كأطباء الطوارئ يجلسون على أهبة الاستعداد طيلة الـ 24 ساعة، لا يعرفون معنى إغلاق الموبايل ولا حتى كتم صوته لأنهم مؤمنين بأن لديهم مهمة سامية يتابعون لأجلها مجموعات إنقاذ الحيوانات على "فيسبوك" طيلة الوقت لعل حيوانًا ضعيفًا يحتاجهم فيهبون سريعًا لإنقاذه كأقل اعتذار عن قبح العالم ووحشية البعض مع الحيوانات.
عشرات القصص لهذه الحيوانات يقابلها أبطال الإنقاذ فى الشارع يوميًا، يحكونها مرة لأصدقائهم، ومرة على فيسبوك لعلهم يوقظون الرحمة فى قلوب الناس، ولكنهم قليلاً ما يكشفون عن تلك القصة وراء دخولهم هذا العالم للمرة الأولى، ولا المشاعر المتضاربة التى يعيشونها يوميًا.
رامى: قطة مصابة غيرت حياتى 180 درجة.. وأنقذت حوالى 200 كلب
قبل 4 سنوات لم يكن "رامى بحرى" من محبى الحيوانات لكنه لم يكن أبدًا ممن يؤذونهم، حتى قابل تلك القطة التى غيرت حياته بالكامل فى اللحظات الأخيرة من حياتها "كنت راجع البيت ولقيت قطة خبطتها عربية، حاولت أنقذها لكنها ماتت قدامى فزعلت وبدأت أعمل بحث على الإنترنت إزاى ممكن أنقذ قطة".
رامي بحري
من هنا بدأت رحلة "رامى" مع إنقاذ الحيوانات والتى تطورت لإنشائه ملجأ فى سقارة لإيواء الحالات المصابة التى ينقذها. ويقول "عملى الأساسى فى مجال الإرشاد السياحى ولكن منذ قلت السياحة فى مصر أصبحت شبه متفرغ للإنقاذ، وأسست ملجأ من سنة لأضع فيه الحالات التى أنقذها لأن الملاجئ ممتلئة عن آخرها وحين أنقذ حالات جديدة لا أجد لها مكانًا".
بتبرعات منه ومن أصدقائه جمع "رامى" إيجار المكان وتكاليف الدواء والطعام فيما تشجعه أسرته على ذلك وتسعد به ويقول "والدى ووالدتى هم اللى علمونى الرحمة بالحيوان بينزلوا كل يوم الساعة سبعة الصبح يأكلوا الحيوانات".
وعلى مدار سنوات تطوعه للإنقاذ نجح "رامى" فى إنقاذ نحو 200 كلب ولديه فى الملجأ حوالى 70 كلبًا يظل أكثرهم تأثيرًا فيه كلبة أنقذها من مصارعة للكلاب وعالجها وهى الآن معه وتعلق بها جدًا، بالإضافة إلى كلب كان مصاب بجرب شديد لدرجة أن الأطباء قالوا إن حالته ميؤوس منها ولكنه عالجه حتى تغير شكله تمامًا.
الكلب المصاب بالجرب قبل وبعد إنقاذه
"فاطمة": بعت بيتى وأعيش الآن مع 102 كلب فى سقارة
بالقرب من الملجأ الذى أسسه "رامى" يقع ملجأ أخر أسسته "فاطمة محمود" وتأوى داخله 102 كلب أنقذتهم من الشوارع، إلا أن بداية "فاطمة" فى عالم الإنقاذ كانت مختلفة قليلاً "فى البداية كنت أربى كلاب جريفون ثم تبنيت كلبة بلدى ومع الوقت كلما كنت أرى كلب مصاب أتبناه حتى ضجر الجيران من عدد الكلاب فى البيت وشكوا من هذا فقررت أن أبيع بيتى وأجرت مزرعة فى سقارة لأعيش فيها مع الكلاب التى أنقذها". ولم تتقبل عائلة "فاطمة" كلها هذه الفكرة إلا أن بعض أفراد أسرتها من عشاق الحيوانات يدعمونها ويؤيدون خطوتها.
استقبال مفعم بالمحبة من الكلاب لفاطمة
تعمل "فاطمة" فى مجال الترجمة عبر الإنترنت مع شركة فى الإمارات وتقضى يومها بالكامل فى المزرعة وتقول "الكلاب مش انت اللى بتنقذها هى اللى بتنقذك وكل كلب بتنقذه بياخد حتة من قلبك".
وتتحمل فاطمة تكاليف رعاية الكلاب التى أنقذتها أو أنقذها آخرون وصحبوهم للملجأ، بالإضافة إلى تكاليف طعامهم والعلاج إلا إنها أحيانًا ما تصلها تبرعات من محبى الحيوانات فى شكل أدوية وأكل وبطاطين.
فاطمة محمود وعدد من الكلاب التى أنقذتها
ولا تحتفظ "فاطمة" بكل الحالات التى تنقذها وإنما بعضها تكون سعيدة الحظ ويتبناها أجانب من خارج مصر وتقول "الكلاب ذات الشخصية المميزة، خفيفة الظل والذكية تسافر خارج مصر".
ومن بين مئات الكلاب وحالات الإصابة التى تعاملت معها يظل الأكثر تأثيرًا فيها تلك الكلاب التى تصاب بالشلل إما بسبب خرطوش البلدية أو الدهس بسيارة، وكذلك الكلاب الأمهات التى فقدت صغارها أمام عينها، وتلك الكلاب التى كانت تعيش فى بيت وقرر أهله التخلى عنها ورميها فى الشارع.
أحمد: نفسيتنا تتدمر من الإساءة للحيوانات.. بفكر أبطل لما أتعلق بحالة وتموت
أما "أحمد صلاح" فدخل عالم الإنقاذ من بوابة حلم الطفولة بتبنى كلب وهو الحلم الذى لم يحظى بموافقة الأهل فأصبح يمنح حبه واهتمامه لكل كلاب المنطقة التى يعيش فيها "بدأت أركز أن هناك كلب مصاب، وكلب يحتاج عناية وكنت أعمل وحدى حتى 5 سنوات عرفت للمرة الأولى بفرق الإنقاذ وانضممت لأحدها".
أحمد صلاح
حالة الإنقاذ الأولى لأحمد كانت فى الرابعة فجرًا ولا يتردد أبدًا فى أن ينزل فى وقت مشابه لإنقاذ حيوان بحاجة لمساعدة "غالبًا إحنا الشباب ننزل للإنقاذ فى الأوقات المتأخرة من الليل لأنها الأوقات التى لا يمكن لكل الفتيات أن تخرج فيها".
لا يزال أحمد طالبًا فى عامه الجامعى الأخير وإلى جانب الدراسة هو متفرغ بشكل شبه كامل للإنقاذ "أشارك فى إدارة مجموعة لإنقاذ الحيوانات على فيسبوك وتصلنا عليه يوميًا نحو 500 حالة مصابة من جميع أنحاء مصر، يكون بينهم نحو 100 حالة فى القاهرة نحاول التعامل معها، وحاليًا أنا متطوع فى ملجأ للحيوانات وربيت أكثر من 20 كلب بين البلدى وكل الأنواع".
أحمد صلاح وعدد من الكلاب التى أنقذها
يرتبط "أحمد" بشكل كبير بالحالات التى ينقذها لا سيما أنهم يطلقون على كل كلب اسمًا إما من وحى حالته أو من المنطقة التى وجدوه فيها "زيتونة مثلاً أنقذناها من حدائق الزيتون".
فضلاً عن الشعور الشديد بالفرحة وهو يرى معجزات تحدث أمامه بتعافى حالات كان ميؤوس من شفائها يعتز "أحمد" بعدة مواقف نجحوا فى أن يغيروا من خلالها أوضاع الكثير من الحيوانات "لا أنسى ذلك اليوم حين عرفنا أن جامعة القاهرة بصدد تسميم الكلاب داخلها، وصلتنى يومها مكالمة من فتاة داخل الجامعة فجمعنا فرق الإنقاذ وتحركنا إلى هناك وصورنا مقاطع فيديو داخل الجامعة وصعدنا القضية حتى عرف بها الجميع وتراجعت الجامعة عن قرارها واجتمعت مع جمعيات الإنقاذ وتوصلنا لاتفاق بإعقام الكلاب داخل الجامعة بدلاً من قتلهم كى لا يتزايد عددهم".
فى مقابل هذه السعادة يمر "أحمد" وغيره كثيرين فى مجال الإنقاذ لأزمات نفسية قوية تدفعهم أحيانًا للتفكير فى التوقف عن العمل فى الإنقاذ "عندما نجد الملجأ ممتلئ وغير قادر على استقبال المزيد من الحالات أشعر باليأس، وحين لا تصلنا أية مساعدات وننفق كل ما معنا من مال لعلاج الحيوانات وإطعامهم ولا نجد ما يكفى لإنقاذ المزيد، وكلما ماتت حالة أنقذتها أصاب بحزن شديد وأقرر الابتعاد ولو حتى لفترة ولكننى لا أتمكن من مقاومة مساعدة حيوان مصاب".
"شيماء": حبى للحيوانات وراثة.. عارفين إن البنى آدم أولى لكن الرحيم بالحيوانات رحيم بالإنسان
"ماما كانت بتدينى لانش بوكس ليا ولانش بوكس تانى للقطط فى المدرسة" من هنا اختارت "شيماء الجناينى" أن تبدأ حكايتها مع إنقاذ الحيوانات العالم الذى دخلته من طفولتها لأن أسرتها علمتها ذلك، وتضيف "فى البداية كنت أطعمهم بعدها بدأت أركز أن بعض القطط مصابة وبعضها بحاجة لعلاج وكنت أسأل أمى عن طريقة لمساعدتهم".
بعد أن كبرت قليلاً بدأت تربى الحيوانات فى بيتها فى البداية كانت قطة ثم عدد من الكلاب ثم اشتركت فى جميع مجموعات الإنقاذ على فيسبوك لتتمكن من تقديم المساعدة للحيوانات فى الوقت المناسب.
شيماء الجناينى
وبين عشرات القصص لحيوانات أنقذتها "شيماء" فى الإسكندرية هناك بعض القصص لا تفارق ذاكرتها أبدًا "لن أنسى أبدًا الكلبة التى رأيت صورة على فيسبوك لشخص قتل جرائها بقطعة خشب فيها مسامير، تأثرت جدًا بالصورة ولم أجد ما أفعله إلا أن أخذ الكلبة وأتبناها، وبالفعل نزلت للبحث عنها وأخذتها للبيت وبمجرد وصولى وجدت ضجة كبيرة والجميع يبحث عنها وقالوا إن شخص من خارج مصر يريد تبنيها والميديا اهتمت جدًا بالقصة".
لا تنس شيماء كذلك قصة الكلبة التى وقعت بين "البلوكات" الخرسانية على الشاطئ والتى تواصلت مع عشرات الجهات الرسمية لإنقاذها "الحماية المدنية استجابت لنا فورًا ولكنهم لم يتمكنوا من إخراجها ولجأنا لحرس الحدود وللمحافظة والجميع تعاونوا معنا لإنقاذها وقدموا لنا معدات غير مسموح بخروجها إلا بعد منتصف الليل".
شيماء مع الكلبة حبيسة البلوكات التى أنقذتها
لا تتوانى "شيماء" عن بذل أى مجهود لإنقاذ الحيوانات وتقول "ما يتردد عن أن الحماية المدنية لا تخرج لإنقاذ حيوانات فى مصر كما يحدث خارجها خطأ كبير، بالعكس دائمًا ما يتعاونوا معنا ويستجيبوا لأجل إنقاذ الحيوانات فى أسرع وقت ممكن".
أما أكثر ما يستفزها إلى جانب إيذاء الحيوانات هو ما تواجهه من انتقادات حين تبادر لإنقاذ حيوان "الناس بتهاجمنا وتقولنا البنى آدم أولى، إحنا عارفين كده لكن أنا ما اقدرش أنزل الشارع آخد طفل وأوديه بيتى لأن فى قوانين تمنع دا كل اللى أقدر عليه إنى أقدم له غطا أو أكل ودا بيحصل فعلاً إحنا بنساعد الأسر الفقيرة والأطفال فى الشوارع لكن فى إطار ما يسمح به القانون".
هاشتاج انت فاعل خير أطلقته شيماء مع أصدقائها لمساعدة الفقراء
عدد الردود 0
بواسطة:
سامي نبيل
فكرة لتقليل عدد الحيوانات الضالة
ممكن ان تتطوع مجموعة أخرى مع بعض البيطريين ويجمعوا الكلاب والقطط الضالة ويقوم الاطباء بتعقيمها حتى نقلل خطرهم على الاطفال والمشاة