راجعت كل حوارات البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية منذ تجليسه على كرسى مارمرقس الرسول بطركا للكرازة المرقسية فى 18 نوفمبر 2012، وفى كل مرة يُسألَ عن عدد الأقباط فى مصر يجيب متحرجاً 15 مليون مصرى بيقين أنه لا فارق بين مسلم ومسيحى، كلنا مصريين.
إلاَّ حواره الأخير على قناة TEN الفضائية، قطع البابا بالرقم واثقاً ورفده بإثباتات كنسية ليقطع الشك عند المرجفين باليقين. قال البابا للصديق عمرو عبدالحميد: «أى طفل مسيحى يولد يتم عماده، فيما يعرف بـ«سر المعمودية»، وبدون تعميد لا يستطيع أى شخص ممارسة الطقوس الكنسية، وأن الكنيسة لديها «عضوية» لكل من يتم عمادهم من الأقباط، ووفقا لهذا الإحصاء فإن عدد الأقباط حوالى 15 مليونا، وعدد مصر حوالى 100 مليون، وبالتالى فإن عدد الأقباط حوالى %15 من تعداد مصر».
الرقم الباباوى حتما سيثير حفيظة الإخوان والسلفيين والتابعين ومن لف لفهم من المغيبين، وسيحك أنوف المتربصين بالكنيسة، كثير منهم ينقمون على الأقباط ويستبطنون عداوة لبابا المصريين، ويبخسون أرقامهم، لو طالوا لهجروهم من بلادهم، وقبلا صدرت دعوات قميئة من منتسبين إليهم بطرد الأقباط أيام الاحتلال الإخوانى البغيض للبلاد.
بعيدا عن الإخوان والتابعين، الرقم البابوى يظل معلقا فى الهواء، الرقم يحتاج إلى تدقيق رسمى، ويستوجب إعلانه رسميا لقطع الطريق على المتربصين، ويقينى بالزيادة أو النقصان لن يغير من الأمر شيئا، استحقاقات المواطنة لا ترتهن بالأعداد، بين ظهرانينا 15 مليون مصرى قبطى فى وطن يسع مائة مليون مصرى، ليس مهما العدد المهم مخزون الوطنية، والمصريون الأقباط يتغنون باسم مصر، ويصلون من أجل مصر، ولم يقعدوا يوما عند عزف السلام الوطنى.
مفارقة يستوجب حسمها على أرضية وطنية، نسبة الـ15 فى المائة التى قال بها البابا تجاوز النسبة التى قال بها اللواء أبوبكر الجندى، الرئيس السابق للجهاز المركزى للتعبئة فى العام 2012، عندما أعلن أن عدد الأقباط فى تعداد 1986 نسبته 5.7 فى المائة من عدد السكان البالغ عددهم وقتها 82.1 مليون نسمة.
الجندى لم يعلن رقماً ولكنه أعلن نسبة، وامسك فيها المتعصبون، يقينا اختلف الرقم بزيادة عدد السكان، ولكن البعض لا يزال متشبثا بالنسبة المعلنة، وللأسف يبضعها الإخوان كل حين بإذن مرشدهم فى مواجهة أرقام الكنيسة، ويبنون على هذه النسبة المعلنة قبل 32 سنة بنايتهم فى بخس الأقباط حقوقهم المشروعة فى تمييز طائفى يستبطنونه ضد إخوة الوطن.
حجية الجهاز المركزى للتعبئة لعدم إعلان الرقم بأن خانة الديانة فى استمارة التعداد السكانى تكون الإجابة عليها اختيارية لا إجبارية، وبالتالى لم يتم وضع حصر كامل لعدد المسيحيين والمسلمين فى مصر منذ العام 1986، وجعل خانة الديانة اختيارية جاء تالياً بسبب إعلان الأمم المتحدة الذى يمنع الإحصاء على أساس دينى.
حجة الجهاز لا تقنع نفرا متربصا من الأقباط والمسلمين ويسببون الأسباب، ويعزو بعضهم الإخفاء إلى ما يستتبعه إعلان الرقم من مطالبات قبطية مستحقة وطنياً وليس طائفياً، خلاصته الحقوق القبطية يجب تنزيهها عن المحاصصة الرقمية البغيضة التى تتقفى الرقم كنسياً.
كيد الإخوان والسلفيين والتابعين للأقباط كان دافعاً لمطالبات طائفية لحوحة تؤشر عليها الأسئلة الموجهة عادة إلى البابا، لم يمر حوار بدون هذا السؤال، سؤال فيه سم طائفى قاتل، وعادة الإجابة واحدة، ولكن البعض يتعاطى مع الإجابة المكرورة على طريقة «بلى ولكن ليطمئن قلبى»!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة