى بدون تحريف، أو خدمة قضايا بعينها.
السؤال.. من يصيغ ميثاق الشرف ويطلقه ويدفع نحو تنفيذه على أرض الواقع؟.. لو أجبت بأن أهل الإعلام وصناع الميديا هم من يصيغونه، أعتقد أنك ستعانى نفس الأزمة، كلام وأوراق وورش عمل دون تنفيذ، لابد أن تفرق بين أهل الإعلام، لابد أن تعرف أنهم صفان، الصف الأول هم نجوم التوك شو، وهم أنفسهم الوجوه التى عاصرت مبارك قبل سقوطه ولازمت حكم المجلس العسكرى ومن بعدهما الإخوان، وأغلبهم فقد مصداقيته لدى قطاع كبير من الشعب، ومن لم يفقدها فعلى الأقل فقد حياديته وموضوعيته فى الطرح.
أما الصف الثانى فهم، الجيل الثانى فى الإعلام، الجيل الصاعد، ممن يحلمون بأداء إعلامى على مستوى رفيع يليق بدولة كبيرة كمصر، وأعتقد أن الشباب هم الأمل الحقيقى لتولى مبادرة طرح ميثاق شرف إعلامى يضمن تقديم خدمة إعلامية متميزة للمواطن المصرى باختلاف صورتها وطبيعتها، سياسة، رياضة، مرأة، تسلية، فن.
والميثاق لن ينجح إلا إذا ضبطت 5 محددات أساسية فى صناعة الميديا: تأثير مالك المحطة فى البرنامج ونسبة المرونة بينهما، وتأثير المحتوى الإعلانى على المضمون الإعلامى، والتوجه العام لكل برنامج، ونسبة استخدام البرنامج فى تصفية خصومات شخصية مع مسؤول أو شخصية عامة، واتزان البرنامج مع مواقفه السابقة.
مع المحددات الخمسة للبرنامج، هناك معايير 4 تتعلق بالمذيع نفسه ضمانًا لأداء إعلامى راقٍ، أولها ألا يكون قريبًا من السلطة فينام فى أحضانها، أو بعيدا عن السلطة فيهاجمها ليل نهار «على الفاضى وعلى المليان»، يحفظ لنفسه قليلاً من الوسطية التى تضمن له الحصول على المعلومة الصحيحة والمعرفة التى تحصنه وقت الحديث، وأخيرا ألا ينقل كلاما على لسان شخصيات فى السلطة من قبيل «هم قالولى وأنا قولتلهم، هم طالبين منى، أنا كنت قاعد بالأمس مع فلان بيه، هم مبسوطين قوى من اللى بعمله»، لأنه فى هذه الحالة يضع نفسه وبرنامجه فى خانة عدم المصداقية.
أعتقد أن كل هذه المعايير، تحتاج فى الإعلام إلى عقل رئيس تحرير واحد، يحدد الخطوط العامة والتحديات التى تواجه الدولة وكيفية صياغتها إعلاميا فى وحبات دسمة لا يمل منها المشاهد فيبتعد عن الشاشة، إنما تكون شيقة تجذب قطاعات كبيرة من المشاهدين باختلاف شرائحهم.
وأعتقد أن الدور الأكبر لرئيس التحرير هو إمداد كل فرق الإعداد فى القنوات التليفزيونية بالمعلومات الكافية فى القضايا التى يمكن أن نسميها قضايا الريبة أو القضايا محل الجدل التى يزيد فيها التكهنات والتوقعات على المعلومات والحقائق، والحسم بالمعلومة يكون له دور كبير فى هدف الإعلام الأساسى وهو التنوير وكشف الحقيقة لا ترديد مايدور على السوشيال ميديا بنفس الأكاذيب.
قد يكون من بين سلبيات رئيس التحرير الموحد، هو احتمالية تشابه فى المادة الإعلامية التى يقدمها كل برنامج، ولكن فى المقابل أعتقد أن لكل مذيع نكهته الخاصة، فعمرو أديب بطريقة أدائه يختلف تماما عن وائل الإبراشى وكلاهما يختلفان عن أحمد موسى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة